دعا إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، الآباء والمربين إلى عدم عسكرة علاقتهم مع أبنائهم، والتواصل والجلوس معهم، والتعامل معهم كأسنان المشط، محذراً من نهي الطفل عن الإتيان بفعل ويأتي به الأب أو المربي.
وفي خطبته يوم أمس الجمعة (19 ديسمبر/ كانون الأول 2014)، حثّ القطان الآباء والأمهات إلى عدم القسوة على الأبناء، والدعاء الصادق لهم.
وقال القطان: «الأولاد نعمةٌ وأمانة، لوالديهم غُنمُها وعليهم غُرمُها... ولذا؛ كانت تربية الأولاد من البنين والبنات، وصيانتهم والمحافظةُ عليهم، من أعظم الأمانات على كلِّ أبٍ وأم ذاقَا حلاوةَ الذرِّيَّة».
وذكر أن «الحديث عن أهميَّة تربية الأولاد من البنين والبنات تربيةً إسلاميَّة صحيحة، ليتأكَّدوا في هذا الزَّمن الذي كثُرت فيه المغريات، وادلهمَّت فيه الشُّبهات، وأصبحت البيوت تُغْزَى بثقافات وسلوكيَّات لَم يعْهدْها الآباء والأمهات والمربُّون من قبل».
وبيّن «أصبحتَ وأنت في بيتِك وبيئتك لا تتحكَّم في تربية أبنائِك، من كثْرة الإغراءات والإغْواءات التي تُمطرنا بها الفضائيَّات ومواقع الإنترنت، ووسائل الاتصالات الحديثة... إنَّ مسئوليَّة التَّربية - أيُّها الأب ويا أيتها الأم الكريمان - ليس بضْع كلِمات تُقال ثمَّ تنتهي بعدها المسئوليَّة، كلاَّ؛ بل مشوارُ التَّربية رحلةٌ طويلة، وجهد مستمرّ، وتحسّس دائم للطرُق الصَّحيحة في التعامل مع الولد والبنت في مراحل حياةِ عمرهما».
وأشار إلى أن «من التَّربية الصائبة معرفة الطرُق الخاطئة في التعامل مع الأبناء؛ إذْ إنَّ الخطأ في تربية الأبناء ربَّما أدَّى إلى عواقبَ مؤسفة في نشأتهم وحياتهم ومستقبلهم... فيا أيها المربي المباركُ، أَرْعِ لنا سمعَك، واستجْمِع معنا قلبَك إلى حديث الأخْطاء - وكلّنا والله ذلك الخطَّاء - أستمع إلى «لاءاتٍ» ستٍّ، نتعرَّفها لنحذرها، ونتِّقي آثارَها السيِّئة بعد ذلك».
واستعرض القطان اللاءات الست، قائلاً: «اللاء الأولى: لا للعسْكرة: أيُّها المربي المبارك، لا تجعل علاقتَك مع ولدك علاقة عسكريَّة، علاقة قائمة على الأمر والنَّهي، والطَّلب والكفّ، فالولد لا يعرف من والدِه إلاَّ لغة اللوم والعَتْب، والتَّبكيت والتسخّط، هذا الفقْر في المشاعر، والجفاء في الأحاسيس - يُحْدِث صدمات انعكاسيَّة في نفس الولد... فما أجمل أن يرى الأبناء والبنات محبَّة والدِيهم ظاهرة في كلماتهم، ونظراتهم، وأفعالِهم، وحنانهم! تذكّرْ أيها المربي أنَّ الكلِمة العاطفيّة الطيّبة، التي ترنُّ في أذُن طفلك هي البذرة الطيّبة، التي تؤتي أكُلَها كل حين بإذْن ربِّها».
وأكد أنه «إذا كانت العلاقة بين الوالد وولده تُظلِّلُها المحبَّة، وتكتنِفها الألفة، ويغشاها الوداد، كانت للنَّصائح أثرها، وللتوجيهات استجابتُها».
وعن اللاء الثانية، دعا القطان إلى عدم قطع حبل الوصل بين المربي وابنه، وقال: «لا تقطع أيها المربي حبل التَّواصُل: أي: تواصلك مع ابنِك، وجلوسك معه، وسماعك له، لا تتعذَّر بالمشاغل وكثرة الارتباط، فولدك ولدك، بِحاجةٍ الى أن تنفق عليْه من وقتك أكثر من مالك، كن كذلِك قبل أن تتخطَّفه رفقة السوء. كن كذلك قبل أن يشتدَّ عود الولَد، ويصعب حينها التَّصارُح والمصارحة».
ورأى أن «وجود الأذُن المصْغية للطِّفل تقوِّي وشائج المودَّة، وتبني جسراً من الثِّقة تجاه الأب والأم، فيرى الولد والبنت في والديهما متنفَّساً لهمومهما، وطبيباً لمشكلاتهما، ودليلاً لحيرتهما واضطراباتهما، وقد أوْصت دارساتٌ نفسيَّة واجتماعيةٌ عدَّة، بأهمية التفاعل بين الأبناء وآبائِهم وأمهاتهم، وتأثير ذلك في تنشئتِهم الاجتماعيَّة، وفي الارتِقاء بشخصيَّاتهم، وبخاصَّة في السنوات الأولى من العمر».
وحذر من المقارنة بين الابن وغيره، معتبراً أن «من الخطأ إذا قصَّر الابن أو البنت في أمرٍ ما، أن يُوبَّخ بسلسلةٍ من المقارنات: انظر إلى فلان، أو انظري إلى فلانة، لماذا لا تكن مثل فلان، أو تكوني مثل فلانة؟! فلانٌ أفضل منك، أو فلانة أفضل منك... هذا الانتِقاد يُحدث إحباطاً في نفس الطفل وشعوراً بالدونيَّة، فيكون له أثرُه في ضعف شخصيَّته، وفَقْد الثقة بنفسِه، فضلاً عما يسبِّبهُ هذا الأسلوبُ من تفجُّر الغيرة المحبوسة في قلب الطفل تجاه مَن يُقارن به... تخيَّل أيُّها المربي، لو استُخدِم معك هذا الأسلوب، ألا تُحدث لك هذه المقارنةُ توتُّراً في ضميرك؟! فكذلك فلذةُ كبِدك يَحمل بين جنبيْه نفساً كنفسك، تغضب وترضى، تحب وتكره. فيا أيُّها المربي: اقْلع شجرة المقارنات من ترْبَة تربيتِك، وازْرَع مكانَها بذرة الأمل، واسقِها بالتَّشجيع، وتعاهدْها بالحثِّ على الكِفاح».
وفي اللاء الرابعة، خاطب القطان المربي قائلاً: «لا تفرِّق بين الأولاد: اجعل أبناءك كأسنان المشْط، لا تميِّز أحداً على أحد، حتَّى ولو امتاز بذكاءٍ، أو فصاحةٍ، أو جمال»، مؤكداً أن «العدل بين الأولاد واجبٌ شرعي. وكم من المآسي عاشتْها بعض البيوت بسبب هذا التمييز الأخرق بين الأولاد! ترى البعض يستخدم المتناقضات في تربيتِه لأولاده، فيمدح هذا ويهجو ذاك، ويُعطي الأول ويمنع الثاني، ويُرضي الأصغر ويُسْخِط الأكبر؛ ما يؤجِّج نار الغيرة، ويولِّد روح العداء بين الأولاد، فتكون ثمرته عقوقَ الأبناء تجاه الآباء والأمهات».
وشدد القطان على المربي ألا يكون «يتيم المعاملة»، مبيناً أن «الخلق متفاوتون في عقولهم، وتفكيرهم، ودمائهم، وأمزِجتهم؛ فطبيعي أن يوجد هذا الاختلاف بين الأولاد، فمِنهم الذكي النجيب، ومنهم مَن هو دون ذلك، منهم سريع الاستجابة، ومنهم البطيء، منهم الهادئ، ومنهم المستعجل. فنوِّع معاملتك، وعدِّد أسلوبك بما يتناسب مع طبع الولد وعقله، وهذا التنويع في التوجيه والتربية أسلوبٌ نبويٌّ، فقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ينوِّع أساليبَه في التوجيه بما يناسبُ حال المنصوح».
وأفاد أن «من تنوُّع المعاملة أن تدرك - أيُّها المربي الكريم - أنَّ ولدك منذ صغره حتَّى يشُبَّ، يمرُّ بمراحلَ عدَّة، ولكل مرحلةٍ ما يناسبها في التربية والتوجيه. فلا تعامل ولدك وهو في سنِّ التَّمييز معاملةَ ابن السنَتين، لا تعامل ولدك وهو على أعتاب مرحلة الثانوية معاملةَ المبتدئ في التعلُّم والتعليم».
وبيّن أن «الضرب غير المبرح مثلاً مع الصغير يُصلحه ويؤدِّبه، ومع المراهق قد يَبني بين الوالد وولدِه جسراً من الجفاء والنّفرة، فلكل مرحلةٍ أسلوبُها وطريقتها».
وفي اللاء السادسة والأخيرة، قال القطان: «لا تكن أيها المربي قاسياً ولا مدلِّلاً... كُن سهلاً من غير تفريط، وحازماً من غير إفراط، فالقسوةُ والتَّدليل طرفا نقيضٍ، وكلاهما في التربية ذميم؛ فبعض الآباء والأمهات تغلُب عليهما رقَّةُ الأبوُّة وعطفُ الأمومة، فيعيش طفلُهما في كنفهما حياةَ الدلع والدلال. فأوامر الطفل منفَّذة، وطلباته منْجزة، ورغباته حاضرة، وكلمة (لا) لَم ولن يسمعها هذا الطِّفل المدلَّل. وهذه آفة تربويَّة لها ما بعدها من السلوكيَّات الخاطئة التي يتطبَّع عليْها الطِّفْل، من عدم الشُّعور بالمسئوليَّة، والاتِّجاه نحو الميوعة، وظهور الأنانيَّة على أخلاقِه... وفي المقابل: فإنَّ بعض الآباء يُغلِّب حدَّةَ الطبع، فَيُفْرِط في القسوة؛ معلِّلاً قسوتَه بطلب المثالية، وليصبحَ ولدُه بعدها رجلاً، ونسِي أو تناسى الآثارَ السلبيَّة المنتظرة من هذه القسوة، وانعكاسَها على شخصية الولد، كالتمرُّد على الأسرة، وتحوُّل الطفل إلى شخصيَّة عدوانيَّة، أو إصابته بصدمات نفسيَّة. نعم، قد تكون القسوة والحزْم نوعاً من العلاج والتَّربية. بيْدَ أنَّ هذه القسوة ليست هي الأصلَ، بل هي آخرُ العلاج، ولا تكون إلاَّ بعد محاولات الرِّفْق واللين، وتكون بالشَّكل المعقول والمقبول، تكون للبناء لا للهدْم، وللتوجيه والتقويم، لا للفظاظة والانتِقام».
وفي سياق خطبته، لفت إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي إلى أن «من أهمِّ وسائل إصلاح النشْء التربية بالقدْوة: تربيةٌ صامتة، ولكنَّ أثرها أعظم من كل توجيه، فالطفل منذ صغره وضعفه مفطورٌ على محاكاة مَن هو أكبر منه، فأنتَ أنت يا عبد الله صورةٌ حيَّة لأولادك، فانظر ماذا ترسم في شخصيَّتهم من خلال قولك، وسَمْتك، وفعلك».
وأضاف «شرخٌ في جدار التربية أن تنهَى طفلك عن الخطأ وتأتي مثلَه، عارٌ عليْك عظيم أيها المربي أن تنهَى صفيَّك عن النَّظَر للحرام، ثمَّ يراك مُرْسِلاً طرْفَك للحسناوات والمليحات».
وتابع «لا تكن القيمُ والمثُل التي تُسقى للأبناء في الصَّباح، تُحرِقُها الأفعال في المساء... القدوة الحقَّة - يا عبدَ الله - أن يرى فيك ولدُك أثر توجيهك وقولك، يرى الابن والبنت خوفَ الله ورجاءَه، وتعظيمَ حرُماته، والوقوفَ عند حدوده ماثلاً في حال وحياة أبيه وأمه».
وخلص القطان إلى أن «من أعظمِ أسبابِ صلاحِ الذريَّة وفلاحِها: الدعاءُ الصادقُ للأولاد، ولنا في رسُل الله أسوة حسنة؛ فقد سجَّل لنا القرآن الكريم ابتهالاتٍ عظيمةً، ودعواتٍ جليلةً تضرَّع بها أنبياءُ الله - تعالى - لأولادِهم».
العدد 4487 - الجمعة 19 ديسمبر 2014م الموافق 26 صفر 1436هـ
....
يا اخواني المعلقين قولوا خيرا وحقا أو اسكتوا , قولوا قولا يحيي النفوس وينير العقول , ولا تقولوا تقولا يشحن النفوس .
عايش في المريخ
الناس في وادي وهذا في وادي ..كأنه ياي من المريخ مو چايف اللي حواليه
هل ينطبق هذا على العائلة الصغيرة والعائلة الكبيرة (الدولة مثلاً)؟
القطان يدعو الآباء لعدم «عسكرة» علاقتهم مع أبنائهم والتعامل معهم كأسنان المشط..
صح كلامك
بس وجه الكلام لرجال الأمن اول أكا امس طلقو على ياهل من السنابس شوزن وي جيف ما عندهم ضمير
غريب الرياض
غريب امرك يا شيخ. الاولى ادعو الدولة لعدم عسكرة التعامل مع المواطن و رحمه من الرسوم و المخالفات و ...
النمس
أشدعواَ !! بـ يصيرون مثل دااعش مثلاً ؟؟
الرائد الخطيب
لا تدع طفلك يصاحب اصدقاء السوء .، و انتهى الموضوع