العدد 4494 - الجمعة 26 ديسمبر 2014م الموافق 05 ربيع الاول 1436هـ

أرض لا تنبت الزهور

عرض مسرح الصواري علي صالة مدرسة الشيخ عبدالعزيز آل خليفة بالعدلية مسرحية «أرض لا تنبت الزهور» من تأليف الكاتب محمود دياب وسينوغرافيا وإخراج خالد الرويعي. المسرحية تروي قصة انتحاز الزباء ملكة تدمر بعد أن غرقت في وحل من الدم بقتلها جذيمة ملك الحيرة بطريقة ماكرة حيث دبرت له زواجاً خادعاً منها وحين وصل جذيمة اكتشف الخديعة وأدرك أنها حفلة ذبح لكن الأوان كان قد فات حيث بات وجهاً لوجه مع معشوقته وقاتلته الملكة صاحبة الغرائب والعجائب الزباء التي شفت غليلها بأخذها بثأر أبيها ملك تدمر الذي كان جذيمة قد قتله بعد استدراجه في خديعة مماثلة. وإذ يعلم شعب الحيرة بمقتل ملكهم جذيمة علي يد الملكة الماكرة يثورون مطالبين خليفته وابن أخته الشاعر والملك الجديد عمر بن عدي بأخذ ثأر خاله بتحريض من وزيره قصير الذي يثير العامة ويلهب مشاعرهم للمطالبة بثأر ملكهم المغدور. غير أن الشاعر الشاب الذي يتمكن من دخول قصر الزباء خلسة تخونه جرأته بعد أن يستلّ خنجر انتقامه لقتلها فيتراجع في لحظة التقاء الشعر بالجمال مأخوذاً بجمالها وقوة سحر شخصيتها من جهة ومنحازاً إلي ذاته كشاعر من جهة أخرى ليتحول عطشه للانتقام إلي عطش للحب. غير أن زهد الزباء في الملك وفي الحياة برمّتها يدفعها لرفض عرضه عليها بالزواج الذي أراده عمرو بن عدي زواجاً ينهي محنة شعبي تدمر والحيرة ويحول علاقاتهما من الحرب إلي التعاون والحب.

وتكاد تبدو النهاية التي صاغها مؤلف النص محمود دياب مفارقة وغير متوقعة. ذلك أن إلتقاء رغبة شاعر شاب مكره علي عمل انتقامي لا يريده برغبة ملكة شابة سئمت الخوض في بحر من الدم وتسعي إلي السلام مع الذات، كان يجب أن يقود إلي نهاية مختلفة لعلها ستكون أقرب إلي اقتراح الحب الذي قدمه عمرو بن عدي لينقذ الملكين والشعبين. ولعل المخرج لو لم يلتزم حرفياً بنص المؤلف لقاده منطق الأحداث إلي هذا المنحي وربما لترك المملكتين، تدمر والحيرة، برمّتهما والهروب إلي المملكة الخالدة التي لا تفني وهي مملكة الحب. لقد بدأ انتحار الزباء في النص الأصلي وفي العرض، إذا صح التعبير متأخراً عن وقته حيث جاء في الوقت الذي كان زهدها في حياة الملكة وقرفها من دم لا يتوقف عن الجريان قد بلغ مجده الحقيقي بلقائها بشبيهها وهو ملك جميل شاب هو الآخر يحب الشعر أكثر من الملك ويقدم لها عرضاً للحب بدلاً من السلطان. وكانت النهاية في تصوري بهروب ملكين عاشقين تاركين مملكتيهما تغرقان في وحول الدم مستبدلين الدولة بالعشق سيعطي العمل نهاية أجمل بكثير من انتحار بائس ويائس نزل بمنحني العرض في رأيي إلي حد بعيد بدلاً من أن ننتهي في ذروة كانت ستكون أكثر روعة لو كان ثمة قراءة خاصة غير أمينة حرفياً وغير ملتزمة بحرفية نص محمود دياب.

صحيح أن خالد الرويعي كان مرناً في حذف حوارات وأحداث وشخصيات بحسب ما تفرضه مساحة ووقت العرض وربما ضرورات أخرى لا نعرفها، لكني أتحدث عن رؤية كان من الممكن أن تصاغ لختام العرض بتحويلها إلي أرض كان يمكن أن تزهر.

لن أعلق علي سينوغرافيا العرض التي لستُ من أهلها لكن هذه فقط ملاحظاتي علي الرسالة العامة للعرض والذي بالمناسبة علي أن أشير إلى أنه تميز بالجمال والروعة والإبهار وكان قادراً علي شد أنظار مشاهديه بلا انقطاع برغم ما ذكرته من ملاحظات. شكراً لمسرح الصواري ولجميع فريق العرض.

العدد 4494 - الجمعة 26 ديسمبر 2014م الموافق 05 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً