العدد 4487 - الجمعة 19 ديسمبر 2014م الموافق 26 صفر 1436هـ

تعقيب من «الجنبي» على مقال «الجنبية القديمة»

تناولنا في مقال سابق (نشر بتاريخ 13 ديسمبر/ كانون الاول 2014م) علاقة فاران بالقرى المحيطة بها، وتطرقنا بشيء من التفصيل الى تاريخ قرية الجنبية القديمة. وقد وردنا تعقيب على هذا المقال من الباحث والمؤرخ عبدالخالق الجنبي، من المملكة العربية السعودية، يتضمن عددا من الملاحظات التي يمكن تبويبها في النقاط التالية:

أولاً: في ذكر الجنبية القديمة

سبق أن ذكرت في الحلقة السابقة أن قرية «الجَنَبية ورد ذكرها في ديوان الخطي في قصيدة «الحاظ الجنيبيات»، وأنه تم النسب إلى تصغير الاسم أي إلى «جُنيبية» وليس للاسم «جَنَبية». وهو المتعارف عليه عند العامة، حيث يقال للنسب إلى قرية الجنبية، جُنيبي أو «اجْنيبي». وقد علق الجنبي على ذلك بما يلي:

«أتفق معك فيما قلته عن النسبة إلى الجنبية، فهي يُنسب إليها (جنبي) و(جنيبي) على التصغير، ويوجد ناسخ كُتب كان حيّاً في العام 1071 للهجرة (1660م)، كَتب اسمه بنفسه في مخطوطتين بهذا الرسم: «أحمد بن حسن بن علي بن عمران الجنيبي البحراني»، وهاتان المخطوطتان موجودتان في مركز إحياء التراث الإسلامي بقم، وهما كما يلي:

المخطوط رقم (4/ 3642) بعنوان: العويص في الفقه للشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد البغدادي؛ نسخها في 8 رمضان 1071هــ، والمخطوط رقم (1/ 3642) بعنوان: معاني الأخبار للشيخ محمد بن بابويه القمي الصدوق نسخها في 13 رجب 1071هـ».

وفيما يخص قصيدة الخطي التي ذُكرَت فيها الجنبية فلم يكن من الصواب ذكر عنوانها، فالعنوان ليس من أصل مخطوطة الديوان، وقد أوضح الجنبي أن «هذا الاسم هو مما تبرع به أستاذنا السيد عدنان العوامي (محقق الديوان)، وهو ليس عنواناً لهذه القصيدة الجميلة». إلا أن عبارة «ألحاظ الجنبيات» وردت في ثنايا القصيدة؛ وذلك في قوله:

كم من جليد أضجعته لحينه شرواك ألحاظ الجنيبيات؟

ثانياً: في من بقي في الجنبية القديمة

ذكرت في الحلقة السابقة أن «آخر من بقي في الجنبية القديمة عائلة عبدالله بن أحمد الجنبي. ويذكر أن للحاج أحمد الجنبي أخ هو ملا محمد الجنبي، وهذا الأخير هاجر إلى القطيف، في شرق الجزيرة العربية، وبالتحديد في قرية حلة محيش، وذلك في بداية القرن العشرين. وبقي عبدالله الجنبي يعيش في الجنبية مع أبنائه». هذه المعلومات لم تكن دقيقة، وقد أفادنا «الجنبي» بمعلومات جديدة وذلك بحسب من سألهم من عائلة الجنبي في البحرين والقطيف، قال الجنبي في تعليقه:

«الصحيح أنّ ملا محمد الجنبي لم يكن أخاً لأحمد الجنبي والد عبدالله بن أحمد، وإنما كانا ابني عمّ، فملا محمد هو محمد بن حسن بن علي الجنبي، وعبدالله هو عبدالله بن أحمد بن علي الجنبي، فجدهما المشترك هو علي، وقد كان للملا محمد بن حسن ولدان أثناء رحيله إلى القطيف، هما عبدالنبي وعبدالمهدي، وقد جعل الله في نسلهما الخير الكثير. أيضاً عبدالله بن أحمد الذي ذكرت أنه كان آخر من بقي في الجنبية كان له ثلاثة اخوة كانوا معه فيها، وهم حسين ويوسف، ولا عقب لهما، وعلي له عقب من ابنه الوحيد حسن، وأولاد حسن هذا، وهم علي ومحمد وفايز لايزال نسلهم في الجنبية الحديثة وقرية القرية مع بني عمهم عبدالله بن أحمد».

ثالثاً: في الهجرة من الجنبية القديمة

في الحلقة السابقة لم أتناول الهجرة من الجنبية القديمة بصورة مفصلة، إلا أن الجنبي في تعليقه استرسل في الحديث عن هذه الهجرة، وأوضح الجنبي وجود هجرات قديمة من منطقة الجنبية وما حولها، وأن هذه الهجرة كانت قسرية، وهي شبيهة بهجرات أخرى حدثت في جزيرة أوال والبحرين الكبرى، وهي هجرات قسرية بدأت منذ القرن الخامس عشر واستمرت للقرن الثامن عشر الميلاديين، وذلك بسبب الاعتداءات الخارجية الكثيرة التي حدثت في تلك الحقبة كالبرتغاليين والعثمانيين. وأما الهجرات الحديثة، فمنها ما هو اضطراري، وذلك بسبب ضيق المكان وقلة الخدمات فيه، وعدم القدرة على التوسع بسبب بيع الأراضي المحيطة بالقرية وتحولها لأملاك خاصة.

رابعاً: الهجرة وكثرة النُساخ والكتاب من البحرين

ذكرت في حلقات سابقة ملاحظة وهي: وجود العديد من الكتاب الذين ينتسبون إلى المنطقة المحيطة بفاران القديمة والذين يعودون إلى الحقبة الزمنية نفسها، وهي نهاية القرن السادس عشر الميلادي وبداية القرن السابع عشر الميلادي. من هؤلاء الكتاب من ينتسب إلى الجنبية، وهو أحمد بن حسن بن علي بن عمران الجنيبي البحراني، السالف الذكر، ومنهم من ينتسب إلى قرية سار مثل الغنوي ناسخ ديوان أبي البحر الخطي، ومنهم من ينتسب إلى بني جمرة مثل زيد بن خميس بن يحيى بن حرز بن ناصر بن حرز الجمري الأوالي، ومحمد بن يوسف بن أحمد بن صالح النجيل الجمري الأوالي، والشيخ حسين بن علي بن سعيد النحيل الجمري.

وقد أوضح الجنبي في تعليقه أن ظاهرة تزايد أعداد الكتاب في الفترة ما بين القرن الخامس عشر والقرن الثامن عشر الميلاديين، ليست حصرية على جزيرة أوال بل هي تخص البحرين الكبرى بأكملها. وأوضح كذلك أن هذه الظاهرة لم تكن واضحة في السابق وقد بدت جلية حالياً؛ «فقد بدأ يتبلور في الآونة الأخيرة، وبفضل ظهور الوسائل والقنوات المعلوماتية الهائلة التي نملكها الآن، والتي لم تكن تتوفر لأسلافنا الباحثين في السابق مدى ما كان عليه إقليم البحرين أو البحرين الكبرى من وجود حشد من الخطاطين ونساخ الكتب في القرون الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر الميلادية، والذين ساهموا في حفظ التراث المخطوط في كثير من دول العالم كالهند وإيران والعراق والحجاز بالإضافة إلى حواضر البحرين الكبرى أعني الأحساء وأوال والقطيف».

وأوضح الجنبي أن السبب في ذلك معروف، وهو سيل الهجرات البحرانية المتتابعة التي حصلت جراء وقوع البلاد تحت الاحتلال (ما بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر الميلاديين) من قبل المخالفين لسكان بلاد إقليم البحرين فكرياً ودينياً ومذهبياً.

إلا أن تلك الهجرات أدت لانتشار الثقافة المحلية في العديد من الأقطار؛ حيث كان في مقدمة المهاجرين «العلماء والكتاب الذين هاجروا إلى الأقطار المحيطة ببلادهم البحرين كالهند وإيران والعراق، ما كان له الأثر الملموس في حفظ التراث لديهم، والذي نكتشفه الآن بفضل وسائل المعلومات الحديثة التي ترصد التراث العلمي المخطوط للدول المذكورة حيث وجدنا مثلاً هذا الكمّ الجيد من الخطاطين البحرانيين من الأحساء وأوال والقطيف للفترة الزمنية المذكورة، والذي احتفظت المكتبات التراثية لتلك الدول بالكثير منه، ولايزال الكثير منه أيضا لم يكشف عنه أو يفهرس، ولاسيما في الهند».

العدد 4487 - الجمعة 19 ديسمبر 2014م الموافق 26 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً