العدد 4480 - الجمعة 12 ديسمبر 2014م الموافق 19 صفر 1436هـ

لبنى الأمين ورفاقها يستعيدون روح المكان

في معرض العمارة 1644

بعث نستلوجيا (الحنين إلى الماضي) في مجموعة من الفنانين بقيادة الفنانة لبنى الأمين أن يخرجوا من صالاتهم الفنية إلى وسط سوق المحرق ليستعيدوا روح المكان وليتوقفوا هذه المرة مع «عمارة 1644» ويعيدوا لأشيائها الألق ولكن على طريقتهم الفنية الخاصة، فشرعوا في ورشة لإعادة تدوير الأشياء فنياً ابتدأت من 1 ديسمبر/ أيلول 2014 واستمرت عشرة أيام، تولد عنها معرض فني تم افتتاحه مساء الأمس 12 ديسمبر/ كانون الأول 2014 ويستمر أربعة أيام في عمارة يوسف بن عبد الرحمن فخرو.

شارك في ورشة التدوير والمعرض الفني كل من الفنانين لبنى الأمين، محسن غريب، علي حسن، جعفر العريبي، زهير السعيد، فائقة الحسن، محسن المبارك، أحمد إمام، جهان صالح، أصغر إسماعيل، عبد الوهاب تقي، نبيلة الخير، أحمد عنان، محمد طه.

من الصالة إلى السوق

في عمارة 1644 وفي وسط سوق المحرق راح الفنانون يحيون روح المكان ولكن على طريقتهم الخاصة، بالانتقال من صالاتهم المغلقة والتي لا يلجها إلا المهتمون غالباً إلى وسط السوق حيث الضجيج ولمة الناس، ليستعيدوا روح المكان ويضعوا لمساتهم الفنية على بقاياه وأشيائه المتهالكة ويمنحوها بصمة جديدة تستعيد روح المكان وتمنحنا إحساساً بالدفء وسط برودة زمن استهلاكي عاثر أخذ منا الكثير. وهذا الفعل التفاتة تشي بأنه مازال ثمة أمل ربما تستطيع الفنون إحياءه فينا بين فترة وأخرى عبر مبادرات مختلفة في انتقالها من مكان لآخر.

عبق الماضي

تلك العمارة التي كانت في يوم من الأيام الغابرة تعج بالحركة وتضج بالناس وبالبضائع مر عليها الزمن فتركها ركاماً وحوّل أشياءها إلى مجموعة من المتناثرات هنا أو هناك وسط جدران متهالكة، ولكن مخيلة فنية رصدتها فرأت أن تلك الخربة التي مر عيلها الزمن وبعثر أشياءها، مازالت تستطيع أن تعود لماضي عهدها، لا لتحيا وتعود من جديد كما كانت، بل لتحمل لنا شيئاً من عبق الماضي المتخيل والآسر لتعطر به وهدة هذا الحاضر، وتمنحنا شيئاً من الارتواء وسط زمن ربما جفت فيه المشاعر ونضبت فيه الأحاسيس. ومن هنا تنبع القيمة الفنية في العودة للماضي الذي يستحثنا إليه الفنانون عبر نستلوجيا الحنين الذي لا يتوقف عند كل إنسان، وربما يكون الفنان أكثر رهافة في الإحساس به وإيقاظ روحه فينا.

إعادة تدوير الأشياء

وسط هذا الركام وجد كل فنان ضالته من أخشاب وصناديق ومراوح وعربات ومرايا، وكراسي، ومواد تجارية مختلفة وغيرها، وأرشدته مخيلته الفنية لأن يتلمس ما في هذه الأشياء المتناثرة وسط العمارة من إحساس يمكن استعادته وإحياؤه وذلك ربما بلمسة فنية هنا وتشذيب قليل هناك، حتى أخذت الأشياء بين أيديهم شكلها النهائي بعد إعادة تدويرها في قالب فني يمنح المكان بهاءه من جديد من خلال البصمة الفنية الخاصة بكل فنان، وما في هذه الأشياء من بقايا روح كان بالإمكان بعثها بقليل من الفن وكثير من الإحساس.

روح المكان

هكذا آنس المكان في الفنانين أن يعملوا بروح الفريق الواحد، رغم تجاربهم الفنية المتمايزة وأجيالهم المختلفة ومدارسهم المتعددة ولكن هذه الروح التي تملكتهم ربما أتت عبر مسحة من طبيعة المكان الذي استطاع في الماضي أن يجمع بين ربوعه المتآلفين والمختلفين. وذلك ليس غريباً في زمن ربما كانت الحياة فيه أكثر بساطة وأكثر ألفة جمعت الآباء والأجداد والأبناء على اختلاف مشاربهم وحتى طوائفهم وأعراقهم تحت سقف بعيداً عن الاختلاف والائتلاف لما لطبيعة المكان التجاري من روح حيادية قادرة على جمع المفارقات المختلفة.

حياة جديدة

ابتداءً من 1 ديسمبر 2014 عملت مجموعة الفنانين بدأب لمدة عشرة أيام على إحياء ماض شغفوا أن يعيشوه وفي عمارة مر عليها 100 سنة أحبوا أن يستعيدوا روح هذا المكان ولإعادة تشكيله كان لزاماً عليهم أن يعملوا بروح الفريق الواحد التي تستمد مخيلتها من أجواء المكان وحكاياته التي تتخفى وراء المتناثرات هنا وهناك من مواد تجارية مختلفة. ففي حين جمعت لبنى الأمين في عملها بين مجموعة من الخيوط وقطع الساج القديمة، نرى محسن غريب قد عكف على مجموعة من الأخشاب راح يخط عليها ويلونها ويستعيد بهاءها. وبينما راح عبد الوهاب تقي يشكل مجموعة أخرى من الأخشاب في شكل سمكة كبيرة متسدعياً معه الفنانين لحملها إلى موقعها، راحت فائقة الحسن تعيد الحياة إلى كرسي قديم على طريقتها، وكذلك أخذ جعفر العريبي يُشغِل مخيلته في صندوق زجاجي ليعطيه شكله الفني وهو يتقدم في واجهة محل متخيل. وبينما التقطت نبيلة الخير عربة قديمة لتبعث فيها روح «زري عتيق»، أخذ محسن المبارك يشتغل على أطراف الأشجار في عمل تركيبي موحي، وجمع علي حسين بين مجموعة من المراوح في عمل تركيبي، وكذلك اشتغلت جيهان صالح على عمل تركيبي أخر. وفي حين اشتغل الغرافيكي أحمد إمام على سلّم راح يصنع منه عملاً تركيبياً بأبعاد مختلفة تظهرها المرايا المتعددة، نرى الفوتوغرافي عيسى الحمادي قد التقط مجموعة من الصور الفنية والتوثيقية للعمارة وأهلها ومحيطها ليعرضها بالبروجكتر بما يضعنا وسط أجواء المكان وامتداداته المختلفة.

العدد 4480 - الجمعة 12 ديسمبر 2014م الموافق 19 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 11:52 ص

      Alemara1466 الحداثة و التراث

      شكرا لجريدة الوسط هذه التغطية الجميلة للعمارة و ما احتوته من أعمال مفاهميه ممزوجة بأصالة المكان ، أتمنى أن أكرر الزيارة للمكان و التمتع بالمحتويات من جديد و هنا أضع بين أيديكم هذا الرابط لزيارتي السريعة للعمارة /
      http://youtu.be/g3_jKqxg8Q0

    • زائر 3 | 7:05 ص

      شكر وتقدير

      تغطية جميلة شكراً لك حبيب ولجريدة الوسط للاهتمام والمواكبة

    • زائر 2 | 4:51 ص

      بوركت يامبدع

      تسلم استاذنا الجميل دائما وابدأ تساند الفنانين بقلمك الرائع

    • زائر 1 | 4:46 ص

      العمارة 1644

      نشكر الوسط على التغطية
      ونتمنى من الجمهور الكريم زيارة المعرض حيث سيكون مفتوح يوميا
      تحياتنا لكم

اقرأ ايضاً