هذه رسالتي بصفتي مواطناً مصرياً، أسطرها للإعراب عن الشكر لأصحاب السمو والجلالة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إذ إنني أحمل على أكتافي تراثاً مصرياً عريقاً من عصور الفراعنة إلى العصر القبطي والعصر الإسلامي والعصر العربي الذي نعيشه في مصر، وفي أرض العروبة وما يعانيه العرب في هذه المرحلة من تمزق وخلافات، فضلاً عن التهميش الدولي والإساءة البالغة للإسلام الحنيف ومبادئه السامية، وفي مقدمتها مبادئ التسامح والمحبة والاعتدال وحب الآخر مهما كان مختلفاً دينياً أو طائفياً أو عرقياً أو جنساً أو وطناً، إعمالاً لقوله تعالى في كتابه العزيز: «يا أَيُّها الناسُ إِنَّا خلقناكُم مِنْ ذكَرٍ وأُنثَى وجعلناكُمْ شعوباً وقبائلَ لتعارفوا إِنَّ أَكرمَكُمْ عند الله أَتقاكُم إِنَّ الله عليمٌ خبيرٌ» (الحجرات، 13).
إن الهدف الأساسي من خلق الله سبحانه وتعالى للإنسان هو إعمار الأرض والتعارف والتعاون على البر، وكل هذه الأعمال متضمنة في مفهوم عبادة الله وتقواه. ولقد أكد الله سبحانه وتعالى على حرمة النفس البشرية، ولذلك قال جل في علاه “منْ قتل نَفْساً بغيرِ نَفْسٍ أَو فسادٍ في الأَرضِ فكأَنَّما قَتَلَ الناسَ جميعاً وَمَنْ أَحياها فكأَنَّما أَحيا الناسَ جميعاً” (المائدة، 32).
ولهذا فليس المسلم بقاتلٍ للنفس البشرية، لأنها عزيزةٌ على الله، ولا يجوز القتل باسم الدين بل هو محرّمٌ، بل إن الرسول الكريم (ص) أكد أن حرمة النفس أكبر من حرمة الكعبة المشرفة. والله سبحانه وتعالى جعل التكريم للإنسان أياً كانت ديانته أو عقيدته أو طائفته أو جنسه أو قوميته بقوله “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً” (الإسراء، 70).
ومن هنا أثار ت أعمال القتل كل مصري وكل عربي وكل مسلم، فلا يحل أن يتقاتل الناس باسم الدين، أو يتقاتل المسلمون باسم الطائفة، أو يتقاتل البشر باسم الحضارة والمدنية. وللأسف فُهمت مفاهيم الجهاد في الإسلام فهماً خاطئاً، ولقد قال النبي الكريم عندما عاد من إحدى الغزوات التي كانت حرباً دفاعية وليست عدوانية: “لقد رجعنا من الجهاد الأصغر للجهاد الأكبر”، قيل وما هو الجهاد الأكبر، فقال إنه جهاد النفس. فالنفس أمّارةٌ بالسوء، وميولها نحو الطمع والاستعلاء والفساد من طبيعتها إلا من رحم ربي.
من هنا فإننا نقول لقادة دول مجلس التعاون: شكراً على موقفكم النبيل في القمة الـ 35 لمجلس التعاون بالدوحة، وللموقف المثالي المعبّر عن الإسلام الحنيف لخادم الحرمين الشريفين على مبادراته لجمع الصف الخليجي وجمع الصف العربي. وشكراً لكافة قادة دول المجلس على تجاوبهم مع هذه المبادرة الكريمة.
وأقول لإخوتي من أبناء وبنات شعوبنا العربية عموماً، والخليجية خصوصاً، تذكّروا أن مصر كانت وستظل دائماً على عهدها، وفيةً وأمينةً على مصالح أمتها العربية، ولم تتوان عن مساندة أية دولة، ولن تبادر بالعداء تجاه أية قيادة أو شعب في أية دولة عربية.
وأقول للقوى المجتمعية التي تخلط الدين بالسياسة وتشوّهه، وتنشر الفساد في الأرض: اتقوا الله في أوطانكم وفي شعوبكم، وفي دولكم وفي دينكم، وكفى أننا نجد صورة الإسلام الحنيف الداعي للتسامح والتعاون، قد قامت فرق مارقة بتشويهها، وأصبح المسلم عموماً والعربي خصوصاً رمزاً للإرهاب، ورمزاً للتطرف وكراهية الآخر، نتيجة أعمالكم أيها المارقون، سواءً بوعي أو بغير وعي. ودعواتي لكم بأن يهديكم الله سواء السبيل الحق، كما أوضحه الإسلام الذي قام رسوله تكريماً لجنازة يهودي، والذي عندما مات رسوله كانت درعه مرهونةً عند يهودي.
والمعنى الواضح أن الإسلام لا يفرّق في المعاملة باسم الدين أو الطائفة أو الجنس، فالبشر كلهم أبناء آدم، وفي خطبة الوداع أكد الرسول الكريم هذا المعنى بقوله: “أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم”... و«ليس لعربي على أعجمي فضل ألا بالتقوى”، وهذه يعلمها الله سبحانه وتعالى.
وأكرّر الشكر مجدداً لقادة دول مجلس التعاون، الذين عليهم مسئولية قيادة شعوبهم إلى بر الأمان في بيئة دولية وإقليمية متغيرة، وعليهم التمسك بمبادئ الإسلام ومن بينها الحفاظ على العهود والمواثيق، وتنفيذ ما اتفقوا عليه، والدفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه وليٌّ حميم، فما بال ذلك وأنهم إخوة في الإسلام، وأخوة في الإنسانية، وفي الأوطان.
وأقول للشعب المصري الكريم والقيادة المصرية الأصيلة: ها هم إخوتكم قادة وشعوب دول مجلس التعاون يرحبون بكم ويسعون إليكم، وعليكم أن تبادلوهم نفس المشاعر وتسعوا إليهم بالخير والمودة والتعاون، كما هي عادة مصر وشعبها وقادتها عبر العصور.
إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"العدد 4479 - الخميس 11 ديسمبر 2014م الموافق 18 صفر 1436هـ
كلام كل جميل ولا كن مع الاسف
العدل اساس الملك كما قال عمر امير المؤمنين متى استعبدتم الناس ولقد ولدتهم امهاتهم احرار لو لا الخوف لا يتفقوا ولن يتفقوا المليارات التى صرفت على دمار بلد عربى وجلب الالوف المئلفه من ما وراء العصر الجاهلى امتأ اغتصبت وقتلت اهل السنه واهل الدروز واهل الانجيل والشيعه وكل من يخالف الفكر التكفيرى الرجعى حتى تمكنت من تمويل نفسها بنفسها والان هيه ليست بحاجه لامراء وشيوخ عشائر للتكرم لها لو كل بلد عربى ابتدا من مصر وليبيا وتونس والجزائر ودول الخليج بمصالحه مع شعوبهم واطلاق حريته بكل ما تعنيه الكلمه
ونحن بالمثل نستخدم الوسط للدعاية ونقول شكرًا لنشر ردنا مجانا
الدول الأوروبية تضع مصالحها ومصالح شعوبها في أولويات مهامها وتوجهاتها،ولا ترتهن لإمريكا إلا حينما تتشاطر مصالحها معها وليس العكس،أما دول الصفر على الشمال فإن إراداتها وخيراتها وسياساتها ومصالح شعوبها في خواء مدقع. وتلك الدول نفسها ساهمت في تشويه الدين واستلاب معناه،والحذق لا يحتاج لأمثلة كثيرة فما يحصل من حولنا في سوريا ومصر نفسها وليبيا والعراق والبحرين الا مثال على عكس شكرك. شكرًا للإعلان المجاني.