كثيراً ما يجفل بعضنا لردة فعل أحدهم تجاه موقفٍ أو شيءٍ ما نحن جزءٌ منه، نجفل حين نجد الآخرين لا ينتقون كلماتهم أو ردود أفعالهم، فللكلمة قوةٌ كالرصاصة، وربما أكثر في بعض الأحيان.
وهنا يمكنني استحضار إحدى الحكايا التي مررتُ بها قبل فترة، إذ يحكى أن أحد الملوك رأى بمنامه أن كل أسنانه تكسرت، فأتى بأحد مفسري الأحلام وقصَّ له ما رآه، فقال المفسر: أمتأكد أنت؟ فأجابه الملك: نعم، فقال له: لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا يعني أن كل أهلك سيموتون أمامك!
فتغير وجه الملك وغضب على الفور وسجن المفسر، ثم أتى بمفسر آخر فقال له نفس الكلام فسجنه أيضاً، فجاء بثالث وسرد له حلمه، فقال المفسر: أمتأكد أنك حلمت هذا الحلم أيها الملك؟ فأجابه: نعم، فقال المفسر: مبروك يا ملكنا! فرد الملك باستغراب: ولِمَ المباركة ؟؟!!
فقال المفسر مسروراً: تأويل الحلم أنك ستكون أطول أهلك عمراً، فقال الملك مستغرباً: أمتأكد؟!
فقال نعم، ففرح الملك فرحاً شديداً وأعطاه هدية!
ولو أن الملك بالفعل هو أطول أهله عمراً، أليس من الطبيعى أن أهله سيموتون قبله؟
لكن معرفة كيفية نقل الأمر واستخدام الكلمات المناسبة كان هو الفارق.
وكذلك نحن أحياناً نتفوه ببعض الكلمات ونندم لأننا اخترنا هذه الكلمة دون الأخرى، بل وأحياناً ننزعج جداً من كلمة تقال لنا من أقرب الناس إلينا، ونشعر بالإهانة أو الضيق أو السخف في بعض الأوقات! كما أن هنالك بعض الناس ممن يؤولون الكلمات وطريقة قولها حتى تلك التي تبدي إعجاباً بشيء ما، حين لا تكون الكلمات منتقاة بشكل جيد، فيظنون أن من أمامهم يحسدهم أو ينظر لما معهم بعين الراغب به، بل وأحياناً يخشى أحدهم أن يقول أي شيء لأن من أمامه لا يختار كلماته المناسبة فيتحاشى التعامل معه.
هذا الأمر مهم في الحياة العامة الاجتماعية كأهميته في الحياة العملية أيضاً، فكثيراً ما نجد بعض المسئولين يفضلون التحدث إلى موظفين بأعينهم للباقتهم ومعرفتهم باختيار الكلمات المناسبة للظرف المناسب حتى عندما ينتقدون أمراً أو قراراً ما لمسئوليهم، فيما ينفر بعض الموظفين من زملائهم لعدم احتمالهم للطريقة التي يتحدثون بها حين لا يجيدون اختيار كلماتهم.
الكلمة قد تنقذ أحدنا من مكروه محتم، وقد تكون سبباً في خيرٍ ومفاجآت سارة لم تخطر لنا على بال.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4494 - الجمعة 26 ديسمبر 2014م الموافق 05 ربيع الاول 1436هـ
قارئة
تسلم الأنامل الي كتبته حبيبتي هذا مابقال (الطيب غلب الطبيب )
علاء الدين.
احسنتم للمقاله ليتعلم البشر حسن الكلام وبشرو ةلا تنفرو بارك الله لكم
شكراَ على هذا المقال الرائع
الم ترى خطب الجمعة الشيعة دائماً تقرئ من على الورق، حتى لا يقعوا في الخطء .
في الصميم
الكلام المعسول يخرج الافعى من الجحر...
التأني في اختيار الكلمات أمان من الزلل فلرب كلمة اشعلت حرب والتاريخ يشهد بذلك -
شكرا استاذة سوسن
الله ... الله
مقال رائع بحق ..
كلمة حق .. المقال هذا أفضل عندي من جريدة بعض الناس بكبرها ...
شكرا
كلام جميل وذو فائده .....رب ضارة نافعه