مع إعلان فوز القائد السبسي رئيساً لتونس، يكون الربيع العربي قد استتم دورته حول ذاته ليقعد على الأرض.
التسريبات بدأت قبل إغلاق المراكز الانتخابية، مساء الأحد، واستمرت طوال نهار أمس، وحين شرعت بكتابة هذا المقال، كان المعلن عنه فوز السبسي بـ55 في المئة من الأصوات، مقابل 45 في المئة لمنافسه المنصف المرزوقي.
ما جرى في تونس شبيهٌ بما جرى في مصر قبل عام، بعد الإطاحة العنيفة بحكم الإخوان المسلمين، مع فارق أن ما جرى في تونس كان بصورة سلمية.
في كلا البلدين، وصل «الإخوان المسلمون» للحكم، وبينما لم يطل بقاؤهم في مصر أكثر من عام حتى حدث ضدهم الانقلاب وبالتالي الملاحقات والتصفيات، فإن ما جرى في تونس تضييق الخناق على «حركة النهضة»، بحيث بات عسيراً عليها البقاء في الحكم. وهو ما يفسّر سلسلة التنازلات التي قدمتها وانتهت بتقليص نفوذها وأجنحتها إلى حد كبير.
كان البلدان ساحتين رئيسيتين لثورات الربيع العربي، من تونس انطلق، وفي مصر أخذ مداه وتأثيره على كامل المحيط العربي، وسبّب ذلك الزلزال الذي استنفر بسببه بقية الأنظمة.
في البلدين، سقط الرئيسان بن علي ومبارك، بصورة دراماتيكية وسريعة فاجأت الجميع. الأول أخذته المفاجأة فهرب في طائرةٍ تحت جنح الظلام، أما مبارك فحاول أن يماطل، حتى تدخل الجيش وقام بتنحيته.
كانت الأحداث تجري كأفلام إثارة، فهذه الأنظمة الأمنية المرعبة تهاوت بسرعةٍ لم تكن تخطر على بال. وكان سقوطها يعني فيما يعنيه، أنها شهادةُ وفاةٍ لأنظمةٍ هرِمة، فشلت في مجال التنمية وتحقيق العدالة داخلياً، وخارجياً في تحقيق الاستقلال الكامل وتحرير القرار الوطني من الارتباط الأجنبي. كانت أنظمة منتهية الصلاحيات، انتهى عمرها الافتراضي، ولم يعد لديها ما تقدّمه لشعوبها غير الاستئثار بالسلطة واستمرار الفساد.
في كلا البلدين، وبعد العام الأول من الثورة، استعاد النظام القديم قوته، وبدأ رحلة العودة إلى السلطة. في مصر كان ذلك يتم عبر ما اصطلح على تسميته بـ «الدولة العميقة»، وهي تسميةٌ مخاتِلةٌ غامضةٌ تعني في حقيقتها «النظام القديم». لقد عاد العسكر إلى الحكم بحركةٍ مموّهة، بعد أن استبدل عبدالفتاح السيسي بزته العسكرية ببدلة مدنية. (دفعاً للاشتباه: لست من أنصار نظام الإخوان).
في تونس بدأ النظام القديم رحلة التسلل ثانيةً إلى السلطة، عبر رموزه السابقين، الذين امتلكوا جرأة كبيرة لطرح أنفسهم كوجوه جديدة تبتغي الإصلاح وإنقاذ الوضع. وكان على رأس الحملة وزير سابق وُلد قبل وصول هتلر إلى الحكم، وخدم النظام منذ عهد بورقيبة، وقاد لفترةٍ المرحلة الانتقالية الفاشلة. رجلٌ متقدم في السن (88 عاماً)، يعاني صحياً، وخلاف الطبيعية أن يُتوقع منه مشروع إنقاذ وطني.
هنا... يجب ألا ننسى أبداً، أنه في كلا البلدين، مصر وتونس، كان الصراع الذي تلا الثورة، إنّما نشب بين بقايا النظام القديم، وبين أبرز قوى المعارضة القديمة. صراع على السلطة بين أحزاب قديمةٍ، حاكمة ومعارضة، فيما نُحّي الشباب جانباً وأُخرِجوا من المعادلة. في مصر تمت ملاحقة شباب الثورة وإعادتهم للسجون، بينما في تونس انتهى شبابها بين الأرصفة والالتحاق بحركات عنف متطرفة للقتال في ليبيا والعراق وسورية، في معارك ليست معاركهم، وساحات ليست ساحات نضالهم. لقد تحوّلوا إلى وقودٍ رخيص، في حروب إقليمية تدار وفق لعبة الأمم الجديدة.
عودة النظام القديم واستواؤه على العرش مرةً أخرى، لم يقدّم جواباً على الأسئلة الكبرى التي خرجت الجماهير من أجلها. النظام القديم الذي فشل على مدى ستين عاماً في تونس ومصر وسواهما، أعجز من أن يقّدم جرعات العلاج الذي طلبته الشعوب: حرية وكرامة وعيش كريم. شعوبٌ، ستون في المئة منها من الشباب، لن تقبل الإفطار على بصلةٍ، بعد صوم يوم طويل، لذلك لم تنته أزمة العالم العربي، وإنّما دخل في نفق جديد.
مع عودة السبسي للحكم، وعبر صناديق الاقتراع، يكون العالم العربي قد دار حول نفسه دورة كاملة ليجد نفسه في المستنقع الراكد نفسه.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4490 - الإثنين 22 ديسمبر 2014م الموافق 30 صفر 1436هـ
الأخوان
أفهم من مقدمة كتابتك يا أما يستولي الأخوان على الحكم بوسائلهم الغير ديمقراطية أو لا تكون هناك ديمقراطية..أن فكر وعيقدة الإسلام السياسي بكل ألوانه يتناقض مع القيم الديمقراطية وحرية الرأي والحقوق المدنية ...
مقال رائع
للأسف دورة كالمة 360 درجة؟؟ لكن مع خسائر لخمسين سنة قادمة.
إنظر إلى سوريا مثلا مات مئات الاف بعضهم مذنب وكثير لاناقة ولاجمل ((لكن كرمال عيون الحرية اللي يتحدثون عنها)) والنتيجة ماساوية والقادم اكثر. وقس عليها ليبيا واليمن التجارب الدموية. أما مصر وتونس فهي أهدأ مقارنة بغيرها. أستغرب عدم الحديث عن أحداث البحرين وإظهار حقيقتها ؟؟ أنها كغيرها خدعه أراد أعداء العرب توريطهم فيها. لمذا يتم إسقاطها من النص مع أنها إحدي أكبر خطط إشعال الطائفية في الخليج كله وليس البحرين فقط. لتعميم النموذج العراقي .
نفق جديد هذه هي الحقيقة
النظام القديم الذي فشل على مدى ستين عاماً في تونس ومصر وسواهما، أعجز من أن يقّدم جرعات العلاج الذي طلبته الشعوب: حرية وكرامة وعيش كريم. شعوبٌ، ستون في المئة منها من الشباب، لن تقبل الإفطار على بصلةٍ، بعد صوم يوم طويل، لذلك لم تنته أزمة العالم العربي، وإنّما دخل في نفق جديد.
شعوب في انتظار البصلة
لقد افطرت شعوب مصر وتونس على بصلة بالفعل حين وصلت الجماعات الفاشية للسلطة في كلتا الدولتين وتم تصحيح المسار بثورة شعبية في مصر وبالصناديق في تونس. تجربة المتاسلمين في الحكم اعادت الاعتبار للنظم القديمة مع انها لم تكن انظمة جيدة ولكنها على الاقل كانت انظمة وطنية .المصيبة في دول لم تجد حتى بصلة تفطر عليها ( راجع هوجة اليمن وليبيا وسوريا)
كانك يابوزيد ماغزيت
اظاهر ان الله كتب على هذه الامه العيش في احضان الديكتاتوريه والتخلف الى الابد فالحاكم الجديد كان رمزا من رمزوز النظام السابق يعني راح يرجع الشعب التونسي لنفس المربع وبخسائر اقل من الشعب المصري وعودة زين الهاربين باتت قريبه
ليس فقط المعارضة بل حقوق لكل البشر
هذه ليست قضية معارضة بل هي حقوق كل البشر (يازائر 29) فالحرية والكرامة حقوق اساسية لا يطالب بها الا البشر وليست مطروحة في عالم الحي.... ومن حق الشعوب العربية ان تعيش بكرامة وحرية مثل بقية شعوب الأرض في الشرق والغرب.
تذكرت مقالك عن النفط أمس
وبعضهم رد عليك بصورة غير منطقية، وتبين صحة تحليلك. فجون ماكين أثبت كلامك بقوله اننا نشكر السعودية لأنها ساهمت في تدهور الاقتصاد الروسي.
أينما توجد ثورات في العالم العربي ويتم قمعها اعرف السبب
لابد وورائها حملة الخوف على الكر...... ( دول ..... )
المال الخليجي سبب البلاوي
طبعا بمساندة اللاعب والمحرك الرئيس أمريكا
لانهم سهلين
لانه الشعوب العربيه غبيه ويسرعه تنجرف وراء الخدع والعاطفه
...
أي ربيع نتكلم عنه. الغرب من اوهم العالم بانه ربيع! هل نحن المانيا واليابان بعد الحرب؟ كلا نحن شعوب تحكمنا عادات وتقاليد لاتنفع معها ماحصل تحت مسمى ربيع. فقط نحتاج ان نصلح انفسنا للأفضل بالتعاون مع حكوماتنا وليس محاربتهم. نعم توجد كثير من الأخطاء ولكن تصحيح بالعقل وليس بفقدان الامن والامان
مشكلتكم يا معارضة أنكم تملؤون الناس بالوعود العذبة و بعد ذلك يدرك الناس حقيقتكم
المصريين جربوا حكم من كانوا في المعارضة (الإخوان المسلمين) و كانت النتيجة فوضى و خراب البلد
و كذلك الأمر في التونس .... الناس قد تفرح يوم أو يومين لأنهم إستطاعوا أخيرا شتم رئيس البلد ... و لكن بعد ذلك ... يبدؤون يفكرون في إقتصاد بلدهم .... في الكهرباء هل تعمل أم لا ..... في الأمن و الآمان ... في التعليم و الإسكان.
التونسيون و المصريون إكتشفوا أن حسني مبارك و زين العابدين بن علي لم يكونوا بذاك السوء الذي كانوا يتصورونهم عليه ... و أدركوا أن قسوة هؤلاء الحكام و إن زادت عن حدها كانت ضرورية للحكم.
هل انتهى الربيع العربي؟
هو بدأ حتى ينتهي؟ ما خلوه يتهنى في شبابه ! استبداد ضارب في العمق ؛ و شعوب قطعان كالدراويش أنهكها تحكم الزعماء و الكهنوت؛ كيف يرجى لها الخلاص؟
لم يكن ربيعا عربي ...... بل كان ربيع وكالة المخابرات الأمريكية لخلط أوراق الشرق الأوسط
حريق في تونس ... و آخر في مصر و آخر في اليمن و آخر في سوريا و آخر في ليبيا ... أنتم لديكم تصورات خاطئة عن الثورات .... تعتقدون بأن الثورة ستجلب الرخاء و الإستقرار ... الفرنسيون ثاروا على الملكية و قطعوا رؤوس العائلة المالكة .... ماذا كانت النتيجة؟ منذ إندلاع الثورة في 1789 و حتى 1799 .... فوضى و حروب داخلية و خارجية .... بعد ذلك تولى نابليون الحكم و أعلن نفسه ملكا! لعشر سنوات .... و خاض حروبا مع جميع دول أروبا و دمر فرنسا معه ..... كذلك الثورة البلشفية في روسيا أحرقت الآخر و اليابس!
محب الوطن هذا بسبب استغلال الإسلام السياسي للثورات 0945
صباح الخير للجميع شباب الربيع العربي قام من أجل لقمة العيش والكرامة والديمقراطية لاكن الإسلام السياسي استغل الفرصة وصعد إلى الحكم بسبب تنظيمه القوي وشعاراته البراقة لاكن استعجاله ببسط هيمنته وتقييده للحريات ونشر أفكاره الإسلامية الخاصة به التي لم يتقبلها باقي الشعب جعله يسقط سريعا وصارت حتى الدكتاتورية ارحم من من يحكم باسم الدين
ملاحظة
لعل تعبير " استواؤه على العرش " الوارد في المقال ليس في محله.
شكرا للكاتب
ان شالله
مايسمي بالربيع العربي صار صوب روسيا وإيران لأن المكر السيء يحيق بأهله وانخفاض النفط يدل علي ذلك
هي نقطة بينهم والتنسيق هدفهم
السيسي في وسطها حرف ال ي السبسي في وسطها حرف ال ب ذلك يعني اضافة نقطة واحدة تحت السطر ليتشابه الاسمان وأقول من قاد ودعم الثورة المضادة في مصر هو من قام بنفس الفعل في تونس وبأقل الأضرار ونقول كتب على هذه الامة الشقاء والتعب وعلاج مشاكلنا بقدرة الإلهية تطيح بتلك ....المحمية من ام الإرهاب امريكا
من البر
وتاالله انك خبر خير انت
ما دام هناك دستور
فعلاً خيب التونسييون آمالنا بأختيارهم لأحد وجوة النظام البائد ليقود تونس ما بعد الثورة لكن المهم في ما جرى انه بأرادة الشعب و دون تزوير او اجبار و يبقى الضمان لعدم عودة الاستبداد وجود دستور عصري خطه التوانسة بأيديهم و صوتوا عليه ليكون حامياً لكرسي الرئسة من اي طامح في البقاء للأبد!!!!
امريكا لاتدير الازمه
نحن الشعوب العربيه سواء من كبار المثقفين والمتعلمين اوعامة الشعبزب بدون اسثناء مازالنا متخلفين في الوعي السياسى ولذاك سنبقى لانعرف ما نريد ونبقى ندور حول نفسنا كالفرس المربوط
ما جرى لم يحل اامشاكل والازمات
ما جرى تأجيل للحلول واعادة الانظمة البائدة للسلطة ونفخ الروح فيها. والشباب الذي تم اقصاؤه لم يمت بعد وبالتالي ستبقى الامور معلقة وتبقى مطالب الحرية والكرامة تشتعل في القلوب.
هناك دول تحارب التغيير ولكن الى متى؟
هناك بلاد في الخليج تحارب التغيير وتدفع من اموال الشعوب المليارات من اجل ان يتمّ التغيير للافضل ولكن الى متى سيظلون يحاربون والمجتمعات تتقدم وتتطور
كانه ثور الساقيه
بالفعل دار حول نفسه وأثبت أنه ثور الساقيه ??
الربيع العربي فكرة
والافكار الحية لا تموت
يا قاسم
...
وتكلموووو عن سالفه تجنيس 30 الف باكستاني
ههل شي اهم استيطان للبلد وعقب سنتين بيصيرون 100 الف
اضغطوووو بكتاباتكم لوقف هل تجنيس وحماقاته الديرة بضيع اضغطو كاعلام وثقفو الشارع
البحرين و اليمن كانت خارج النص الغربي فكان التعامل مختلفا
ساكتفي بالعنوان و ساترك التفسير لقارئه
امريكا تدير الازمة ولا تترك الازمة تفرض حلولها عليها
سوريا هي الهدف باعتبارها آخر الخطوط الدفاعية في مواجهة اسرائيل حاول الغرب بشتى الطرق الدبلوماسية منذ عقد و نيف جعلها تحت المظلة الغربية ولكن كان يمانع فجاء القرار ان يسقط بالسلاح ولكن ليس بتدخل عسكري مباشر لتعقيدات الوصع في المنطقة والآن تضرب خطوط الامداد اقتصاديا كل من روسيا و ايران و ماكانت ثورة تونس و مصر الا لتهيئة النفوس العربية لقبول تدخل الغرب بدعوى الديمقراطية وليبيا كانت اختبار تقبل العرب كشعوب لتدخل غربي عسكريا في بلد عربي فلما نجحت جاء دور محطة الوصول سوريا
سوريا
سوريا هى الهدف باعتبارها تحارب اسرائيل بالشعارات فى حين تقمع شعبها وتلقى بهم فى السجون /// القادرى