لم يمهل العام 2014 الممثل التلفزيوني والسينمائي محمود سعيد يوماً إضافياً فيشهد صباح السنة الجديدة، بل حمله معه مثلما حمل الأيام والذكريات. رحل الممثل الفلسطيني الكبير الذي توزعت حياته الشخصية والفنية بين بيروت وعمّان فجر أمس، عن عمر يناهز ثلاثة وسبعين عاماً وأعمال تلفزيونية وسينمائية كثيرة احتلت مواقع الصدارة طوال عقود، لا سيما في الستينات والسبعينات قبل غزو الفضائيات العالم العربي، وذلك وفق ما نقلت صحيفة الحياة اليوم الأربعاء (31 ديسمبر / كانون الأول 2014).
ينتمي سعيد الذي شيّع في بيروت أمس، إلى جيل الممثلين الرواد الذين رافقوا ولادة «تلفزيون لبنان» وبعض الشاشات العربية، واكتسب خبرته عبر مراسه الشخصي وموهبته التي صقلتها الشخصيات التي راح يؤديها ويتطور معها كممثل هو ابن السليقة الحية. وهو مثل معظم الممثلين الرواد لم يدخل التمثيل من باب الدراسة والتخصص، بمقدار ما اتّكأ على فطريته وذكائه اللامع الذي كان يمهد له السبيل لأداء الأدوار المركبة وغير السهلة.
وكم تميز سعيد بصوته الرخيم والجهوري وملامحه السمراء ذات السمات البدوية وإطلالته اللافتة المشبعة بالسطوة. إلا أن سعيد لم يتلكأ عن مرافقة الثورة التلفزيونية الفضائية فظل يثابر على التمثيل في الملسلسلات الجديدة جاعلاً من نفسه ممثلاً مخضرماً. وكانت إطلالته بين الممثلين الشباب بارزة، بما يحمل من خصائص باتت نادرة اليوم.
اشتهر سعيد بدور خالد بن الوليد في فيلم «الرسالة» لمصطفى العقاد، علاوة على شهرته الكبيرة في دور «فارس» في مسلسل «فارس ونجود» الذي مثل فيه أمام المطربة سميرة توفيق في دور «نجود». وجذب هذا المسلسل في الستينات جمهوراً كبيراً كان ينتظر الحلقات أسبوعاً تلو أسبوع، في كثير من بلدان العالم العربي.
محمود سعيد الذي ولد في يافا في فلسطين عام 1941، وصل إلى لبنان في عمر السابعة مع أمه التي تتحدر من عائلة البني، دخل إلى «دار الأيتام الإسلامية» حيث تابع دروسه حتى المرحلة الثانوية، والتحق بمدارس «الأونروا»، ليدرس فيها حتى السنة الثانوية الثانية، ومن بعدها صار يشتغل على نفسه في الدراسة واللغة.
في ذلك الوقت، كان يتردد على دار الأيتام رئيس قسم المذيعين في «الإذاعة اللبنانية» شفيق جدايل لينظم عملاً مسرحياً في نهاية كل عام دراسي. هناك، اكتشف جدايل موهبة الطفل محمود في التمثيل والأداء، وصار يسند إليه أدوار البطولة في عدد من المسرحيات.
في 1959، لم يتردد الشاب المولع بالفن في خوض مباراة أجرتها «الإذاعة اللبنانية» لممثلين وإذاعيين. كانت اللجنة تتألف من إيلي ضاهر ووجيه ناصر ونزار ميقاتي ومحمد شامل وغيرهم، واختير محمود سعيد ليكون ممثلاً ومؤدياً في الإذاعة. ما أن سلك درب الفنّ، حتى أطلق على نفسه اسم محمود سعيد، وساعده أنّ القيّمين على برامج الإذاعة هم أهمّ الذين ابتدعوا الفن الإذاعي في العالم العربي، مثل عبد المجيد أبو لبن، وصبحي أبو لغد، وغانم الدجاني، وكامل قسطندي، وصبري الشريف. وتعلم اللغة ومخارج الحروف من هؤلاء، مستنداً إلى رصيد كبير من سماع تلاوة القرآن في بيته بصوت شقيقه.
في تلفزيون لبنان، كانت إطلالته الأولى عام 1961 بجملة «بدوية» وحيدة في برنامج «من وحي البادية» أسندها إليه رشيد علامة يقول فيها: «إنْ ما تْرِيدون النُّومْ غيركُمْ يْريدِ يْنامْ». وبين إطلالات في مسلسلات «أبو ملحم» إلى «حكمت المحكمة» و«مسرح الخميس» و«بيروت في الليل» وتقديم شخصيات مثل الإسكندر المقدوني وعمر الخيّام، راح رشيد علامة يختاره في أكثر من عمل لـ«تلفزيون لبنان والمشرق» مثل «سرّ الغريب» (1967) من إخراج أنطوان ريمي وإعداد السيناريست جلبهار ممتاز، وهو أول مسلسل باللغة العربية الفصحى. في تلك الفترة، كانت له مشاركات سينمائية في «عنتر يغزو الصحراء» (1960) و«غارو» (1965) و«صقر العرب» (1968) و«أسير المحراب» (1969) وغيرها. بعد فترة، سيصبح «تلفزيون لبنان» محوراً محلياً وعربياً، وسيعرض مديروه على محمود سعيد عقد «احتكار» لصالح المحطة، مقابل ثلاثة مسلسلات في العام الواحد. هكذا كرّت سبحة الأعمال التي أطلقته أكثر فأكثر محلياً وعربياً. وفي 1970، وصلت شهرة سعيد الى المغرب وشمال أفريقيا مع تأديته البطولة في مسلسل «التائه» المقتبس عن رواية إميلي برونتي «مرتفعات ويذرينغ». وحقق له هذا المسلسل المقدم بالعربية الفصحى نقلة كبيرة، خصوصاً بعد عرضه في شمال أفريقيا، حيث لاقى نجاحاً جماهيرياً.
بعد «التائه»، قدّم في برنامجه «من تراثنا» (1970) 18 شخصية تاريخية منها ابن سينا، والرازي، وابن خلدون، والفارابي. كما قدّمه أنطوان ريمي في مسلسل «السراب» مع زوجته هند أبي اللمع في إطلالتها الأولى، وجمعهما أيضاً في مسلسل «غروب»، إلى أن جاء المسلسل البدوي الأول في العالم العربي «فارس ونجود» (1974) الذي تقاسم فيه دور البطولة مع سميرة توفيق (إخراج إيلي سعاده عن نصّ لنزار مؤيد العظم). حقق «فارس» المسلسل، الشاب البدوي الأسمر، شهرة واسعة ظلت أصداؤها تتردد سنوات طويلة وأسّست لمجموعة أعمال تلفزيونية وسينمائية على النمط البدوي تلقفتها المحطات العربية.
عام 1976، قرّر المخرج السوري مصطفى العقاد تصوير فيلم «الرسالة» عن سيرة النبي محمد، وراح يختار شخصيات الفيلم من العالم العربي، فهمس له زميله على مقاعد الدراسة ومدير التلفزيون الكويتي محمد ناصر السنعوسي باسم محمود سعيد، فدعاه العقاد إلى لقاء في مكتبه في بيروت. لم يطلب العقاد من سعيد تقديم عرض تمثيلي، بل استمع إليه وهو يقرأ من سير الشخصيات التاريخية.
كذلك، شارك الراحل في مجموعة من الأعمال عن فلسطين منها المسلسل التاريخي الضخم «وتعود القدس»، وفيلم «فداك يا فلسطين». وعندما اشتعلت الحرب الأهلية اللبنانية، سافر إلى أثينا حيث أقام ثلاث سنوات، ثم إلى الأردن حيث أقام نحو خمس سنوات قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال التلفزيونية. أما في المسرح فشارك في أعمال مثل «المهرّج» لمحمد الماغوط، و«موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح وإخراج يعقوب الشدراوي، و«موقعة عنجر» إخراج نزار ميقاتي، و«موال الأرض» مع عايدة عبد العزيز.
ذكريات لا تنسى
نعم منتصف السبعينات ايام تلفزيون الأبيض والأسود لم تكن هناك الجمعيات ما تسمى حاليا الاسلامية ولم يكن هناك المجنسين كان البحراني الأصيل سوى يقطن في سترة او الحد او الزلاق يجلس ويشاهد المسلسلات الإبداعية كصح. النوم لغوار الطوشي او فارس ونجود وضحة وابن عجلان والاقدار ودرب الزلق لعبد الحسين عبد الرضا بينما الان أصبحت التقنية مع الأسف غم وهم من الأخبار المحزنة لطائفة
درازي
الله يرحمه برحمته الواسعة .. فعلا ممثل قدير ومحتشم في جميع ادواره وذو صوت جميل ومحبوب من الجميع كما انه له نظرة حزينة تترتسم على محياه كم اعتقد بسبب احتلال وطنه من قبل الصهاينة الأنجاس. اسكنه الله فسيح جناته. انا لله وانا اليه راجعون
رحمه الله وغفر لنا وله ....
الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى وليس بيد العام أن يمهل أو لا يمهل، والأعمار قضاء وقدر والإيمان به من أركان الإيمان في الاسلام...
صقر الخليج
الله يرحمه ويغفر له
الله يرحمه
كان فنان متميز وأدواره في منتهى الروعة والإبداع .. الله يرحمه