بعيداً عن كل جدل شاب العملية الانتخابية سواء بين المعارضة والسلطة أو بين المعارضين أنفسهم أو حتى المقربين من السلطة فيما بينهم، فإن الفائزين الجدد سيؤدون القسم ليكونوا نواباً بدءاً من 14 ديسمبر/ كانون الاول 2014، على أن هناك استحقاقات كبيرة وضخمة تنتظرهم، ونتيجة هذه الاستحقاقات ستحدد أي أطراف الجدل كان على صواب.
الأزمة التي تعصف بالبحرين والتي تنكر هنا ويصرح بنهايتها هناك، لاتزال تحاصر الجميع بكل تبعاتها وأول أولئك هو مجلس النواب. ولن نطيل الحديث هنا عن الأزمة فهي ليست موضوعنا.
تطوير أداء مجلس النواب أمر فشل فيه المجلس الماضي فشلاً ذريعاً بل تاريخياً ولا يمكن مسحه أبداً من دائرة الفشل، حتى وصل الحال به الى أن يسقط استجوابات الوزراء والوزراء يبتسمون، ولم يرضَ إلا أن يبرهن على «قوته» من خلال إنهاء الاستجواب بشكل كامل من خلال وضع شرط موافقة ثلثي أعضاء المجلس على الاستجواب، حتى رضي على نفسه بما قالته وزيرة سابقة في الحادثة المشهورة دون أن يحرك ساكناً.
والاستحقاق الثالث هو الموازنة العامة 2015 - 2016، فهذه الموازنة ستكون تحديثا كبيرا فالمحللون يتوقعون أن يصيب التقشف المواطنين دون غيرهم بسبب هبوط أسعار النفط بشكل كبير، فإذا كانت الموازنة السابقة اعتمدت على سعر 90 دولارا للبرميل فإن الموازنة المقبلة وفق التوقعات لن تخرج عن 40 - 45 دولارا وهذا هبوط كبير في دخل الموازنة التي تعتمد على النفط بنسبة 88 في المئة أو أكثر دون تحريك ساكن لتنويع مصادر الدخل سوى فرض المزيد من الرسوم، مع أن أولى خطوات التقشف هي اتباع المواطنة والكفاءة في التوظيف لا الوساطات والفئوية التي لا تجلب سوى مزيد من التراجع والتأزيم فضلا عن زيادة في المصروفات وتراجع في الأداء، ما يكلف الموازنة الكثير.
والأمر الثاني الذي يجب اتخاذه ضمن خطة التقشف هو وقف الفساد الذي وثقته لجان مجلس النواب المختلفة فضلا عن تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية دون أن يتوقف بل يتكرر ويزداد ودون أن يكون هناك مفسدون، وهذا سيوفر مئات الملايين المهدورة.
الأمر الثالث اللازم، هو وقف هدر المال العام حتى بنود مختلفة لا علاقة للخدمات أو المواطن بها لا من قريب ولا من بعيد، بل هي هدر للمال العام من دون أي سبب، فهي في وقت الرخاء تعتبر هدرا للمال العام، فما بالك في حال هذا التراجع الكبير في أسعار النفط.
أولوية الصرف يجب أن تتوجه إلى التعليم والصحة والإسكان والخدمات الأساسية، فدولة قطر أعلن أميرها الشيخ تميم في كلمة له أمام مجلس الشورى تخصيص 50 في المئة من الموازنة العامة للتعليم والصحة، وهذا أمر يضعنا على المحك.
التصريحات الرسمية تفيد بأن البحرين تريد أن تكون محطة للسياحة العلاجية والتعليمية في الوقت الذي تفشل فيه وزارة الصحة في معالجة ملف مرضى السكلر وتتراجع الخدمات الطبية بحيث يزداد عدد المرضى المرسلين للخارج وسط هروب و «تطفيش» الكفاءات البحرينية في المجال الطبي بالإضافة إلى الفشل المستمر في صرف الموازنة المخصصة للمشروعات الصحية. وهذا الأمر ينطبق على وزارة التربية والتعليم فمدارسها آيلة للسقوط وهي لا تتمكن باستمرار من صرف موازنة المشروعات.
الموازنة من دون تقشف... المضروب على رأسه المواطن، والموازنة بتقشف المضروب على رأسه المواطن. فاستعد يا مواطن.
إقرأ أيضا لـ "مالك عبدالله"العدد 4480 - الجمعة 12 ديسمبر 2014م الموافق 19 صفر 1436هـ
يا حسود الفقراء في فلوسهم بركه
بما معناه وعلى قدر نياتكم ترزقون