العدد 4483 - الإثنين 15 ديسمبر 2014م الموافق 22 صفر 1436هـ

السلطة أحدثت «تشوهاً» في التجربة أوْلَدَ برلماناً «بلا ملامح»!

«التقدمي» يفتح ملف أربعة عقود من التجربة النيابية

مرهون وسلمان يتحدثان في الندوة بإدارة الحليبي - تصوير عقيل الفردان
مرهون وسلمان يتحدثان في الندوة بإدارة الحليبي - تصوير عقيل الفردان

مدينة عيسى - محرر الشئون المحلية 

15 ديسمبر 2014

تلاقت مطارحات ندوة المنبر التقدمي الديمقراطي بمناسبة مرور 41 عاماً على التجربة النيابية مع إحباطات ومواقف ونظرة شريحة كبيرة من المواطنين بشأن (فاعلية) وحقيقة المجلس النيابي.

وعقدت جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي ندوة مساء أمس الأول الأحد شارك فيها كل من النائب في برلمان 1973 محسن مرهون، والنائب السابق عبدالنبي سلمان، مهد لها مدير الندوة عضو المكتب السياسي ورئيس اللجنة الإعلامية بالجمعية فاضل الحليبي بوصف تجربة برلمان 73- 1975 بأنها تجربة غنية تميزت بوجود كتل نيابية فاعلة في ذلك البرلمان ومنها كتلة الشعب التي قامت بدور بارز بدعم من جبهة التحرير الوطني البحرانية.

انهيار الامبراطورية البريطانية

وعبر المحاضر محسن مرهون عن تمنيه في أن يكون الحضور من فئة الشباب الذين لم يعاصروا تلك المرحلة، ذلك أن أغلبية الحضور كان قد لمسها على الأقل فقد مضى عليها ما يربو على 40 سنة، بالتالي فإن فئة الشباب هم في حاجة إلى معرفة المرحلة وتلمسها، ثم انتقل إلى مضمون حديثه بدءاً بانهيار الامبراطورية البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية إثر سقوط أسلوب (الاستعمار المباشر)، وصعود الاستعمار غير المباشر الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، ثم قررت بريطانيا منذ الستينيات الانسحاب من شرق السويس، وضمن هذه الانسحابات انسحبت أيضاً من منطقة الخليج ومن بينها قرارها بالانسحاب من البحرين.

وفي هذه الفترة، حدثت بعض الصراعات الذي يبدو لي أنها مرتبطة بـ(صراع مختلق)، منها مطالبة إيران بالبحرين ثم إجراء الاستفتاء في مطلع السبعينيات، وفي ذلك الوقت - وبالروح الوطنية مع انعدام الانشقاقات الطائفية التي نعاني منها اليوم - صوت شعب البحرين جميعهم بمؤسساتهم باتجاه عروبة البحرين واستقلالها، ثم تشكل مجلس الدولة في الستينيات، ومن بعده تحول إلى مجلس الوزراء، وفي العشرين من يونيو 1972 صدر القانون رقم 12 بإنشاء مجلس تأسيسي مكلف بوضع دستور للدولة يتكون من 22 عضواً من الأعضاء المنتخبين انتخاباً حراً مباشراً، وأن يكون معهم عدد لا يتجاوز العشرة أعضاء يختارهم الأمير ذلك الوقت، وأن يكون الوزراء أعضاء في هذا المجلس فلم يكن المجلس كامل الصلاحيات.

مقاطعة ومشاركة ومرأة

وقال مرهون الكتلة الانتخابية في ذلك الوقت كانت تعادل 22 ألف مواطن فتعداد السكان كان قليلًا وضمن هذه النظرة والرؤية كان التنظيمان الأساسيان في البحرين والمؤثران هما جبهة التحرير الوطنية والجبهة الشعبية، وبتدارسهما لهذا الموضوع وهذه الآلية، تم الاتفاق على مقاطعة الانتخابات باعتبار أنه ليس مؤملًا أن هذا المجلس سيتمخض عنه نص دستوري جيد، ولم تحقق دعوة المقاطعة في حينها صدىً لأن الناس كانوا متلهفين للمشاركة في العملية الديمقراطية وصنع القرار.

وانتظم المجلس التأسيسي بتكويناته وأجريت الانتخابات التي شاركت فيها الكتلة الدينية والبعثيون، وقاطعتها جبهة التحرير والجبهة الشعبية وحرمت منها المرأة وهذه من النقاط السلبية، أما النقاط الإيجابية فمنها أنه لم يعطَ رجال الأمن والجيش حق المشاركة في الانتخابات، ولهذا، فإن المجلس التأسيسي بعد أن انتهى من مناقشة مسودة الدستور وأقرها وصادق عليها الأمير وقتذاك، وبدراسة الدستور بعد إقراره ارتأت جبهة التحرير احتواءه على عناصر جيدة وإيجابية بالإمكان استثمارها وبإمكانها فرض رؤاها داخل هذا المجلس إن تمكنت من الدخول وستعارك ضد ما هو منتظر من سلبيات، وأصرّت الجبهة الشعبية على موقفها بمقاطعة الانتخابات من واقع أنها لا تعدو كونها انتخابات مرتبة من الامبريالية والاستعمار.

إطلاق السجناء السياسيين

وتطرق مرهون إلى الأدوار التي لعبتها كتلة الشعب وقال: «تلك المرحلة، كانت على قصرها مرحلة غنية بالأحداث، وقادت كتلة الشعب عريضة موجهة إلى الأمير بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسماح للمنفيين بالعودة ولم نتمكن من جمع تواقيع جيدة، ولكن بالمقابل، مجموعة من أعضاء المجلس فيما بعد، قدموا اقتراحاً برغبة بإطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين، وتم بالفعل إطلاق سراح الكثير من المعتقلين وخصوصاً في أوساط الجبهة الشعبية ممن كان الكثير منهم معتقلين في ذلك الوقت».

(ألعن أبوها... ما نبغي خمر)!

وشخص نظرة الحكومة بالقول: «الحكومة آنذاك، وحتى اليوم، تسميها التجربة البرلمانية، فلم تسمها الحياة النيابية أو الديمقراطية، فكانت عملية تجريب من الواضح أنها مبيتة للوصول إلى الوضع الذي نراه اليوم... حتى أنه قبل بدء دور الانعقاد الثاني بيوم واحد، صدر مرسوم بشأن تدابير أمن الدولة أعطى وزير الداخلية الحق بأن يعتقل أي إنسان مشتبه فيه إلى مدة يفترض ألا تتجاوز ثلاث سنوات بحسب النص، وكل ستة أشهر لطلب التجديد، بل وتجاوزت الحكومة هذا القانون الجائر فكانت تعتقل وتسجن لمدد تصل إلى خمس وسبع سنوات وقانونهم مسحوه! ذلك المرسوم خلق أزمة داخل المجلس، وكنا نعلم وعلمنا أن الحكومة استطاعت أن تقنع التكتل الديني بأن يصوت مع هذا القانون لأنه سيستعمل ضد الشيوعيين، وكانت الكتلة الدينية في ذلك الوقت قدموا مشروع قانون بمنع تداول المشروبات الروحية، وكنا نقول للحكومة، سنصوت مع الدينيين في مساومة لمنع المشروبات الروحية (العن أبوها ما نبغي خمر)، على أن يصوتوا معنا ضد تدابير أمن الدولة! وأود الإشارة إلى أن أحد الوزراء ممن توفوا قال لي: «يا محسن... إذا تبون مجلسكم يظل... الخمر خط أحمر».

دستور (2002) المقيد

ووصف النائب السابق عبدالنبي سلمان في مساحته للحديث دستور 2002 بأنه (مقيد بالمواد المعيقة)، فلم يستطع من شارك في البرلمان إحداث أي تغيير حقيقي لأكثر من ثلاثة فصول، ومع بدء الفصل التشريعي الرابع، فإن الإيجابية الوحيدة هي استمرارية التجربة البرلمانية بكل ما فيها من نواقص، لكنه رأُى غياب الإرادة السياسية لتطوير التجربة من الداخل والخارج، ومع غياب المعارضة، فليس في البرلمان الحالي كتل للتجار أو العمال مع أن هناك اتحادات عمالية موالية وقريبة من النظام لكن ليس لها أي تمثيل في البرلمان.

وزاد قوله: «وبالتالي، فإن توجهات الحكومة لا تقتصر فقط على تغييب الأحزاب بل تغييب الكتل بشكل عام، ويمكن أن نقارنها بتجربة 73 وبرلمان 2002 التي كانت ندّاً حقيقياً للنظام، فقد كانت هناك كتلة النواب الديمقراطيين، الإخوان المسلمين والأصالة، ونحن كنواب ديمقراطيين دخلنا ببرنامج وحققنا ما نستطيع من خلال المجلس والكتل الأخرى كان لديها برامج لكن الحكومة لا تريد ذلك».

طابع طائفي بلا برامج

وتناول الحديث عن الانتخابات الأخيرة، فأشار إلى أن طبيعة الندوات أو الفعاليات التي تقيمها بعض القوى وليس جميعها تكتسي بطابع طائفي في كثير من وجوهها خاصة بعد الأزمة السياسية، وقد شاهدنا في الانتخابات التجييش الطائفي والمذهبي، لكن لم يتكلم أحد عن برامج ومشاريع، ولم نقرأ في إعلانات المترشحين شعارات عن مكافحة الفساد والمساءلة والمشاركة الشعبية والتجنيس السياسي (ولم أجد شعاراً يتكلم عن التجنيس السياسي وهي مسألة حيوية لشعب البحرين بكل طوائفها وفي هذا انتكاسة للوعي السياسي والاجتماعي)، تماماً كما لم نجد برامج تتعلق بالموازنة العامة للدولة والمشاريع الإسكانية إلا بشيء مختصر جداً، ما يعيدنا إلى أهمية وجود الأحزاب السياسية - الحقيقية وليست الطائفية - في التجربة البرلمانية، فالأحزاب الحقيقية ترفع شعارات حقيقية وتدافع عن قضايا الناس ولديها جماهيرها وإمكاناتها التي تؤهلها للدفاع عن شعاراتها لكي لا تبقى مجرد شعارات عابرة.

ولفت إلى أن الحكومة أرادت البرلمان الحالي للمستقلين بلا كتل، لأنه من السهولة أن تتعامل مع المستقلين وتسيطر عليهم، لا أحد يتكلم عن كتل بل عن مستقلين والكتلة الأكبر هي المستقلين منذ 2010 حتى الآن وستكرس اليوم على المستقلين لأنه من السهولة تتعامل مع المستقلين لأن من السهولة السيطرة عليه، وبالنسبة لآفاق التجربة، فإننا أمام برلمان بلا لون ولا طموح ولا برنامج سياسي، ودون إهانة إلى أحد، إلا أن الحقائق الموضوعية تؤكد أن القوى السياسية الإسلامية والقومية ورموزها غائبة، ونحن لا نلغي أحداً إلا أن التشوُّه الحاصل أحدثته السلطة، والتجربة الحالية لا تمتلك أفق المساءلة الدستورية ولا قدرة على إنضاج تجربة في ظل غياب القوى الوطنية والبرامج السياسية.

وأفاد بأن كتلة النواب الديمقراطيين تقدمت بمشروع الأحزاب السياسية في العام 2003، ومحتواه عبارة عن خلاصة مشاريع الأردن والمغرب ولبنان وبعض الدول، وقد استخلصنا ما يناسب البحرين وقدمنا مشروعاً رزيناً ومكتوباً بطريقة حضارية، وأوضح بقوله: «قدمنا المشروع صباحاً، وعلى الغداء، قدمت الحكومة مشروع الجمعيات السياسية، وأوزعت الحكومة إلى كتلها وغير كتلها لإسقاط مشروع الأحزاب وتم إسقاطه في لجنة التشريعات وليس في المجلس، والذي أسقطه محامون يتحدثون اليوم عن قوانين وتشريعات».

وشارك الحضور في ختام الندوة بطرح تساؤلاتهم التي دارت في إطار تواصل العمل واستمراريته لتغيير هذا الواقع الذي تعيشه المملكة ضمن حياة نيابية لا أفق لها.

العدد 4483 - الإثنين 15 ديسمبر 2014م الموافق 22 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 10:10 ص

      للتاريخ

      شكرا محسن مرهون ... للتاريخ .. الكتلة الدينية في ذلك الزمن الردي هم من وقف مع الحكومة وسنوا قانون امن الدولة سيئ الصيت ياريت يسمع من يسمون روحهم بالثوار هذا الكلام ويعرفون موقف العمامة

    • زائر 10 | 2:21 ص

      ارادة مفقودة

      الحكومة لا تريد التغيير و لا المشاركة الشعبية في ادارة شؤون الدولة و المجلس النيابي الموجود حالياً مجرد ديكور يستجدي اعضاءه الوزراء للرد على اسئلتهم و حضور الجلسات. الواقع الحالي لن يتغير الا بضغوط خارجية حقيقية تعيد نصاب الامور و ترجع البلد لعنفوانه الذي فقد

    • زائر 7 | 1:37 ص

      شبعنا،،،،

      مؤتمرات ندوات محاضرات تصريح وهذا قال وهذا صرح ،،، معارضه فاشله و عقيمه

    • زائر 6 | 12:47 ص

      نعم برلمان بلا ملامح مشوه

      برلمان كسيح لا يمثل الشعب البحريني وحقوقه يمثل رواتب البرلمانيين فقط وبشوتهم

    • زائر 8 زائر 6 | 1:57 ص

      ههههههع

      ولما كانت الوفاق في البرلمان كان زين يعني. اخذوا الفلوس وطلعوا. الله يهديك بس

    • زائر 5 | 12:43 ص

      الله اساعدكم بس نباح بلا صوت

      مضى الدهر عليكم وانتهت صلاحيتكم اهم شي اخذو ادويت الضغط والسكري الحكومية اللي ببلاش قبل النوم يالله حسن الخاتمه جابلو البيت والعيال طال عمركم انتهى المولد وزفو العروس . تحياتي

    • زائر 9 زائر 5 | 2:15 ص

      انت يبين عندك انتهى الوضع

      لانك ترقص واذا خلصت بتروح تنام . ولكن الكلام ليس لك يالحبيب بل للمسئولين الذين يعرفون ما معنى ان نصف الشعب لم يشارك في البرلمان الكسيح وان كابروا لكن داخلهم يقول ( بلوى ومصيبة ما خلصت ) اما انت وامثالك ترقصون عل الطل وتنفون حقدا لن يوصل الى حل واستغلوكم ..لكن فذ الطرف الاخر لم ينهزم لكي تقول انهى كل شئ لو انتهى كل شئ ليفتح دوار اللؤلوة ولتزاح سيارات الامن من عل ابواب القرى اذا رأيت تلك المظاهر اختفت بعدها قل انها كل شئ وزفوا العروس .

    • زائر 4 | 12:31 ص

      اين الحضور

      شكرآ التقدمي علي دعوتكم الكريمه ،استمتعنا بما دار ولكن لي عتب هل معقول انه تم الدعوة لثمانية أشخاص فقط وهذا هو الحضور مع الأسف ،، اين الشباب الذي سيحمل المسئوليه في المستقبل في إدارة الجمعيات ،،شكرآ التقدمي وشكرآ الوسط .

    • زائر 2 | 10:25 م

      كلام مأكول خيره

      كلام عقي عليه الزمن وصار فعل ماضي يعني مأمنه فائدة

    • زائر 1 | 8:51 م

      خلاص انفض المجلس

      سؤالي الى كل من ينتقد الحكومة ما هو الحل لديكم حيث انكم دائمي الهروب من الازمات التي تعصف بالبلاد ، طوال السنوات الماضية لم نرى منكم الا المؤتمرات والندوات وبعدها ينتهي كل شي ما الذي تغير ولا شي ، المواطن يريد اشياء ملموسة وتحاكي الواقع المعاش انما غير ذلك لا يجدي ولا ينفع

    • زائر 11 زائر 1 | 2:34 ص

      كلام زائر 1 سليم تماما

      كلام الأخ زائر رقم 1 سليم تماماً.. فما ندفع الندوات والمؤتمرات وبعدها ينتهي كل شيء؟ لكن اجيب بالقول..الحراك السياسي والفكري والاجتماعي يتطلب تنمية للوعي والموقف المبدأي، أما السؤال الصحيح فهو :"لماذا تصر الحكومة على الفساد والاستئثار بالسلطة والاستيلاء على الأراضي والسواحل وتقرب من تريد ولا تنجز اصلاحًا حقيقيًا؟ السؤال يازائر 1 صحيح لكن في غير محله، يجب أن توجهه الى الحكومة التي لا تريد إلا ....الظلم.. لكن لن يستمر لها ذلك طويلًا مهما احتمت بالقوى الاقليمية ضد شعبها.

اقرأ ايضاً