كثفت باكستان الجمعة عملياتها العسكرية ضد طالبان واعدمت محكومين بتهم ارهاب للمرة الاولى منذ 2008، ردا على هجوم طالبان العنيف على مدرسة في بيشاور اسفر عن مقتل 149 شخصا بينهم 133 تلميذا.
واثار الهجوم الثلاثاء على مدرسة في بيشاور (شمال غرب)، الاعنف في تاريخ باكستان باستثناء الحروب، صدمة عارمة في البلاد وموجة ادانة واسعة في الخارج.
من جانبه، شبه سر تاج عزيز، مستشار رئيس الوزراء نواز شريف للشؤون الخارجية والامن هجوم طالبان بهجمات "11 ايلول/سبتمبر" 2001 في الولايات المتحدة، مؤكدا انه "سيغير قواعد اللعبة".
وتبنت العملية حركة طالبان في باكستان، اكبر مجموعة تمرد اسلامية في البلاد، الموالية للقاعدة. واوضحت الحركة انها استهدفت هذه المدرسة التي يرتادها ابناء عسكريين انتقاما للهجوم الذي بداه الجيش في حزيران/يونيو في اقليم وزيرستان الشمالي، اهم معاقلها على طول الحدود الافغانية.
لكن الحكومة والجيش اكدا التصميم على مواصلة العمليات حتى "القضاء التام" على حركة طالبان باكستان وحلفائها.
والجمعة قال الجيش انه قتل 32 اسلاميا متمردا في مكمن ثم 18 آخرين في عملية ثانية، في معاقل شمال غرب البلاد.
كما كثفت القوات الباكستانية عملياتها في عدد كبير من مدن البلاد، ولاسيما كراتشي (جنوب) غير المستقرة التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة.
واعلن متحدث باسم قوة رانجرز شبه العسكرية في كراتشي لوكالة فرانس برس الجمعة ان رجاله قتلوا فيها قائدا محليا من حركة طالبان وثلاثة من معاونيه. وعلى غرار ما يحصل في العمليات العسكرية، لا يمكن تأكيد هذه الحصيلة وهوية القتلى من مصدر مستقل.
مساء الجمعة انهت باكستان العمل بقرار كان معمولا به منذ 2008 لعمليات لوقف تنفيذ اعدام مدنيين محكومين، واعدمت شنقا محكومين اثنين بتهمة الارهاب في سجن فيصل اباد (شرق) بحسب السلطات المحلية.
وكان استئناف اعمال الاعدام منتظرا منذ اعلان رئيس الوزراء نواز شريف عن انهاء العمل بوقف تنفيذ احكام الاعدام للمحكومين في قضايا الارهاب، وهو القرار الاول الذي اتخذه بعد هجوم بيشاور بدعم جزء من الراي العام.
والمحكوم الاول الذي اعدم الملقب "دكتور عثمان" شارك في هجوم دام على المقر العام للجيش عام 2009 والثاني، ارشاد محمود، شارك في محاولة اغتيال في 2003 لرئيس البلاد انذاك الجنرال برويز مشرف.
ونقلت وسائل الاعلام المحلية عن مسؤولين باكستانيين قولهم الجمعة ان الدفعة الاولى من الاعدامات ستجرى في الايام المقبلة. واعلنت الحكومة ان هناك اكثر من 500 محكوم بالاعدام في قضايا الارهاب قد يعنيهم انهاء العمل بوقف تنفيذ احكام الاعدام.
ودعت منظمة العفو الدولية ومفوضية حقوق الانسان في الامم المتحدة باكستان الى عدم انهاء الحظر، مشيرة الى ان الاعدامات غير مجدية في التصدي للارهاب.
وقال المستشار سر تاج عزيز في مقابلة مع فرانس برس ان هجوم بيشاور "هز المجتمع الباكستاني باكمله في الصميم وسيطبع بطرق كثيرة استراتيجيتنا في مواجهة الارهاب".
واضاف "مثلما غير 11 ايلول/سبتمبر الولايات المتحدة والعالم، فان 16 كانون الاول/ديسمبر هو بمثابة 11 ايلول/سبتمبر مصغر بالنسبة لنا".
واضاف ان "الراي العام كان منقسما" قبل الهجوم وكان لطالبان "الكثير من الداعمين".
لكن المجزرة ادت بحسبه الى رفض "غير مسبوق" للتطرف في البلاد.
في المقابل، قال مولانا عبد العزيز، إمام المسجد المعروف بتشدده في اسلام اباد الجمعة، ان هجوم الجيش على حركة طالبان الباكستانية "مخالف للاسلام" واعتبر مذبحة المدرسة في بيشاور ردا على الضربات الجوية التي تستهدف مقاتليها في المنطقة القبلية شمال غرب البلاد.
وقال إمام المسجد الاحمر انه يشارك اهالي الضحايا "حزنهم" لكنه يتفهم رد طالبان.
وقال "ايها الحكام، يا من تمسكون زمام الامور، اذا كنتم سترتكبون مثل هذه الافعال، فسيكون هناك رد عليها".
وتجمع حوالى 250 شخصا بعد الظهر امام المسجد الاحمر للتنديد "بالمتشددين" مثل عبد العزيز "الذين يؤيدون طالبان".