«حَدَّثَنَا مَسْرُورُ بْنُ مَسْرُوقٍ التَّمِيمِيُّ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْم، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (ع) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): أَكْرِمُوا عَمَّتَكُمُ النَّخْلَةَ؛ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الطِّينِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا آدَمُ وَلَيْسَ مِنَ الشَّجَرِ يُلْقَحُ غَيْرُهَا، وَأَطْعِمُوا نِسَاءَكُمُ الْوُلَّدَ الرُّطَبَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبٌ فَالتَّمْرُ، وَلَيْسَ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ شَجَرَةٍ نَزَلَتْ تَحْتَهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ».

الذي دعاني وحثني على كتابة هذا البحث المختصر في النخلة وثمارها عدة أمور، تتلخص في الآتي:

- هي صديقة البيئة.

- النخلة هي الشجرة الوحيدة بين الأشجار التي لا يتساقط ورقها.

- النخلة هي الشجرة التي حظيت بالتقدير والذكر والاهتمام على مر العصور.

- النخلة هي الشجرة التي ذكرت في جميع الديانات، فقد ذكرت في التوراة والتلموذ والإنجيل والقرآن الكريم.

- النخله ذكرت في القرآن الكريم نصّاً في 21 اية كريمة.

- وذكرت في السنة النبوية وحديث نبوي شريف 300 مرة.

ومن الآيات التي ذكرت فيها النخلة:

- قال تعالى «فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون»، (المؤمنون: 19)، وقال تعالى «يُنبتً لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب» (النحل: 11)، وقال تعالى «ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً»، (النحل:67)، وقال تعالى «وجعلنا فيها جنات من نخيل واعناب وفجرنا فيها من العيون» (يس:34)، وقال تعالى «أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل» (البقرة: 266)، وقال تعالى «وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان» (الرعد: 4).

كذلك وردت احاديث نبويه كثيرة تبين فوائد ثمار النخيل، منها: قول رسول الله (ص): «من تصبح كل يوم بسبع ثمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر». وايضا قوله (ص) «بيت لا تمر فيه جياع أهله»، كما قال (ص) «لا يجوع أهل بيت عندهم التمر».

كل جزء من النخلة له فائدة عظيمة، ثمارها ليفها ساقها سعفها حيث يستطيع الإنسان ان يمكث شهرين على الأسودين الماء والتمر كما ورد في الصحاح.

ثمار النخيل متوافرة وباسعار زهيدة وعمر هذه الشجرة مديد، حيث انها تقاوم اقصى ظروف الطبيعة، كما قيل في الصحيحين «ان قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فان استطاع ألا يقوم فليغرسها».

وقد خلدها اليابانيون والآشوريون والفراعنة في مصر ما قبل التاريخ، حيث وجدت مومياء ارمنت ملفوفة في حصير من سعف من عصر الأسرة الأولى من 3200 سنة قبل الميلاد. وهذا يوضح أهمية النخله.

وهناك سبعة قواسم مشتركة بين النخلة والإنسان، هي:

- ذات جذع منتصب، ومنها الذكر والأنثى.

- أنها لا تثمر الا إذا لقحت.

- إذا قطع رأسها ماتت.

- إذا تعرض قلبها لصدمة قوية هلكت.

- إذا قطع سعفها لا تستطيع تعويضه من محله، كما لا يستطيع الانسان تعويض مفاصله.

- النخلة مغطاة بالليف وهو يشبه شعر جسم الانسان.

- كما ان عدد الصبغات الوراثية ( الكروموسومات ) 49 كروموسوماً 7×7= 49 وهذا العدد من الكروموسومات موجود في النخلة والانسان.

ارتبطت عمتنا النخلة بتاريخ وتراث البحرين وحضارتها فيقال عنها بلد المليون نخلة وهو لقب اشتهرت به على مستوى الخليج، واحتلت النخلة في البحرين مركزاً متميزاً في الموروث الثقافي والتراث البحريني.

كما احتلت المرتبة ذاتها في السعودية والعراق وباقي دول المنطقة وكانت النخلة او (العمة) كما يناديها اهل الخليج والجزيرة السبب الرئيسي في تواصل العلاقات بين البحرين ودول المنطقة التي انتجت علاقات اقتصادية كان سببها (العمة أو النخلة).

ويؤكد باحثون واختصاصيون وخبراء واصحاب دراسات في هذا المجال ان النخلة ورطبها وتمرها ارتبط بهوية المواطن الخليجي وزاد اهل الخليج في واحتهم ومصدر عيشهم، أنها كانت «تيمة» مباركة ارتبطت بوحدتهم كارتباط الجمل بهم، الذي وصفوه بأنه «سفينة الصحراء»، بل ان الكثير من الفنانين والشعراء والأدباء تغنوا بالنخلة وكتبوا فيها القصائد التي مازالت في تراثنا إلى الآن، وتم من خلال ما كتب عنها ابراز دورها في المجالات، بل ان هناك مسابقات اقيمت على المستوى الخليجي والعربي للنخلة.

واقيمت بعض المؤتمرات في البحرين ألقت الضوء على الظلم والإجحاف الذي اصاب النخلة، مطالبين باعادة الحياة لها بوصفها رمزاَمشتركاًَ للبحرينيين جميعا وتحثهم على استمرار مسيرة الاباء والأجداد. ولاأزال أتذكر كلمة المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه) عندما قال لوزير الأشغال الأسبق ماجد الجشي أمام مسامعنا: «هذه عمتكم النخلة فحافظوا عليها»، وكان ذلك عندما أعاد افتتاح شارع الشيخ عبدالله من الجهة الشرقية.