العدد 4478 - الأربعاء 10 ديسمبر 2014م الموافق 17 صفر 1436هـ

المقصف المدرسي... ما له وما عليه

في ظل سمنة الطلاب المرتفعة

يعتمد كثير من الأطفال في سن المدرسة على المقصف المدرسي في توفير وجبة الإفطار وبقية الوجبات طيلة مكوثهم في الدوام المدرسي. فهو نقطة مؤثرة في حياة الطالب يمكنه أن يتعلم منها سلوكيات غذائية ضارة ويمكنه كذلك أن يتعلم النقيض إن هُيِّئ له المناخ الصالح.

لوحظ في الدول العربية أن نسبة انتشار السمنة بين الأطفال بعد دخولهم للمدرسة تقفز إلى 12-25 في المئة عما كانت قبل السن المدرسي بنسبة 4-8 في المئة كما يذكر رئيس المركز العربي للتغذية أ.د. عبدالرحمن عبيد مصيقر في دراسة بعنوان «العوامل المؤثرة في السمنة» - يونيو/ حزيران 2003م.

وباختلاف العوامل التي تسبب السمنة أو غيرها من المشكلات الصحية التي تصيب الطالب، لا يمكننا أن نغض الطرف عن دور المدرسة في ذلك، فالطالب يقضي غالبية وقته بين ربوعها، يتعلم فيها الصالح والطالح. ففي البحرين، المقاصف على اختلافها سواء كانت تابعة للمدارس الحكومية أو الخاصة، فكلاهما لا يدعوان لنمط غذائي صحي كما يقول أولياء الأمور الذين التقهم «الوسط الطبي».

"التفاحة" شراكة المدرسة

والمنزل لصحة الطفل

في العام 2012 أجريت دراسة في كندا بين المدارس التي تطبق النظام الصحي في التغذية وتسمى مدارس التفاحة (APPLE Schools) وبين المدارس الابتدائية الأخرى. وتبين خلال البحث أن طلاب مدارس التفاحة أكلوا مزيداً من الفواكه والخضراوات واستهلكوا سعرات حرارية أقل سواء في أوقات الدوام أو العطل الأسبوعية، كما كانوا أكثر نشاطاً وأقل عرضة للسمنة من الأطفال في المدارس الابتدائية الأخرى.

فمدارس التفاحة هي نوع من المدارس التي يُنمّى فيها حب الطعام الصحي لدى الطالب، إلى جانب توفير بيئة مناسبة ومشجعة لتناول تلك الأطعمة، بالشراكة مع أولياء الأمور من خلال حثهم على مواصلة نمط غذائي صحي في المنزل يعود بنتائجه على صحة أحبابنا الصغار.

ويستدرك الباحثون من جامعة جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة الأميركية، إن توفير الأكل الصحي داخل المدارس لا يعني بالضرورة إن الأطفال سيقبلون عليه كما نظن. ففي دراسة أجروها تبين خلالها إن الكثير من الأطفال يأخذون طعام صحي من المقصف يتضمن الخضراوات والفواكه والبروتينات، ولكن في المقال لا يُقبل الغالبية منهم على تناوله، بل إن كثيراً منهم يتركه من دون قضمة واحدة، وهذا يرجع إلى عدم توفير بيئة مناسبة.

لذلك استنتج الباحثون أن هنالك عوامل عدة متعلقة ببيئة المقصف المدرسي تؤثر على استساغة الطعام بالنسبة للأطفال، مثل تقليل مستوى الضوضاء في المقصف، وجود إشراف وتنظيم، تقليل عدد الأطفال الموجودين في المقصف، طول فترة الغذاء، وطريقة تعبئة المواد الغذائية بصورة جذابة.

كما يذهب الباحثون الآخرون إلى اقتراح أمور أخرى تعزز حب التغذية الصحية لدى الأطفال مثل بناء حديقة مدرسية تُزرع فيها الخضراوات والفواكه، ما ينمّي حب تلك الأغذية والإقبال على تناولها من قبل الطلاب بشكل أفضل.

وجبات نموذجية... طور التصميم

كشفت وزارة التربية والتعليم عن أنها في صدد تصميم وجبات غذائية نموذجية في المقصف المدرسي وطرحها كنماذج لمتعهدي المقاصف، في إطار خطة تطوير مستمرة.

وتلحق مهمة تطوير الأغذية في المدارس ضمن مسئوليات إدارة الخدمات الطلابية بوزارة التربية والتعليم بالتعاون مع قسم التغذية بوزارة الصحة، وذلك عن طريق تحليل الأطعمة المقدمة، وإصدار قائمة بالمسموح والممنوع بيعه وطرح البدائل.

وأكدت الوزارة - في رد الوزارة على أسئلة وجهتها «الوسط الطبي» - أن معايير الأغذية المقدمة في المدرسة تتماشى مع المواصفات والاشتراطات الدولية.

وذكرت أن آلية الرقابة على المقاصف المدرسية تتم من خلال جهات عدة؛ منها حملات تفتيش على المطابخ المركزية لمتعهدي المقاصف من قبل فريق من وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم وذلك للتأكد من استيفائها للاشتراطات، مؤكدة أن الرقابة الذاتية في كل مدرسة تلعب دوراً أساسياً في ضبط المخالفات في المقاصف، ورفعها من خلال استمارة خاصة إلى قسم الرقابة على الأغذية في وزارة الصحة.

وقالت الوزارة في ردها: «توجد لجنة في كل مدرسة تقوم بمراقبة المقاصف يومياً، من مهامها مراقبة الأغذية المقدمة في المقاصف ومدى التزام المتعهد بالاشتراطات الخاصة بالأغذية، ويتم رفع  المخالفات - إنْ وجدت - مباشرة إلى الإدارة، والتي تعرضها بدورها إلى الرقابة المالية، حيث تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتعهد المخالف».

وأضافت أن هناك لجنة تنسيق ومتابعة بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة والمتعهدين، تعمل على متابعة جودة الأطعمة المقدمة، وتقديم الاقتراحات اللازمة لتطويرها.

البربري: تطبيق السلامة

والصحة المهنية في المقاصف

أما فيما يتعلق بصحة وسلامة الطعام المقدم في المقصف المدرسي، فيذكر رئيس السلامة والصحة المهنية بوزارة التربية والتعليم آدم البربري في موقع دليل السلامة والصحة المهنية الإلكتروني، أن هنالك اشتراطات عدة تلتزم بها الوزارة، سواء فيما يتعلق بالمقصف بحد ذاته أو العاملين عليه.

حيث يراعى اختيار موقع متوسط للمقصف من المدرسة، يكون بعيداً عن دورات المياه وأماكن تجمع القمامة، وذا مساحة مناسبة لعدد طلاب المدرسة، وجيد التهوية والإضاءة. وتراعي الوزارة أن يتوافر بداخل المقصف كذلك مياه صالحة للشرب ومغسلة لليدين، وأن تكون أرضية المقصف والحوائط قابلة للغسل.

ويتابع، إنهم حريصون على تزويد نوافذ المقصف بسلك شبكي لمنع دخول الحشرات، وتزويده بمطفأة حريق مناسبة. إلى جانب ثلاجات كافية لتبريد الأطعمة وحفظها، جهاز تكييف، دواليب محكمة لحفظ الأدوات المستخدمة في المقصف، مروحة شفط، أرفف وطاولات معدنية أو رخام نظيفة، وصاعق للذباب والناموس.

أما فيما يخص العاملين بالمقصف، فيضيف البربري أن الوزارة تلزمهم بمراعاة النظافة الشخصية، وتشترط حصولهم على شهادات صحية سارية المفعول تثبت خلوهم من الأمراض المعدية، مضيفاً أن العاملين في المقصف يقومون بارتداء ملابس مناسبة واستخدام قفازات عند إعداد وتداول الأغذية. ومن مسئوليات العاملين كذلك التأكد من تواريخ الإنتاج ومدة الصلاحية المكتوبة على أغلفة الأطعمة والمشروبات.

حليّة الأغذية محل شك

والتقت «الوسط الطبي» مجموعة من أولياء أمور لأطفال في المرحلة الابتدائية والإعدادية، من بينهم فاطمة (أم سيد علي) وهي أم لطفل في المرحلة الابتدائية. تقوم فاطمة بإعداد طعام طفلها في المنزل، حيث تراعي تنوع الوجبات المعدة من يوم إلى آخر، فمثلاً تقوم بإعداد سندويش برغر أو قطع دجاج (نغتس) مع البطاطس، سندويش بالشوكولاته (النوتيلا) أو سندويش جبنة.

وتقول أم سيد علي إنها تراعي التنوع في العصائر كذلك، وبين العصير أو اللبن. إضافة إلى مراعاة وضع نوع من الفاكهة أو الخضراوات في طعام طفلها مثل كمثرى، تفاح، عنب، زيتون، خيار، جزر، أو رمان. إلى جانب ذلك تضع فاطمة لطفلها قارورة ماء وجبس مصنوع من شرائح البطاطس، مشيرة إلى أنها تضيف لذلك نوعاً من الحلويات في بعض الأحيان.

وتبرر فاطمة عدم شراء طفلها من المقصف المدرسي بأنها لا تطمئن لطعام المقصف لا من حيث النظافة ولا من حيث الحلية أو الحرمة، مستدركة حديثها بأنها لم تلحظ بيع أغذية ممنوعة أو غير صحية في المقصف.

ورق عنب مثير للشك

أما منار عباس، وهي أم لطفل في المرحلة الابتدائية (الصف السادس)، فتعمل على إعداد وجبات طفلها بنفسها، وفي الغالب تتضمن نوعاً من أنواع السندويش المعد في المنزل، إلى جانب ماء وجبس. وحين سؤالها عن ملاحظاتها على المقصف المدرسي تقول منار إنها لاحظت بيع ورق عنب وطبق معكرونة في المقصف، غير معروف المصدر.

وتوافقها في ذلك زهراء عطية (أم لطفلة في المرحلة الابتدائية - الصف الأول) التي لاحظت في مقصف المدرسي بيع مأكولات مثيرة للشك مثل ورق العنب، إلى جانب احتوائه على أغذية ضارة مثل الكاكو والجبس، مضيفة أن طفلتها قليلة الشراء من المقصف.

وتفضل زهراء أن تتناول طفلتها الطعام التي تصنعه في المنزل؛ لأنها تشرف على نظافته وتعرف مصدره. في العادة تضع زهراء لطفلتها عصير مانجو، زيتون، مكسرات، خيار بالروب، رمان، بسكويت كيك، بيض، وأحياناً سندويش.

أما آية خليل، فلديها طفل في المرحلة الابتدائية، وهي حريصة على وضع كل ما يحتاجه طفلها في حقيبة المدرسة مثل بسكويت، زيتون، مكسرات، حليب أو لبن أو عصير إلى جانب الماء. إضافة إلى السندويش والجبس، وهي تتفق مع من سبقها على أن مقصف المدرسة يبيع أغذية غير معروفة المصدر، ولا حتى تاريخ الإنتاج مثل ورق العنب وطبق المعكرونة.

ولية أمر: المقاصف الخاصة

مطاعم "للجنك فوود"

أما فيما يتعلق بحال مقاصف المدارس الخاصة على الجهة الأخرى، تحدثنا فاطمة علي، وهي أم لطفل في المرحلة الابتدائية. تقول فاطمة إن المقصف يبيع جميع أنواع الأطعمة غير الصحية، ولكنه يختلف عن حال المقاصف الحكومية بأن الأطعمة تعد في وقت الطلب نفسه وأمام مرأى الطفل.

ففي المقصف، تُباع سندويشات البرغر والنغتس، إضافة إلى أنواع متعددة من الحلويات والمثلجات والآيسكريم. ما يجعلها تفضل أن يتناول طفلها وجباته المعدة في المنزل مثل سندويش جبن، «الفرنج توست»، إلى جانب عصير تفاح، لبن، خيار، زيتون، وبسكويت.

العدد 4478 - الأربعاء 10 ديسمبر 2014م الموافق 17 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً