العدد 4493 - الخميس 25 ديسمبر 2014م الموافق 04 ربيع الاول 1436هـ

«أنا عطيتك ويه أكثر من اللازم وانت ما تستاهل»!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

صدق الإعلامي علي نجم، ذلك الشاب اليوتيوبي الذي يناقش هموم الناس ومشكلاتهم الاجتماعية بشكل بسيط وسلس، عندما تكلّم عن الكرامة وعن إعطاء النّاس الكثير، وفي المقابل بعض النّاس يستغلّون هذا العطاء في التشهير والقذف والإهانة!

للأسف هناك أناس «نعطيهم ويه أكثر من اللازم وهم ما يستاهلون»، وقد تجدهم في العمل أو في جلسة مع الأصحاب أو حتى داخل البيوت، والمحك الرئيسي لإيقاف هؤلاء لا يتأتّى بالسكوت عنهم، بل يتأتّى بقول الحق والرد عليهم، فهم ليسوا بأحسن من الآخرين.

وقد تكون العلاقة قديمة وقويّة ليس لأنها متكافئة، بل لأنّ أحدهم سكت عن حقّه في الرد، والآخر استغلّ الموقف في الضغط و«التعيير» والتجريح، وهذه العلاقة ليست صحيّة، فأحدهم يشعر بالظلم والمهانة، والآخر يشعر بالقوّة والاستبداد، وهيهات أن تتساوى علاقتهم بعلاقة الاخوة والأحباب.

ليس هؤلاء فقط، فهناك أحبّة يعانون الأمرّين من أحبابهم، إذ الأحبة يقدّمون الكلام الطيّب وحسن الخلق، وفي الجانب الآخر لا يتلقوّن إلا الكلام السيئ والبذيء والانتقاد المتواصل، وقد يتعدّى الأمر إلى إهمالهم والتصغير من شأنهم، وتتضرّر العلاقة عبر الزمن، وقد تؤدّي في بعض الأحيان لانفجار المظلوم على الظالم، فهو مهما يعطي يجد الآخر بأنّ عطاءه واجب، ويشح عليه بالكلمة الطيّبة ولكأنّها ثقيلة على نفسه.

هل فعلاً هناك أناس لا يستحقّون الحب والاحترام والعلاقة الطيبة؟ وهل البعد عنهم راحة أم مواجهتهم وإيقافهم عند حدّهم هو الراحة؟ وكيف نبعد عنهم وهم قد يكونون أصدقاء عمر أو اخوة في منزل أو زوجاً في عمر يمضي؟

مهما كانت العلاقة فإنّ الشخص هو الذي يفرض احترامه على الآخرين، وهو الذي يعلّمهم عبر الزمن ما يمكن قبوله وما لا يمكن، وإن كان طيّباً فإنه سيصبر لفترة ما، ولكن هذا الصبر له حد وستنقلب العلاقة رأساً على عقب!

هو الموقف الأوّل الذي يجب ألاّ ننساه، عندما يقدّر الإنسان الموقف إذا كان صحيحاً أو خاطئاً، إذا كان يجب أن يرد على إهانة أو «يبلعها»، ومن ثمّ يترتب الباقي، فمن يهن يسهل الهوان عليه، ومن يتقبّل الظلم سيصعب عليه الرد والصد في المواقف الخاطئة.

لا نقول للطيبين تشاجروا أو تناحروا، ولكن نقول لهم لا تقبلوا الإهانات باسم الحب والصداقة والاخوّة، ولا ترضوا على أنفسكم موقفاً كبيراً وتبلعوه، بل ناقشوا وجاهدوا، لأنّ الكرامة تُنتزع انتزاعاً في بعض الأحيان.

بعض النّاس تشهد لهم أخلاقهم ولا يحتاجون إلى محامٍ عنهم، ولكن بعض الناس سلبيون عند المواقف، فلا يستطيعون الرد ولو بكلمة بسيطة قد تجرح مشاعرهم، فيبدأ الصراع النفسي في تجنّب المشكلات، فتكبر شيئاً فشيئاً!

دائماً تذكّروا «أنا عطيتك ويه أكثر من اللازم وانت ما تستاهل»، «ما تستاهل» كمّ المشاعر التي دفقتها عليك، و«ما تستاهل» كمّ الحب الذي أنفقته على العلاقة، و«ما تستاهل» الطيب ولا الأخلاق التي حملتها لهذا الشخص، وفي النهاية لا يصح إلاّ الصحيح، إمّا بإيقاف هؤلاء أو البعد عنهم، لأنّ البعد عنهم راحة ومسرّة، فاختر الشخص الذي يزيدك حبّاً وأملاً، لا الشخص الذي يضيف إلى حياتك همّاً وألماً، فالدنيا قصيرة، وأنت لا تحتاج إلى هؤلاء بل هم الذين يحتاجون إليك في كل لحظة من لحظات عمرهم. وجمعة مباركة.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4493 - الخميس 25 ديسمبر 2014م الموافق 04 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 12:44 ص

      اختر لنفسك ما يطيب لها

      كلما ابتعدنا عن النكد والمنشدين أفضل لحياتنا وعليك البحث عن مفتاح سعادتك مع انسان مؤمن فإنه بعيد عن النميمة والغيبي وعن طولة اللسان وجرح شعور الآخرين كلما ابتعدت عنه زادت به نيران الوحده عندها يشعر بأنه منذ وسوف يتوب والأمر راجع له والعمر قصير ابتسم للدنيا ولا تحزن

    • زائر 8 زائر 6 | 11:36 ص

      الكرامة عنوان الحياة

      استاذتنا صاحبة الانامل الذهبية مريم اسعدك الله في حياتك واكرمك ان الانسان المثقف لا يقبل ابدا بأي نقيصة لحكمة الله عزوجل حيث يقول وكرنا بني آدم. .. هذه الكرامة لا يشوبها اي انقاص ومن اي احد مهما لبس اي ثوب من اثواب المجتمع ومهما عز مكانه اوعلا شأنه لسبب واحد الاوهو الجرح النفسي الذي لا يندمل ابدا لذلك حفظ الكرامة بالرد الجميل وفي الوقت المناسب والسلام

    • زائر 5 | 12:24 ص

      أعطيه الخط الاخر

      غاندي ليس صالح لكل زمان ومكان والمثل الذي يقول اذا صفعك على الخذ الأيمن أعطه الخذ الأيسر. لايصلح الى هذا الزمان والساكت عن حق شيطان اخرس ومن رأي منكم منكر قل يرده يجب زرع الثقة فى النفس حتي يمكن لنا والى اولادنا مواجهة الواقع ويكون الى الفرد شخصيه تختار قرارها بدون خوف ربوا اولادكم على الثقة بل النفس سلف كنفدينس يا اخوان

    • زائر 4 | 11:28 م

      ثقافة عامة

      عندما لا يتعلم الفرد و منذ الصغر الشكر لما يقدم اليه يتعلم في المقابل نكران الجميل. كم من العرائل تعلم أولادها علي التلفظ بالشكر ؟. مع الأسف لم يدك الأكثرية بان تقديم الشكر تقدير للنفس قبل ان يكون تقديرا للطرف الاخر. مع الأسف مرة ثانية الكثير يشكرون القوي خوفا و لا تقديرا.

    • زائر 3 | 11:24 م

      الاستاذ

      الاستاذه الفاضله/ وهناك من الجهله من يعتقد أن التجريح والطعن والنهش فى اعراض الناس (صراحه ) فى حين أن هناك فرق كبير بين الصراحه والتجريح /// تحباتى &&& عبدالجادر

    • زائر 1 | 10:05 م

      وفي الأخير..لايصح الا الصحيح

      سلمت اناملچ وكتاباتچ الذهبية .. وفقت يا اخت مريم

اقرأ ايضاً