الانطلاق على متن رحلة غوص بحرينية للبحث عن اللؤلؤ في عصرنا هذا، يبدو أمراً مشوقاً وممتعاً للغاية، وخاصة بعد أن اندثرت تلك المهنة، ولم يصلنا عنها سوى أحاديث ذكريات، وبعض لقطات وصورٍ شاهدناها في التلفاز أو المواقع الإلكترونية.
ما هو مشهور لدى عامة البحرينيين أن قيعان بحارهم أصبحت خالية من اللؤلؤ، لكن لم يبدُ مقنعاً لدى الكثير من الصيادين المحليين الاستسلام لهذه الفكرة؛ فنشطت في السنوات الأخيرة رحلات البحث عن ذلك الكنز المخبوء في صندوق المحار، وفعلاً كان للطامحين ما أرادوا، وجاد المحار ببعض خيره على أهله... وإن لم يكن كالسابق.
صيادان بحرينيان اصطحبا «الوسط» في «رحلة لؤلؤية» انطلاقاً من بندر الدار بجزيرة سترة، حيث اعتادا على جمع المحار بحثاً عن اللؤلؤ.
... وتهادى الانطلاق
تهادى القارب معلناً الانطلاق بقيادة الصياد المحترف داوود جمعة (40 عاماً) في اللحظة نفسها التي كان فيها قارب علي الطواش (65 عاماً) للتو قد عاد من رحلة غوص استغرقت نحو 3 ساعات، وقال الطواش الذي التحق بنا على متن قارب داوود إنه وأبناءه العاملين معه جمعوا قرابة طن من المحار.
كان ذلك طالع خير محفزاً بالنسبة لنا في هذه الرحلة. وانطلقنا نشق طريقنا في عرض البحر قبل أن نتوقف في مكان قريب قيل إنه موئل جيد للمحار واللؤلؤ.
هموم البحارة
لفت انتباهنا وجود طبقة بيضاء تشبه الزبد طافية على مساحات غير قليلة من سطح البحر، سألنا داوود والطواش عن السبب فأومآ إلى شركة محلية فتحت لها مصباً مباشراً في البحر لتلقي فيه المواد التي تستعملها في عملياتها الصناعية بعد إخضاعها لمستوى معين من المعالجة. شاهدنا المصب وكان يسوق مخلفاته بسرعة شديدة إلى البحر، وعلمنا أنه يعمل على مدار 24 ساعة ولا يتوقف بتاتاً.
داوود قال إن طفحاً يحصل للسمك في هذه المنطقة في فترات متفاوتة، مرجعاً السبب إلى «استمرار إلقاء هذه الكميات الرهيبة من المخلفات الخطيرة في البحر التي تؤدي بدورها إلى تسمم الأحياء البحرية وتهدد وجودها».
رغم أن رحلتنا كانت لصيد اللؤلؤ إلا أن ثمة جروحاً تتلبس الصيادين، تحضر في وجدانهم دائماً، ولا يمنكهم مغادرتها مهما كان السبب.
بدأ داوود يتهيأ للغوص وكان مرتدياً لباساً خاصاً لذلك. أراد أن ينزل فسألناه عن سبب عدم استخدامه لـ «سلندرات الأوكسجين»، فبيَّن أنها تستخدم للغوص في الأماكن العميقة، بينما بيئة ذات مستوى مياه منخفض كالتي سينزل فيها لا تحتاج سوى لنظارة وبعض التكنيكات كالخروج لالتقاط النفس بشكل متكرر.
في الأثناء قفز داوود للبحر حاملاً معه «مطارة بلاستيكية» يستخدمها لجمع المحار، وشرع في الغوص والتنقيب.
بينما داوود يجمع المحار، تبادلنا أطراف الحديث مع الحاج علي الطواش الذي ظل على ظهر القارب. كان رجلاً مليئاً بالخبرة والمعرفة، وذا تجربة ثرية للغاية.
حرص الطواش على تبيان هموم البحارة المحترفين كلما سنحت له الفرصة، ومزج ذلك بكل حديث يرويه لنا عن تجاربه في اللؤلؤ والصيد.
بين السحتيتة والدانة
أكد الطواش أن جمع المحار لا يكون عشوائياً، إنما هنالك أحجام معينة وهي (المتوسطة والكبيرة) التي يلتزم الغواص بجمعها، بينما تلك الصغيرة يذروها في قاعها لتكبر معتمدة على الرمل والطحالب، مستدركاً «لكن هذا ما يفعله أبناء البلد حفاظاً على بيئتهم ومصدر رزقهم، أما الأجانب فلا يحسبون لذلك حساباً» في إشارة منه إلى انزعاج البحارة البحرينيين من كثرة الترخيص للعمالة الأجنبية للعمل في البحر.
وأوضح «أن اللؤلؤ ليس على حالٍ واحد، ذلك أنه يصنف بحسب الأحجام التي يبدو عليها. فتلك المتناهية في الصغر تسمى «سحتيتة» وهي التي يجود بها محار البحرين بكثرة، لكنها زهيدة الثمن. وتابع «المتوسطة تسمى «حصباية» والتي تليها في الحجم تسمى «دانة»، فيما الأكبر حجماً على الإطلاق تسمى «اللؤلؤة». والدانة واللؤلؤة هما الأغلى ثمناً».
وأردف «حتى الدانة واللؤلؤة ليستا على مستوى واحد أيضاً. هنالك تصنيفات بحسب الأرقام (1،2،3) يتم التمييز بينها بحسب النظافة والجودة واللمعان وسلامتها من الخدوش».
بحثاً عن اللؤلؤ
«داوود بس عاد هذي بس جولة مو بحرة صدق»، كانت تلك مناداة الطواش لزميله داوود الذي كان مشغولاً بجمع المحار. جاء داوود وفرغ المحصول على ظهر القارب، وبدأ الاثنان في رحلة فتح المحار والبحث عن اللؤلؤ المدفون بداخله. استمر داوود والطواش بفتح المحار بواسطة سكاكين عادية، إلا أن لؤلؤاً لم يكن موجوداً ببواطنها. وشجعت العملية زميلنا المخرق للمحاولة. الحقيقة ظننا أن عملية فتح المحار من السهولة بمكان إنجازها لكن تعثر المخرق غير انطباعنا.
ولأن وقت الجولة لا يسع لفتح كل المحار، اكتفى الصيادان بالبعض الذي فتحاه، واستخرج داوود علبة كانت تحوي لؤلؤاً مختلفاً ألوانه كان قد استخرجه في الفترة الماضية.
أخذ الطواش لؤلؤة ووضعها داخل المحار، ولفت إلى أن تواجد اللؤلؤة في أي موقع منها يمنحها اسماً مختلفاً عن الآخر، فمثلاً إذا تواجد بالأعلى تسمى لؤلؤة «راس»، وفي المنطقة الوسطى تسمى «بطن». وذكر الطواش أن قيمة كل لؤلؤة تعتمد على كم من «الچوّ» (وحدة قياس اللؤلؤ). وزاد «أحياناً تستخرج عدداً كبير من «السحاتيت» لكنها ليست ذات قيمة، وأحياناً أخرى ترزق بأخرى كالدانة مثلاً «تفگ عيونك» فتكون تلك صفقة العمر، مشيراً إلى أن صيادين باعوا بعض اللآلئ بنحو 30 ألف دينار.
سألناه مازحين عن أغلى لؤلؤة استطاع بيعها، ضحك وقال: «للحين ما جت فرصة العمر».
وقت العودة
حان وقت العودة، لكن داوود أبى أن تختم الرحلة ونعود أدراجنا قبل أن نتناول وجبة الإفطار الشعبية على ظهر قاربه. كان ذلك كرماً بحرينياً وسماحةً مألوفة من شعبٍ أصيل عاش نصف تراثه تحت ظلال المزارع، ونصفه الآخر فوق ظهر البحر.
العدد 4484 - الثلثاء 16 ديسمبر 2014م الموافق 23 صفر 1436هـ
بلد اللؤلؤ و المرجان
موضوع شيق و جميل من صحافة مبدعة و شعب أصيل
اللؤلؤ
يا رايحين البحر أخذوني وياكم
شكرا لكم
موضوع جميل وممتاز لحفظ تراث الاجداد
بو فهد
الله يحفظ رزقكم... اتوقع الهوامير الكبار بييون لكم عشان ياخذون نسبة من اللولو اللي اتحصلونه...
في هالديرة الرزق يصادر دائما
قوانين لقطع الأرزاق
بعد تستخرجون محار؟
والله بكره مو بعيد خمسة قوانين بخلون لكم عشان يقطعون رزقكم و تصعب الشغله منها يمنع صيد المحار من مناطق معينه مثل ماصار الربيان في مناطق إلى ناس دون ناس
أجمل خبر
والله خذا أجمل خبر قرأته عام 2014
وإن لم يوجد اللؤلؤ .. ولكنها
هي البحرين الحبيبة
البحرينيون الكادحون
وجوه نيرة صباحكم مشرق كشروق الشمس.
4
اوه يامان اوووووه يامان هووو هي . تسلم الايادي وان شاء الله خيرها في غيرها . وأظن ان التلوث من البتروكيمياويات وكاذبين علي الناس ويقولون عندهم حوض يربون فيه سمك لاكن مو الشرا عليهم علي اللي صرح لبناء هذه الشركه لدمار البحر
واجد حلو الموضوع
الله يعطيكم العافية ولو زين تشتكون على الشركة عمد شئون البيئة
الله كريم
يعطيكم الف عافية على العمل في مجال الغوص .