نظمت جمعيتا «الشفافية» و «الصحفيين» السبت الماضي ورشة عمل في منتجع إليت بالمحرق حول «حق الحصول على المعلومات»، بالتعاون مع منظمة «ايركس» (وهي منظمة دولية غير ربحية تسعى لتعزيز التعليم والإعلام، ودعم التدفق الحر للمعلومات من أجل التنمية الديمقراطية والاقتصادية وإشاعة الشفافية).
الورشة حضرها عددٌ من النواب (وفاق ومنبر) والصحافيين والنقابيين، وممثلي جمعيات سياسية وحقوقية، لمناقشة قضية «منع المعلومة» التي يتضرّر منها الجمهور وتعاني منها الصحافة كثيرا. فهناك بعض المسئولين يعتبرون المعلومات العامة «أسرارا خطيرة»، ويهبّ البرلمان لتغطية هذه المخاوف بسَنّ تشريعات تُجرّم نشر الموظّفين العموميين لأية معلومات أو إيصالها للصحافة... بل ويعتبر أولئك النواب ذلك القانون القمعي من إنجازاتهم الكبرى!
في النظم الديمقراطية اليوم... تُعتبر الحكومات مؤتمنة على ما تحت يدها من معلومات، ويُعتبر الجمهور مالك تلك المعلومات، وله حقٌ أصيلٌ بمعرفتها. وكلما توسّع نطاق حق الحصول على المعلومات كلما ساعد ذلك على إنفاذ القانون واحترامه، بالإضافة إلى تأثير ذلك في محاربة الفساد وتقليم أظافره.
النظم السياسية التي اعتادت على التكتّم ومنع وصول المعلومات والحقائق للجمهور، توفّر أفضل البيئات المناسبة للفساد، وبروز شرائح طفيلية تقتات على الفتات، عبر التزلّف والتسلّق وممارسة التطبيل. مثل هذه البيئة تحتاج إلى شفافيةٍ وحريةٍ لتداول المعلومات؛ وخلق حوارٍ اجتماعي وسياسي؛ والترويج لاقتصاد أكثر عدالة.
فيما يخص بلدنا، فإنه مدعوٌ قريبا للتوقيع على اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وتبنّي التشريعات والقوانين الدولية، بما فيها تعزيز حرية الإعلام والصحافة وحقهما في الحصول على المعلومات، بما يخدم الشعب وقضايا الوطن، وينوّر الرأي العام.
الندوة شهدت إشكالا غريبا، حين دافع نائبٌ سابقٌ عن المادة (12) من مشروع «حق الحصول على المعلومة»، التي تمنح وزير الثقافة والإعلام الحق لرئاسة الهيئة المرشحة لتلك المهمة، فكأنك يا زيد ما غزيت! وهو ما استنكره الأمين العام لجمعية «وعد» باعتبار تاريخ هذه الوزارة القديم والقريب، من منع نشر الكتب التي لا توافق المزاج الرسمي، انتهاء بإغلاق المواقع الإلكترونية، فكيف تكون وصية أو مؤتمنة أصلا على تنفيذ حق الحصول على الحقائق والمعلومات؟
الورشة استمعت إلى ريتشارد وينفيلد، الذي عمل مستشارا عاما لوكالة الأسوشيتد برس لمدة ثلاثة عقود، حيث تحدّث عن المبادئ والقوانين المتعلقة بحق الحصول على المعلومة. واستعرضت منظمة «برلمانيون يمنيون ضد الفساد» تجربتهم بخصوص إقرار القانون في اليمن الشقيق. وهي تجربةٌ قد تنفع النواب، لكنها لا تفيد الصحافة التي مازالت تعاني من منع المعلومات، فيضطر الصحافي إلى الاعتماد على نفسه وركوب المغامرة للحصول على المعلومات من مصادر قد تتعرّض للعقاب أو الفصل والترهيب.
الصحافة لها تجاربها الخاصة في هذا المجال، فهناك قضايا كبيرة كان يراد لها أن تبقى في الظل، استطاعت أن تحوّلها إلى قضايا رأي عام، وتركت تأثيرها على مسارها. فشوتٌ لا تقل مساحتها عن ربع مساحة البلد، كانت معروضة يوما ما للبيع، ولولا دخول الصحافة على الخط لتمّ بيعها وتصفيتها وتحويلها إلى أموالٍ سائلةٍ في البنوك.
الورشة تحلم بإقرار حق الحصول على المعلومة، والصحافة تحلم اليوم بتركها تعمل، بعدما باتت تخضع لضغوطٍ شديدةٍ لمصادرة دورها ومنعها من الحديث، وإسكاتها عن تناول قضايا كبرى مثل تدمير السواحل والخلجان.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2468 - الإثنين 08 يونيو 2009م الموافق 14 جمادى الآخرة 1430هـ