«الكاتب الشبح»، مصطلح لا يبرز في وسائل الإعلام الغربية إلا ويكون مقترناً بما يشبه الفضيحة؛ بل هي الفضيحة؛ ويطلق على الشخص المجهول الذي يقوم بالكتابة والتأليف باسم شخص آخر مقابل مبلغ نقدي. طبعاً لن يكتب إلا لمن يملكون مالاً لا يعرفون طرقاً مبتكرة لإنفاقه؛ وغالباً هم من المشاهير الذين لا يملكون الموهبة الأدبية، أو الكتابة عموماً؛ بمعناها الإنتاجي، ويبحثون عن تعزيز الوجاهة التي هي عندهم أساساً.
وجدت بعض الصحف البريطانية والأوروبية عموماً، خلال مطلع الشهر الجاري ديسمبر/ كانون الأول 2014، مادة دسمة تشتغل عليها، وتحقق من خلالها توزيعاً أكثر لأعدادها، بعد أن أصبحت رواية «Girl Online» للمدوِّنة، وصاحبة قناتين على يوتيوب، زويلا، أو زوي سوغ، الأسرع مبيعاً في العام 2014، بتحقيقها مبيعات وصلت إلى 78 ألف نسخة في الأسبوع الأول من طرحها. وجاء في تقرير مختصر كتبته الصحافية ديزي وايت يوم الثلثاء (2 ديسمبر 2014) أن الرواية التي تتوجه إلى البالغين من الشباب تتابع قصة الفتاة «بِنِي»، وهي في سن المراهقة تقوم بتدوين مشاعرها المسكوت عنها، تلك المتعلقة بالصداقة، والأولاد وهمومها الخاصة.
بعدها بأيام فجّرت صحيفة «التلغراف» فضيحة من العيار الثقيل من خلال تقرير كتبته غابي وود بتاريخ 9 ديسمبر الجاري؛ حمل العنوان الآتي: هل يهم إذا استخدمت زويلا «الكاتب الشبح»؟ في إشارة إلا أن زوي سوغ لم تكن هي كاتبة الرواية، وباعترافها؛ مع تأكيدها أن شخصيات الرواية والأدوار التي لعبتها هي من بنات أفكارها؛ وما حدث لم يكن بدْعا من البدع.
الفتاة التي تبلغ من العمر 24 عاماً والمدونة الجميلة والمشهورة وصاحبة قناتين على «يوتيوب»؛ والتي عرفت بزويلا؛ كل ذلك قائم يمكن فهمه واستيعابه؛ ولكن في الكتابة؟ سيلاحظ الذين تابعوا أسلوبها على مدونتها بأنه أقل مستوى، إضافة إلى أن هناك قواسم مشتركة مع الأسلوب الذي كُتبت به، بقربها من أسلوب روايات سيوبهان كورهام؛ والذي يعتقد كثيرون بأنه «الكاتب الشبح» الذي يقف وراء رواية Girl Online، وبأسلوب لا يمكن إغفال تقنيات السرد واللغة التي عُرف بها!
هنالك روح من الاستغلال استثمرها الناشرون اعتماداً على مواصفات «برّانية» تتمتع بها زوي، إضافة إلى حضورها الكبير واللافت؛ لتحقيق تلك المعدّلات غير المسبوقة من المبيعات في أسبوع واحد؛ وحتى لحظة تتبُّع التقارير؛ تكون الرواية قد باعت أكثر من 100 ألف نسخة في أقل من عشرة أيام.
وفي التسويق، ومن أجل حصد مزيد من الأرباح، لا يتم التعامل مع طبيعة الـ «ghostwriter» (الكاتب الشبح)، إلا من باب الاستغلال، ومن دون رحمة من قبل الناشرين.
العلاقة التي تربط زوي بكورهام؛ أخذت بالشائعات والتكهنات مرحلة الإقرار بمن يقف وراء كتابة الرواية. قد تبدو الفضيحة أقل دوياً، بعدم نفي كورهام بأن شخصيات الرواية والأدوار التي احتوتها هي من بنات أفكار سوغ؛ لكن ذلك لا ينفي أن المال هناك وحتى هنا - في الشرق - يلعب دوراً كبيراً في تحقيق مكانة وشهرة مضاعفة من خلال الدخول في الوسط الإبداعي من خلال الكتابة والنشر؛ وهو وسط يتم ولوجه من قبل تلك الشرائح التي لا تحتاج إلى الشهرة، من باب الوجاهة المضاعفة؛ ومحاولة إكمال ما يعتقدون أنهم يفتقدونه، ولن تكتمل تلك الوجاهة إلا بدخول ذلك الوسط؛ إلى حين البحث عن وسط آخر ربما!
سوغ قبل أن تخوض تجربة الرواية؛ بغضِّ النظر عن حقيقة من يقف وراء كتابتها؛ كانت تستند إلى «أصالة» في الحضور لدى جمهورها ومتابعيها، والشهرة التي اكتسبتها؛ وبالتالي؛ كانت حسابات الربح والخسارة في أصالة الحضور ذاك تستحق المجازفة؛ وخصوصاً مع التبريرات التي قُدِّمت؛ والصمت عن الرد على تلك التبريرات من قبل كورهام.
الرواية التي تم إطلاقها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، تدور حول الفتاة المراهقة «بِنِي» التي تعمد إلى الكتابة في مدوّنة مشاعرها المسكوت عنها تلك المتعلقة بصداقتها وعلاقاتها في مرحلة الدراسة الثانوية، وكذلك نشأتها وسط عائلة مضطربة، وما يستجد من بروز حادث مفزع يعمل على قلب حياتها رأساً على عقب؛ تنتقل بسببه إلى مدينة نيويورك، وهنالك تتعرّف على عازف الجيتار الشاب «نوح»، الذي وقعت في حبه، وقامت بتدوين كل ذلك تحت اسم مستعار على الإنترنت، وتتبّع الرواية قصة علاقة يصل أمدها إلى 15 عاماً؛ ولأن الشاب نوح كان لديه سر؛ يهدد بكشف العلاقة بينهما.
وبحسب تقرير ديزي وايت بصحيفة «الإندبندنت» وصفت الرواية بأنها «حديث الساعة بالنسبة إلى الشباب في نوتينغ هيل».
يشار إلى أنه في أسبوع واحد أيضاً، بيعت جميع التذاكر التي حُدِّدت بـ 2،400 تذكرة لتوقيع الكتاب في كل من: غلاسكو ومانشستر وكنت في أقل من 24 ساعة، كما تم بالفعل بيع حقوق الرواية في عقود لترجمتها إلى 25 لغة عالمية، ستبدأ مع مطلع العام 2015.
يذكر أن زوي سوغ، بريطانية الجنسية ومن مواليد 28 مارس/ آذار 1990، مهتمة بموضوعات الموضة والجمال والتدوين على الشبكة، ولها قناتان على «يوتيوب»، ووصل عدد المترددين على مدونتها إلى رقم قياسي بلغ 140 مليون زيارة.
حملت ألقاباً عدّة من بينها سفيرة خدمة المواطن في العام 2013، وفي العام التالي كانت تحمل لقب «السفير الرقمي» الذي تمنحه الجمعية الخيرية للصحة النفسية.