أعلن تنظيم «داعش» بأنه أحبط محاولة انقلاب بداخله. باختصار فإن أربعة من عناصره يتحدثون اللغة التركية، يحملون أفكاراً دينية أكثر تطرفاً من تلك التي يؤمن بها ويُطبقها التنظيم، قرروا حمل السلاح ضده في مناطق سيطرته في سورية والعراق.
نصّ البيان الصادر عن التنظيم في ولاية الرقة السورية بأنه قد تمَّ «القبض على خلية من الغلاة خططت للخروج على دولة الخلافة، هدفها زعزعة الأمن» داخلها «تمهيداً لضربها من قِبَل الصليبيين (ويقصد بهم القوات الأميركية وحلفائها) والجيش الحر (الذي يُسمّيه صحوات عميلة) والنظام النصيري (ويقصد به النظام السوري الذي ينسبه للعلويين).
اعترافات أولئك الغلاة، كما في التسجيل الذي بثه «داعش»، أظهر أنهم «قرّروا مقاتلة التنظيم كونه تنظيماً كافراً» لأنه «لا يُكَفِّر الشعبيْن السوري والعراقي»! ولأن زعيمه إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي المعروف بأبي بكر البغدادي، يأخذ الأموال ويقبل التبرعات من شعب كافر، وبالتالي فهو كافر أيضاً حاله كحال المُكفَّرين!
كثيرون قد يتعجبون مما أعلنه تنظيم «داعش»، لأنهم لم يفكّروا مطلقاً بأنه يوجد أو يأتي مَنْ هو أكثر مغالاة منها. فعمليات الذبح بالسَّكاكين، وسَبْي نساء المسيحيين والأزيديين والطوائف الأخرى، واعتبارهن جواري وغنائم يحق بيعها، اعتُبِرَ من قِبَل الكثيرين أنه أقصى ما يمكن أن يصل إليه التطرف في العالم، وأعلى ما قد تصله القسوة فيه.
لكن الحقيقة، وحسب اعتقادي، أن ذلك الأمر ليس بغريب وذلك لسببين:
الأول: إن الساحات المفتوحة للصراعات، لا تُنتِجُ أبداً مؤشرات تنازلية في حجم القتل والتدمير، بل إن الروح العدوانية فيه تنجر إلى أقصى ما يمكن أن يُقدَّم إلى ذلك المشهد، والتغلغل فيه كما يفعل الدم في العروق. فذلك الجموح لا ينتهي إلاَّ بانتهاء عمره الافتراضي، القائم أصلاً على ما هو متاح من وسائل مادية، وزخم ضغائني يرفده كل حين. وهو أمر متروك إلى ميزان القوى على الأرض وما هو مُتَّبَع من سياسات معالِجة له.
بل إن أغلب تاريخ الحروب كان يُثبت أن النصر والهزيمة لم تكونا في مرحلة من المراحل غاية أساسية لها عندما كانت الخسائر فلكية في حجمها، بل إن الرغبة في الانتقام كانت مُقدَّمةً على النصر. كان ذلك يظهر بالتحديد في الحروب التي زالت من أمامها حدود الدول والموازين السياسية (سلوك الجيش الأحمر في ألمانيا بعد هزيمتها مثالاً).
الثاني: إن طبيعة التطرف هي في جوهرها حادة ونهائية، وبالتالي فإن المتطرفين وكلما مخروا في تطرفهم، هم ليسوا في وارد الإحساس بِغِمائِه، بل يعتقدون أنهم في حالة تقصير تجاه المُثُل التي يؤمنون بها. لذا، فإن جميع الحركات التي سَرَى إليها التطرف، كانت تسير بلا فرامل نحو أهداف بلا سُقُف، وبالتالي فإن التطرف لديها هو من دون نهاية.
بالتأكيد، فإن ذلك التطرف يُصبح أكثر خطراً عندما يكون تطرفاً دينياً. فالدِّين كونه مجموعة من المعتقدات تهدف إلى تفسير غايات مفتوحة تتعلق بالكون والفناء، يُصبح حيزاً طِلقاً أمام المتطرفين، كي يخوضوا فيها كيما اتفق، بهدف الوصول إلى الكمال والرضا الذاتي الذي يعتقدون به، حتى ولو انزلق أولئك في الجنون والعدمية السوداء.
أمامنا تجارب مهمة في التاريخ الإسلامي البعيد، بل وحتى في التاريخ القريب جداً حيث الجزائر خلال عقد التسعينيات. فبلد المليون شهيد نهشت في لحمها وخلال عشرية حمراء جماعات دينية متطرفة، حتى قتلت 200 ألف جزائري في 6040 عملية قتل إرهابية، مات فيها الصغير والكبير والشاب بطريقة بشعة.
لقد وصل الحال بأولئك المتطرفين لأن يتلذذوا بذبح الناس خلال شهر رمضان المبارك، إيماناً منهم بأن ذلك عملٌ يُقرِّبهم إلى الله. وكان الضحايا يُنسَبون إلى الكفر بالتبعية الجُدُديَّة، إن كانوا أولاداً لموظفين مدنيين أو عسكريين أو حتى متعاملين مع الأجهزة الرسمية، كونهم يتعاملون مع دولة كافرة، ومَنْ يتعامل مع دولة كافرة فهو كافر، فضلاً عن العمل في مؤسساتها، بعد أن أصدر عنتر الزوابري فتواه المشهورة «الأوامر الأسمى في إزالة المنكرات العظمى»، وهو بالضبط ما قال الغلاة من خلية «داعش» المُعلَن عنها.
كما أن هذه العملية الممتدة، مع تراكم التطرف سلوكاً وإيماناً، عادةً ما تأخذ شكل التناسل التنظيمي في الجماعة الواحدة، حيث تعجز الأخيرة عن ضبط التعاكس الفكري والثقافات النّديّة والميول المتباينة والمصالح المختلفة، نتيجة اختلاف مشارب المنتمين إليها، فتنشأ على يمينها حركات صغيرة في بدايتها لكنها ما تلبث أن تتعاظم في حجمها عندما تتحوَّل إلى وعاء حامل للأفكار الجديدة الأكثر تطرفاً.
هذا الأمر هو الذي حصل في سورية بالضبط، حين ظهرت على يمين الجيش الحر حركات معارضة جديدة أكثر تشدداً منه، إلى أن وصل التتابع إلى ما هي عليه الآن حيث «داعش». اليوم، تبدو «جبهة النصرة» أقل تشدداً من «داعش»، و»أحرار الشام» أقل تشدداً من «النصرة»، و»لواء شهداء بدر» أقل تشدداً من «أحرار الشام»، وهكذا دواليك. وهو أمر حصل في الجزائر أيضاً ما بين زيتوني والزوابري وحطاب وميلود حبي وعلي بن حجر.
في المحصلة، وأمام هذا المشهد المركَّب، لا نستغرب ونحن في هذا الفضاء المفتوح للتطرف، أن نرى نسخاً أخرى لداعش أكثر تشدداً منها. ربما أس 1 أو أس 2 وربما أس 100 كذلك.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4494 - الجمعة 26 ديسمبر 2014م الموافق 05 ربيع الاول 1436هـ
يا عمي , أي داعش
داعش ما هي الا امتداد لاولئك الاوائل الذين جاءوا قبل اكثر من ظ،ظ£ظ¥ظ سنة وما بسر بن ارطاة ومعاوية و يزيد وال امية الا اللبنة الاولى للدواعش الحاليين , ومن ينكر ذلك فهو اعمى بصر و بصيرة , أقرأوا معركة الحرّة و لا اقول كربلاء كي لا يتهمنا بليد باننا طائفيون .
علي جاسب . البصرة
يجب
يجب دعم التحالف العربي الغربي لقتال هذا الوباء الداعشي البغيض الذي يريد ان يقتل الجميع
داعش و حالش
داعش و حالش هم أعداء الأمة العربية و الاسلام العربي الأصيل الخالي من خزعبلات الموالي
داعش وحالش وزائر رقم 6
أخي زائر رقم 6 مصطلحات الإسلام (العربي الأصيل) وخزعبلات (الموالي) واضحة وضوح الشمس بنفسها الطائفي وهذا النفس هو أصل البلاء الطائفي والتمييز لمن تربى عليه، ولهذا يقول المفكر الشيخ محمد الغزالي :"ابتلينا بأناس يعتقدون بأن الله لم يخلق غيرهم. وكأنهم هم الإسلام الأصيل وكأنهم ضمنوا الجنة وغيرهم في النار"، حالش مصطلح موازي لداعش.. لكن الأول تهمة مبطنة يروجها الإعلام بلا أدلة، والثانية واقع جريمة عالمي يكيد للإسلام الشر بل ويعادي كل الإنسانية.
لا حول ولا قوة إلا بالله
لو تلتحم حميع الشعوب،العربية والاسلامية مع حكوماتها لمواجهة هذا التطرف والوباء للقضاء عليه ولافشاء السلام