احتضن فضاء المسرح البلدي بتونس العاصمة، انطلاق فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية، وذلك في حفل افتتاح بهيج أقيم مساء السبت 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014. وتتزامن هذه الدورة الجديدة مع الاستعدادات الحثيثة للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التي ملأت دنيا تونس وشغلت الرأي العام لأبنائها في الداخل والخارج، خصوصاً منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية موفّى أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، ثمّ نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضي، دور لم يحسم فيه أيّ من المرشحين الأمر لصالحه ولا يزال التنافس على أشدّه في الدور الثاني بين الرئيس الحالي محمد المنصف المرزوقي ومؤسس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي. هذا التنافس والاحتدام جعل تونس تصحو وتنام على وقع أيام قرطاج السياسية! فهل تحدّ أيام قرطاج السينمائية من غلواء السياسة؟ وهل تصلح الثقافة –والسينما تحديداً- ما أفسدته السياسة؟
قبل ثورة الياسمين في تونس، كان البعض يقول متندّراً: «إذا رأيتم تجمهراً وتزاحماً هنا وهناك في الطرق المؤدية إلى الشارع الرئيسيّ للعاصمة تونس، فاعلم أن أيّام قرطاج السينمائية قد انطلقت». فهذا المهرجان طويلاً ما جمع التونسيّين وأخرجهم أفراداً وجماعات نحو قاعات السينما التي كثيراً ما غصّت بعشاق هذا الفن ومتابعي أيام قرطاج السينمائية. وينتظم هذا المهرجان كل سنتين منذ تأسس العام 1966، ويحتوي عادةً على مسابقة رسمية، وأهمّ جوائزه التانيت الذهبي، كما يحتوي على قسم بانوراما للأفلام العربية والإفريقية، محافظاً بذلك على طابعه العربي والإفريقيّ.
كما حافظ هذا المهرجان على مكانته على الرغم من ظهور مهرجانات أخرى أكثر ثراءً وبهرجةً في إفريقيا والمنطقة العربية عموماً. وتتضمن أيام قرطاج السينمائية 3 مسابقات رسميّة، هي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ومسابقة الأفلام الروائية القصيرة، ومسابقة الأفلام الوثائقية. ويتنافس هذا العام على مسابقات المهرجان حوالي 50 فيلماً من 22 دولة إفريقية وعربية.
وباعتبار ما لهذا لمهرجان من شعبيّة وأهميّة خاصة في اللحظة السياسيّة والاجتماعية الراهنة بتونس، قرّرت إدارة مهرجان قرطاج السينمائي أن يتحول المهرجان بدءًا من العام المقبل، إلى مهرجان سنويّ. غير أن اللافت والجديد في دورة هذا العام هو عرض جزء من أفلام الدورة في ست مدن خارج العاصمة، وقد تم اختيار مدن من الشمال والوسط الغربيين، ومن الجنوب الشرقي في محاولةٍ للقضاء على المركزية الثقافية وسياسة التهميش والتناسي التي عانى منها جمهور المثقفين ومحبو الفن في تونس في العقود الخالية.
وهذا الانفتاح على الداخل التونسي تقليدٌ جديدٌ يُحسَب لإدارة المهرجان، وقد يسهم في تخفيف حدّة التوتر الاجتماعي والسياسي في تونس هذه الأيام؛ ذلك أنّ الثقافة عموماً والسينما خصوصاً، لاتزال تجمع التونسيين، كما قالت مديرة مهرجان أيام قرطاج السينمائية، درة بوشوشة، في كلمة الافتتاح. وأضافت: «سنسعى معاً لأن تكون السينما ذلك السحر والأمل في هذا العالم الأسود المليء بالاحتقان. وأن يبقى بلدنا حاملاً لهذا الأمل. أملٌ يعبّر بالفن السابع عن طموحاتنا ورغباتنا. أملٌ يجمع بيننا دون فوارق».
وواضح أنّ كلمة افتتاح أيام قرطاج السينمائية قد جاءت مضمّخةً بألوان أيام قرطاج السياسية التي ألقت بظلالها على المهرجان، إذْ لا يمكن أن ينفصل القائمون عليه عن واقعهم؛ واقعٌ تهافت فيه الخطاب السياسي والإعلامي في الآونة الأخيرة حيث تكرّرت خلال الأسبوع الماضي تصريحات لبعض الجهات السياسية عمّقت الشرخ بين جهات البلاد، شرقاً وغرباً، جنوباً وشمالاً، ما جعل بعض الجهات تخرج في مظاهرات احتجاجاً وتنديداً بهذه التصريحات اللامسئولة.
إنّ الأمل معقودٌ على أيام قرطاج السينمائية في إخراج التونسيين، ولو إلى حين، من التشنّج السياسيّ والاستمتاع بمواكبة هذا المهرجان الذي يشهد عادةً إقبالاً جماهيرياً غفيراً يعبّر عن عقلية التونسيّ الذي يعشق السينما، ذلك أنّ مختلف شرائح المجتمع التونسي، ومنهم رجال السياسة، يواكبون عروض المهرجان، واللافت مثلاً أن حمة الهمامي، المرشح الرئاسي الفائز بالمرتبة الثالثة، لم يتخلّ عن عادته، كلما كان في حالة سراح، بمصاحبة زوجته وحضور الحفل الافتتاحي وبعض عروض المهرجان... فهو كغيره من رجال السياسة واحدٌ من المواكبين المنتظمين لمثل هذه التظاهرات الثقافية.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 4469 - الإثنين 01 ديسمبر 2014م الموافق 08 صفر 1436هـ
رائعة هي السينما في تونس كنت زرتها واله أيام
أيام قرطاج السينمائية 3 مسابقات رسميّة، هي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ومسابقة الأفلام الروائية القصيرة، ومسابقة الأفلام الوثائقية. ويتنافس هذا العام على مسابقات المهرجان حوالي 50 فيلماً من 22 دولة إفريقية وعربية.
أيّام قرطاج السياسيّة
نرجو ان تمشي الأمور على خير في تونس
والله الأمل يا خوي معقود على تونس في كل شيء في هذا الزمن الرديء
إنّ الأمل معقودٌ على أيام قرطاج السينمائية في إخراج التونسيين، ولو إلى حين، من التشنّج السياسيّ والاستمتاع بمواكبة هذا المهرجان