العدد 4494 - الجمعة 26 ديسمبر 2014م الموافق 05 ربيع الاول 1436هـ

الكتب العشرة الأولى على قائمة «نيويورك تايمز» للعام 2014

الرواية... الشيخوخة... اللقاحات... والانقراض السادس

شأنها شأن الصحف الأميركية الكبرى، والصحف العالمية، للأدب حصّته عندها من استباق حصاد أوشك على الأفول، مع اقتراب نهاية العام 2014، ومن خلال إحدى وحداتها المعتبرة لدى المهتمين والباحثين وزملاء المهنة «نيويورك تايمز بوك ريفيو»، قدّمت الصحيفة الأميركية الأشهر، والأكثر رصانة، يوم الخميس (4 ديسمبر/ كانون الأول 2014)، من خلال محرري الوحدة في الصحيفة قائمة بأهم عشرة كتب احتلت قبل ذلك مكانتها على قائمة الكتب أكثر مبيعاً - بالضرورة - لأسباب المعالجات، والأساليب الفذَّة التي طبَعَتْهَا، والعمق الذي لازَمها.

قائمة الكتب تنوَّعت موضوعاتها وتناولاتها، وتراوحت بين الرواية، والشيخوخة والخَرَف، والخوف من اللقاحات، والسيرة الذاتية، والانقراض الجماعي السادس، بفعل التغيّر المناخي في الأرض، كما أسْمَتْه إليزابيث كولبرت، والسيرة هذه المرة أيضاً، ولكن من خلال واحد من أهم وأخطر الملفات التي ارتبطت بالحروب والصراعات الطويلة التي لازمت منطقة الشرق الأوسط، بالإنجاز الذي حققه الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، من خلال اتفاقية كامب ديفيد للسلام، بين مصر و «إسرائيل»، بحضور ممثليْ الدولتين، الرئيس المصري أنور السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، مناحيم بيغن.

لم تكتفِ «الوسط» فقط بقائمة «نيويورك تايمز بوك رفيو»؛ بل إلى جانبها قائمة «أمازون»، وعدد من الصحف البريطانية، لتقديم نبذة مختصرة عن الأعمال التي دخلت القائمة قبل نهاية العام 2014.

«الأضواء التي لا يمكننا رؤيتها»

تصدّرت رواية «الأضواء التي لا يمكننا رؤيتها» لأنتوني دوير القائمة. مع ما تتسم به الرواية من فصول سريعة ولغة فخمة، تتقصّى شخصيتين رئيسيتين تلعبان الدور، وبينهما التشخيص للقيم وحالات التعرية والتقديم التي عالجها دورير. يدور فضاء الرواية في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. الشخصية الأولى: ويرنر، يتيم ألماني يتمتع بموهبة إصلاح أجهزة الراديو، يتم تجنيده في صفوف النازية، تقوده الأحداث للانتقال إلى الضواحي النائية من روسيا، وصولاً إلى سان مالو؛ إذ يتقاطع دربه مع الشخصية الثانية في الرواية: فتاة فرنسية عمياء (ماري لوري)، تعيش مع والدها، وعند قيام الألمان باحتلال باريس، يهربان إلى سان مالو على ساحل بريتاني، وتنضم إلى المقاومة، لتتشابك حياتهما بشكل لمّاح وذكي.

في الرواية معالجة لقضايا البقاء على قيد الحياة، والتحمّل والالتزامات الأخلاقية في زمن الحرب. الرواية علاوة على أنها دقيقة ومذهلة، وتكتنز بالعبقرية، فهي لافتة، كما أنها فذة وفيها من التسلية الكثير بمساحات القص فيها.

«قسم التكهُّنات»

تخطو جيني أوفيل في روايتها الثانية «قسم التكهّنات» بتعقُّل، وتجمع بين ما هو بمثابة الشظايا، الملاحظات، التأملات، ووجهات النظر المختلفة لرسم مسار زواج مضطرب. الرواية تبدو ممتعضة ومدمِّرة على قدم المساواة، وهي كما المرآة المتصدّعة توزع الضوء في كل اتجاه، ويمتد ذلك إلى الموسيقى، الأدب، العلم، الفلسفة، الزواج والأمومة والجحود، والحب، وقسوة الحياة المحلية.

فيها أيضاً جزء من رثاء، وجزء من صرخة بدائية. إنها تجسيد للأداء العميق والمبهج بشكل غير متوقع.

«إيبوريا»

رواية «إيبوريا» للِيلِي كينغ تستحتضر وتستجلي، قصة الأنثروبولوجية، مارغريت ميد، التي قامت في العام 1933، برحلة ميدانية إلى نهر سيبيك في غينيا الجديدة مع زوجها الثاني. التقيا وتعاونا مع الرجل الذي سيصبح زوجها الثالث فيما بعد. استقت كينغ تفاصيل روايتها من حدث واقعي، وأبدعت من خلالها الرواية الرائعة، وهي الرابعة في سيرتها، وتتناول المكافآت وخيبات الأمل التي لا يسْلم منها الطموح، والرغبة الجسدية أيضاً؛ والنتيجة هذه التوليفة الذكية، في حكاية حسيّة قيلت وسُردت بمزيج متوازن من الدقة والدفء.

«حياة العائلة»

رواية «حياة العائلة»، لأخيل شارما، تبدو مختزلة في عدد سطورها، ولكنها تنتقل بنا لتحكي قصة من مدخل السيرة الذاتية لعائلة تهاجر من الهند إلى كوينز؛ حيث بدأت للتو بناء حياة جديدة، في وقت يعاني ابنها الأكبر من تلف حاد في الدماغ جراء حادث وقع له في حمّام للسباحة. سنجد فقدان رباطة الجأش، والعمق الرائع لوفاء العائلة أيضاً.

تضعنا الرواية في صورة الحزن ومشاهده، ذلك الذي يجعل الأبوين - في كثير من الأحيان - غير قادرين على تدليل الابن الآخر في تربيته. تشير الرواية إلى الحب الذي يصبح قاسياً ومشوهاً، للدرجة التي يبدو وسط كل ذلك وكأنه اختفى في خضمّ حال من الحداد.

«إعادة الانتشار»

باثنتي عشرة قصة قصيرة التي تكوِّن «إعادة الانتشار» لفِيل كلاى، الذي يأخذ بنا إلى الخطوط الأمامية للحرب في العراق وأفغانستان، هنالك يمكن الوقوف على الآثار والتداعيات عن قرب. تطلب الرواية من القارئ؛ أو هكذا يجب، أن يفهم ما الذي دار هناك، كما يقودنا كلاى إلى معرفة ما الذي حدث للجنود الذي عادوا من الحرب.

نوعية القصص تلك، تضيء مزيجاً معقداً مما يشبه التناقضات والاختلافات الحادة مثل: الرتابة؛ البيروقراطية الرفاقية، العنف، الخوف، العجز، وأيضاً محاولات البقاء على قيد الحياة، تلك التي تتمثل في حياة جندي في حالة حرب، دون أن تفوتنا تفاصيل تزخر بها مشاعر العزلة... الندم ... اليأس والشعور بالذنب، تلك التي تظل رفيقة، وظل الجندي بعد العودة إلى الوطن.

إنها قصص الصراع والكفاح من أجل وضع حد للفوضى والخروج منها، على الأقل الفوضى؛ وحتى الفوضى الشخصية لأي منا.

إنها الدرس العميق الذي يذكّر الناس بالأثر الذي تخلّفه الحروب على أرواح الناس.

«أيمكننا الحديث

عمّا هو أكثر إبهاجا؟»

كما تبيّن الرسوم، فهي مُصمَّمة خصيصاً لحماقات الشيخوخة والمرض والخَرَف. في مذكرات روز چاست المدمرة والسامية في الوقت نفسه «أيمكننا الحديث عمّا هو أكثر إبهاجاً؟»، نقف على الأعمال الدرامية وعدد من التفاصيل المتكررة، التي تجد فيها تعبيراً مثالياً في بلدها برسْم ووصف للسلوك الغريب. تقديم صورة وصفية في مساعدة والديها توجيهاً للسنوات الأخيرة من حياتهما. صورة احتواء فوضاهما والتشويش الذي نقف على تفاصيلهما في شقة بروكلين، مروراً بالحصول على مقعد يمين الطاولة في دار لرعاية المسنين. لا أحد لديه آباء مثاليون، ولا أحد يمكنه وضع كتاب مثالي عنهم. ولكن چاست تكاد تقترب من كل تلك التفاصيل.

«عن الحماية: اللقاح»

«يبدو أن الشعر قد أصبح غير مرئي بشكل دائم. المفاجأة الوحيدة في ذلك هي أنني يجب أن أنزعج جداً بشأن براءات الاختراع».

الأسترالي ريتشارد فلاناغان صاحب رواية «الطريق الضيق إلى الشمال العميق»؛ الفائز بجائزة مان بوكر للعام 2014؛ تحوي روايته ملحمة جميلة من الحب والشعور بالوحدة.

محرر قائمة «نيويورك تايمز بوك ريفيو» والذي له مطلع الكلام في التقديم، أشار إلى أن «الكتاب الوحيد الذي كنت أريد أن أقرأه ضمن القائمة هو كتاب فيتزجيرالد. يبدو ذلك رائعاً»!

في هذا المزيج الفاتن من المذكرات والصحافة والعلوم والنقد الأدبي، تخبرنا إيولا بيس عن الخوف من اللقاحات. تخبرنا عن القلق الأكبر التي ينطوي عليه النقاء، التلوث والاعتماد المتبادل. بحث الكتاب عميق ومترسخ، استمدّه من تجارب بيس الخاصة كأم جديدة. كتاب ذكي بشراسة، وهو في حد ذاته لقاح ضد العلم المصطنع والسيئ، والخرافات، وهو تذكير لنا، بأن ندين حياة بعضنا بعضاً.

«بينيلوبى فيتزجيرالد: الحياة»

تقبض هيرميون لي من خلال السيرة الذاتية التي كتبت ببراعة، وتتناول معجزة العاملة الأصيلة، الروائية الإنجليزية بينيلوبي فيتزجيرالد، على إشعاعات من الحياة والأوقات بعيدة المنال. هي مؤلفة صور مُتقنة لحياة كل من فرجينيا وولف، ويلا كاثر، وإديث وارتون. يكبرْن النساء وهن غارقات ومتوحدات بالأدب، ولكن تقلبات الحياة تنحرف بهن.

فيتزجيرالد التي نشرت كتابها الأول وهي في الثامنة والخمسين عاماً، لم تصبح مشهورة إلا عند بلوغها الثمانين من العمر. لكن عملها الخيالي، عندما ظهر أخيراً، كان مفعماً بقوة مكتنزة واندفاع شديد، كما لو أن الانتظار لعقود طويلة كان بمثابة توضيح لما ستكشف عنه بلوّرة السحر التي تمتلكها طبيعة أعمالها.

«الانقراض السادس:

التاريخ غير الطبيعي»

تقارير إليزابيث كولبرت تأتي من الخطوط الأمامية للاصطدام العنيف بين الحضارة والنظام البيئي لكوكبنا.

في دراستها لتاريخ الحياة على الأرض، تستنتج كولبرت بأننا نعيش الفناء الجماعي السادس، بفعل التغيّر المناخي في الأرض، والذي هو من صنع البشر. من صنْعِنا.

هو كتاب سفر أيضاً إلى بعض المناطق النائية في العالم، بمحاولة تدرس فيها التهديد الذي هو من صنع الإنسان بالتغيّر الذي يطرأ على المناخ، والطريق إلى القضاء على ما بين 20 و 50 في المئة من جميع أنواع الكائنات الحية على الأرض في القرن الذي نشهد. كتاب بيئي في أشد مستويات صرامته وغناه بالتفاصيل.

«ثلاثة عشر يوماً في سبتمبر: كارتر، بيغن والسادات في كامب ديفيد»

في البدء يجب معرفة أن الصحافي والكاتب لورانس رايت، حصل على أكبر جائزة في الصحافة الأميركية «بوليتزر»، وهي بمثابة «نوبل الصحافة»، إذا جازت التسمية. يعود بنا لورانس في كتابه إلى العام 1978، وتحديداً في كامب ديفيد، وما يتجاوز 13 يوماً بين ثلاثة زعماء سيعملون عبر اتفاقهم على تغيير إيقاع الحروب ودوي المدافع في أكثر المناطق سخونة في الشرق الأوسط، إن لم يكن في العالم، وهم: أنور السادات، مناحيم بيغن وجيمي كارتر، في سعي للتوصل إلى سلام بين مصر و «إسرائيل»، وهو الإنجاز الأكبر والأعمق للخروج من؛ أو على الأقل تحييد الصراع في المنطقة.

التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل ومصر يبقى الإنجاز الدبلوماسي الأكثر عمقاً بالخروج من الصراع في الشرق الأوسط، وبالنسبة إلى كارتر نفسه، بتحقيق نتائج تلك المحادثات لأشهر اتفاقية سلام منذ احتلال فلسطين في العام 1948. ولن تكون مبالغة القول، إنها لا تقلُّ أهمية عن النتيجة التي حققها الرئيس الأميركي جون كنيدي فترة ستينيات القرن الماضي باحتواء ما عُرف بأزمة الصواريخ الكوبية، التي بدأت في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 1962، حين التقطت طائرات U-2 للتجسس التابعة إلى «CIA» صوراً لصواريخ يتم تركيبها في كوبا من قبل الاتحاد السوفياتي. بعد يومين (16 أكتوبر)، بدأت أزمة الصواريخ الكوبية؛ إذ كانت مُعدَّة للانطلاق باتجاه الولايات المتحدة، وقادرة على حمل رأس نووي؛ ما يشكّل خطراً على الولايات المتحدة، وتم احتواء الأزمة من قبل كنيدي.

تحضر السياسة والتاريخ، وبذكاء، الدراما هناك أيضاً، بتتبّع الشخصيات الثلاثة، وتداخل حكاية المؤامرة القائمة، مع الكوميديا السوداء. فيها درس الإصرار الذي ذهب بكارتر حتى الشوط الأخير لتحقيق ما اسماها بأكثر «الخطوات شجاعة».

العدد 4494 - الجمعة 26 ديسمبر 2014م الموافق 05 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً