في اليوم الأولِ من عامٍ لم يأتِ بعد

من قرنٍ لم يأتِ بعد

في وطنٍ لم يأتِ بعد

نهضتْ ذاتي فرعَ صنوبرِ مطلوقاً في سفحٍ جبلّيٍ

لم ينشأْ بعد

طارتْ مثل حمامٍ

يلتقطُ الحَبَّ كثيراً من كفِّ فتاةٍ

لم تولدْ بعد

سكبتْ كلَّ قصائدِها المكتوبةِ بمدادِ الروح

وحلمِ الروحِ وعطرِ الروح

في نهرٍ .. لم يجرِ بعد

نهضت ذاتي سنبلةً فركتها الريحُ بكلتا يديها

نثرتها الريح على أرضٍ لم تظهرْ بعد.

في اليوم الأولِ من عامٍ لم يأتِ بعد

نهضتْ ذاتي

تبحثُ عن ذاتي في كل القمح الراكض في سهل الحكمةِ

والأفقُ المشدودُ شريطُ نهايةِ هذا الركض إلى الأبديةِ

نهضتْ ذاتي تسأل عن وطنٍ في اللاشيء؟

في اليوم الأولِ من عامٍ لم يأتِ بعد

كان مليئاً بطيورٍ تعبرُ هذا الوقتَ كسهمٍ إفريقيّ

ليصيبَ التفاحةَ فوق الرأس تماماً

لكن اللهَ نفانا من ذاكَ الوطن الأبدي

إلى ما أسماهُ لنا الجنةَ

والجنةُ لم تُبْدَعْ بعد

لكنَّ اللهَ نفانا

يكفي يا اللهُ

ليس لنا أكثرَ من رِجْلَيْنِ لنعبر منفانا

ليس لنا إلا أجنحةٌ من شمعٍ لا تحتملُ الضوء

ليس لنا إلا هذا العددُ المحدود من الأنفاس

لا تكفي

صدّقنا يا الله

لا تكفي لمزيدٍ من سفرٍ للاشيء

يكفي يا اللهُ بُعاداً

أينَ الوعدُ بنصرٍ لم يأتِ بعد

أين الوطن النازل معنا من رحم امرأةٍ

لم تُخلقْ بعد

أين السعدُ

وأينَ الشهدُ

وأين الخُلد / لم يخلدْ بعد...

في اليومِ الأولِ من عامٍ لم يأتِ بعد

لم آتِ بعد

لم أُخْلَقْ بعد.