قد يكون قرار اعتزال تييري هنري امرأ متوقعا بسبب تقدمه بالعمر لكنه يحمل معه نهاية حقبة ذهبية في تاريخ الكرة الفرنسية لأنه يعتبر آخر «المعالم» التي صنعت التاريخ مع منتخب «الديوك» وقادته الى إحراز لقبه العالمي الاول والأخير.
«بعد 20 عاما من التواجد في أرضية الملعب، قررت أن اترك كرة القدم الاحترافية»، هذا ما قاله صاحب الرقم القياسي بعدد الأهداف مع المنتخب الفرنسي (51 هدفا في 123 مباراة) في صفحته على موقع «فايسبوك»، معلنا انتهاء مسيرته في الملاعب وهو في السابعة والثلاثين من عمره.
وأضاف هنري الذي دافع عن ألوان المنتخب الفرنسي في 123 مباراة وتوج معه بكأس العالم العام 1998 ووصل معه الى نهائي نسخة 2006 إضافة الى إحرازه كأس أوروبا 2000 وكأس القارات العام 2003: «كانت رحلة مذهلة»، شاكرا الأندية التي دافع عنها خلال مسيرته وهي موناكو ويوفنتوس الايطالي وارسنال الانجليزي وبرشلونة الاسباني وصولا الى نيويورك ريد بولز الذي وصل إليه العام 2010 وخاض معه 122 مباراة سجل خلالها 51 هدفا.
لكن هنري لم يبتعد كثيرا عن اللعبة التي يعشقها وابرع فيها على الجهة اليسرى من المستطيل الأخضر، إذ قرر أن ينتقل الى التلفزيون ليعمل كمستشار كروي لشبكة «سكاي سبورتس» البريطانية التي ستعيده الى العاصمة لندن حيث أبدع طيلة ثمانية مواسم مع ارسنال الذي كرمه بتمثال على مداخل «ستاد الإمارات» اعترافا منه بقيمة هذا اللاعب في تاريخ «المدفعجية».
«حان الوقت بالنسبة لي لكي اسلك مسارا مختلفا في مسيرتي»، هذا ما قاله «تيتي»، مضيفا: «يسعدني الإعلان عن عودتي الى لندن من اجل الانضمام الى سكاي سبورتس التي سأشاركها الخبرة التي اكتسبتها خلال تلك الأعوام»، أملا أن يستمتع الجمهور بما لديه من معرفة كما استمتعوا به خلال أيام تألقه كلاعب، مضيفا: «أراكم على الجهة الأخرى».
ومن المؤكد أن هنري كان يتمنى إنهاء مسيرته بانجاز آخر يضيفه الى سجله الذهبي لكنه لم يتمكن من قيادة نيويورك ريد بولز الى لقب الدوري الأميركي بعد أن خرج الأخير من الدور نصف النهائي أمام نيو اينغلند باتريوتس.
وقد وضع هنري بقراره الاعتزال حدا للتكهنات باحتمال عودته الى ارسنال، الفريق الذي تعملق في صفوفه لثمانية مواسم وأصبح أفضل هداف في تاريخ النادي اللندني.
وسبق لهنري أن قال مؤخرا بان عودته الى ارسنال تعتبر «أمنية» في هذا الوقت من العام، أي مع اقتراب عيد الميلاد، مؤكدا في الوقت ذاته أن قرار ترك نيويورك لا يعني بالضرورة انه سيعتزل اللعبة، مضيفا: «كنت مصمما منذ البداية على الرحيل بعد مرور أربعة أعوام ونصف (على وصوله الى الفريق). هذا ما كان عليه الوضع طيلة الوقت ولم يكن ليتغير بالنسبة لي. استمتعت بوقتي كثيرا، لم تكن الأمور سهلة في بعض الأحيان، كانت صعبة في البداية على الصعيد الشخصي، لكن بعدها أحببت الدوري وعلمت ما هو عليه. كما أحببت نيويورك أيضا».
وسبق لهنري الذي توج هدافا للدوري الانجليزي الممتاز في أربع مناسبات وأفضل هداف في أوروبا مرتين، وبعد أن عاد الى ارسنال في 2012 على سبيل الإعارة من نيويورك ريد بولز خلال فترة توقف الدوري الأميركي ومن المؤكد انه كان من الصعب عليه الدفاع مجددا وفي هذا العمر عن ألوان الفريق اللندني الذي تركه في 2007 للانضمام الى برشلونة بعد أن أمضى 8 مواسم في صفوفه وتوج معه بلقب الدوري المحلي مرتين ولقب الكأس المحلية ثلاث مرات وأصبح أفضل هداف في تاريخ «المدفعجية» بتسجيله 228 هدفا في 376 مباراة (بينها هدفان في 7 مباريات خاضها مع الفريق خلال فترة الإعارة من نيويورك).
وسيودع هنري ملاعب اللعبة الشعبية الاولى في العالم وفي جعبته 411 هدفا وجميع الألقاب الممكنة أن كان على الصعيد الدولي أو في مسيرته على صعيد الأندية إذ توج أيضا بألقاب الدوري الفرنسي العام 1997 والاسباني عامي 2009 و2010 والكأس الاسبانية والكأس السوبر الاسبانية ودوري أبطال أوروبا والكأس السوبر الأوروبية وكأس العالم للأندية العام 2009 مع برشلونة الذي سجل معه 49 هدفا في 121 خاضها في جميع المسابقات من 2007 حتى 2010.
وتبقى هناك بعض الذكريات المؤلمة بالنسبة لهنري الذي لم ترحمه وسائل الإعلام بتاتا بعد حادثة الملحق الأوروبي المؤهل الى مونديال 2010 حين مرر الكرة بيده لوليام غالاس الذي سجل هدف التأهل لفرنسا على حساب ايرلندا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009.
ومن المؤكد أن هنري ندم على هذه الحركة وكان يفضل على الأرجح أن لا يقوم بها لو عرف ما سينتظره في مونديال جنوب إفريقيا إذ ودع «الديوك» النهائيات من الدور الاول بعد مشاركة محرجة للغاية تخللها مقاطعة اللاعبين للتمارين احتجاجا على قرار المدرب ريمون دومينيك باستبعاد نيكولا انيلكا لان الأخير شتمه، وما تبع هذه المشاركة من عقوبات من قبل الاتحاد المحلي بحق اللاعبين.
وقد تشوهت صورة القائد «تيتي» أمام رفاقه في المنتخب بعد أن طالب بلقاء الرئيس الفرنسي حينها نيكولا ساركوزي لكي يشرح له ما حصل في جنوب إفريقيا من تجاوزات من قبل بعض اللاعبين لكن ما حصل في المونديال الإفريقي لم يؤثر على مكانته في عاصمة الضباب لندن إذ ما زال معشوق جماهير «المدفعجية» التي ستتابعه من الآن وصاعدا من الاستديو أو منصات الإعلاميين في الملاعب لمعرفة رأيه بما يقدمه رجال الـ «بوس» ارسين فينغر.
العدد 4484 - الثلثاء 16 ديسمبر 2014م الموافق 23 صفر 1436هـ