العدد 4468 - الأحد 30 نوفمبر 2014م الموافق 07 صفر 1436هـ

جريمة هدم نظام العدل والقانون

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في كتب التراث الإسلامي، نقرأ كيف تم التخلّص من الصحابي الجليل سعد بن عبادة (رض)، وتزوير وثيقة وفاته بتعليق بيتٍ من الشعر المنحول على الأشجار، يقول: «نحن قتلنا سيد الأنصار سعد بن عيادة... ورميناه بسهمين... ولم نخطئ فؤاده»!

وتم تلفيق التهمة في تلك الجريمة إلى «الجن»... لأنهم مخلوقاتٌ غير مرئية، لا يمكن الاتصال بها، ولا التحقيق معها، فتضيع الحقيقة وتسجّل الجريمة ضد مجهول! ولم يشفع له (رض) كونه سيد الأنصار وأحد النقباء الإثني عشر، أن يلقى جسده الطاهر في بئرٍ بعد قتله، ولم يعثر عليه إلا بعد ثلاثة أيامٍ في مدينة حوران السورية بعدما هاجر إليها بفترةٍ وجيزةٍ من المدينة المنورة.

اليوم، تجري عملية مفضوحة لتبرئة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، الذي حكم مصر ثلاثين عاماً، كان خلالها الآمر الناهي، حتى فكّر بتوريث الحكم في أبنائه لولا غضبة المصريين من أجل كرامتهم في يناير/ كانون الثاني 2011. ويخرج القضاء ليثبت براءته من دم 800 شاب مصري قتلوا أثناء الثورة على حكمه، على أيدي قوات الشرطة، التي ظلّت مستنفرةً لقمع المتظاهرين عدة أيام متواصلة، حتى انهارت قواها في آخر أيامه. وكان من أشهر ملاحم ذلك العهد المريض «غزوة الجمل»، التي كشفت ما وصل إليه النظام من تدهور وانحطاط أخلاقي، باستخدام عناصر إجرامية وبلطجية للتنكيل بالمتظاهرين.

ما جرى في مصر من مهزلةٍ كبرى كان ساحتها القضاء، حيث تحوّل هذا الجهاز إلى أداةٍ لتكريس الظلم والقهر السياسي وغلبة قوةٍ على أخرى، بعيداً عن قيم العدل والإنصاف والمساواة، وتطبيق القانون على الجميع.

لست من الإخوان ولا مؤيديهم، فعنجهيتهم وأخطاؤهم الكبرى من أسباب انتكاسة حركات الربيع العربي التي طمحت إلى تحقيق الحرية والكرامة وتوفير الخبز للشعوب. وكان دخولهم على خط الثورات في اللحظة الحرجة، أسهم في إجهاض الربيع العربي. ومع ذلك لا يمكن هضم ما يقوم به النظام الحالي من تبرئة أقطاب النظام الدكتاتوري السابق الذي أوصل مصر إلى مزيد من الضياع والإفلاس.

ربما يكسب حكم العسكر اليوم هذه الجولة، لكنه لن يحل المشكلة العميقة إطلاقاً، وإنّما سيثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستهجان. فكيف تتم تبرئة حاكمٍ فردٍ تحكّم في كل مقادير مصر ثلاثين عاماً، وتنفى عنه مسئولية إصدار القرارات القاتلة؟ فممن كانت تصدر الأوامر؟ ومن يتلقاها وينفذها بحسب التسلسل الهرمي كما في كل البيروقراطيات في العالم؟ وهل كان بعيداً عن موقع القرار والتأثير أيام قمع المظاهرات وقتل الناس في الشوارع؟ إنه استخفافٌ بالعقول، وبكل قيم العدل وحكم القانون.

ردود الفعل حتى لو لم تخلق موجة احتجاجٍ كبرى ضد هذا العبث بنظام العدل والقانون، فإنها ستؤدي إلى تخزين مشاعر العداء للنظام القائم على القوة والبطش. ومن شأن الاستهتار بنظام العدالة إضاعة ثلاثين سنة أخرى من عمر مصر، كما ضاعت من عمرها في عهد الرئيس المخلوع مبارك. فمصر اليوم إنما تبتعد أكثر وأكثر عن طريق الإصلاح، وهي حقيقةٌ لا يمكن تغطيتها بحملات الإعلام الصاخب المنفلت من العقال.

كثيرون اليوم ينعون شباب مصر باعتبارهم الخاسر الأكبر، فهم قاموا بالثورة وأطاحوا بالدكتاتور، ووصل على أكتافهم تنظيم «الإخوان» إلى الحكم، ليقيموا بأخطائهم جسراً متيناً لعودة العسكر، ولتعود السجون لتكتظ مجدداً بشباب الثورة. والحقيقة أن الخاسر ليس شباب مصر وحده، وإنّما شعب مصر بأكمله، الذي أفلتت من بين يديه فرصةٌ تاريخيةٌ لنهوض مصر واستعادة مكانها بين الأمم، قائدةً غير مقودةٍ ولا تابعةٍ... تستجدي الهبات والمعونات.

كانت أمام مصر فرصةٌ تاريخيةٌ أن تتحوّل إلى درّة الشرق، لو أتيحت لها قيادات رشيدة وأمينة، ولكنها عادت مرةً أخرى تحت عباءة العسكر.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4468 - الأحد 30 نوفمبر 2014م الموافق 07 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 4:54 ص

      مثل

      مثل مافعلهو شريح القاضى يوم اتو القوم يطالبون بهانى بن عروة الصحابى الجليل وكذب عليهم شريح وقال هانى جالس مع عبيدالله معزز ومكرم واستلم الفلوووس للكذب على الناس وبعدها قام عبيدالله بقتل هاني ظلما لانهو يوالي اهل البيت عليهم السلام هؤلاء قضاء العرب لاينفدون قضاء الله انهم ينفدون قضاء الشيطان لاجل مصالحهم يعنى قانون سكسونيا المشتكى لله

    • زائر 23 | 4:45 ص

      هذه عقلية أنصار الاستبداد

      زائر رقم 7 يقدم نموذج لتلك الشخصيات المريضة بداء عشق الاستبداد. انها قمة الغباء والاستحمار.

    • زائر 22 | 3:05 ص

      الى زائر 7 هذا منطق ابليس

      تعرف شنو قال ابليس؟ خلقتني من نار وخلقته من طين. هكذا انت. مادام انتو معارضين مبارك فأنا سأؤيده حتى لو كان سارق وجزار وقاتل ودكتاتور.

    • زائر 21 | 3:00 ص

      مساكين الشعوب العربية دائما تقتل روحها

      لا ادري هو بسبب الحياة الفارهة ام بسبب الفرحة ام بسبب ماذا تقوم الشعوب العربية بقتل نفسها والانتحار كالحيتان.
      انا اقترح اخراج الموتى الذين انتحروا ومحاكمتهم لأنهم بصراحة لم يقدّروا النعمة حق تقديرها في ظل وجود زعامات نادرة مثل الزعماء العرب

    • زائر 19 | 2:50 ص

      أطعم الحلك تستحي العين

      موكل من صخم وجهه كال آني قاضي

    • زائر 16 | 1:14 ص

      هو البترودولار الذي سلب من القضاء المصري استقلاليته

      اموال البترول التي تدخلت لدى السيسي وجعلته يحرّك القضاء من حياديته الى الخضوع للمال

    • زائر 15 | 1:13 ص

      سقوط القضاء المصري بيد السياسة

      نعم لم يعد للقضاء المصري تلك السمعة بعد هذا الموقف وانتهى الامر

    • زائر 12 | 12:33 ص

      شعب مصر

      ليس الملام العسكر وجماعة الزعران المفسدين لوحدهم في عودة الحكم العسكري لمصر, بل حتى الشعب المصري نفسه كان له دور, فنسبة الخمسين بالمئة التي جائت بمرسي والزعران المفسدين للحكم من اين؟ من الذي صوت لهم؟ وما هو رد فعل العامة من شعب مصر على جريمة اغتيال الشيخ حسن شحاتة وهي التي كانت بادرة على كيفية تعامل الجماعات التكفيرية والاخوانجية مع كل من يختلف معهم فكريا؟

    • زائر 11 | 12:30 ص

      الجمعيات وجنون العظمة

      وكان دخولهم على خط الثورات في اللحظة الحرجة، أسهم في إجهاض الربيع العربي ( طبعا هذا عن الاخوان , وما فعلته الوفاق لا يختلف عنهم في اجهاض الثورة وامتصاص حماس الشباب والصعود على اكتافهم

    • زائر 10 | 12:16 ص

      الخير عندنا

      الخير عندنا يا سيد ،، من يضبط و معه ملتوف (أن صح الأمر !) فهو إرهابي و متصل بالخارج و تشكيل خلية وينكل به هو و عائلته و يسجن مؤبد ،، و المنتمي إليهم وبعد ضبط أسلحة صجيه (مسدسات و رشاشات و متفجرات ) فتهمته امتلاك سلاح بدون ترخيص! و تراه اللحين متلحف بالبرنوص في بيتهم و تحفظ القضيه لأجل غير مسمى ! #يحيا #العدل #يحيا_العدل!

    • زائر 9 | 12:12 ص

      حكم ظالم من قاضي ظالم

      القضاة يحتاجون إلى مقاضي يقاضيهم رغم كل ما جارى من مآسي في مصر والدماء التي سالت على ارضها بسبب هؤلاء المجرمين الحكام الظلام يرفع عنهم قلم القضاة ويحكمون عليهم بالبرائة وكأنهم لم يعاينوا بأعيونهم ما أمروا به من قتل وهتك إلخ من معانات هذه مهزلة التاريخ التي توجع قلوب المستضعفين

    • زائر 8 | 11:37 م

      مصر لن تهدأ

      لن يتمكن حكم العسكر الذين سلبوا ثورة الشعب من الصمود حتى من أولئك الذين دعموا وهنئوا مبارك في العفو عنه...فبالرغم من توقعاتي بأن تبرئته ستخلق مناخا تدخل مصر فيه الفوضى ،تأكيدا لمبدأ الفوضى الخلاقة التي أخذت به قوى الشر لتدمير مصر،الا انه لن يصح الا الصحيح...فمصر هي أم الدنيا،لن يتمكن الجبناء منها،فهي البوصلة والأقزام هم مجرد توابع.

    • زائر 13 زائر 8 | 12:47 ص

      لم تكن ثكن ثورة بل كانت تهريج

      أنا أريد أن أفهم من أدخل في عقولكم بأن الديمقراطية ستحل مشكاكلكم؟ الشعب المصري أثبت أنه لا يصلح أن يحكم إلا بالجزمة العسكرية .... الشعب المصري يقال بأنه ثار من أجل الكرامة ... ماذا فعلوا؟ انتخبوا أول واحد يحدثهم بالقرآن و السنة و يربي لحية و يؤدي العمرة (شيخ دين يعني) .... زين تعال حل لنا مشكلة السكن .. مشكلة البطالة ... مشكلة الإقتصاد ... مشكلة الأمن و الأمان ... مشكلة التلوث ... ما ميش .... فكروا و قالوا احنه ما يصلح لنا إلا عسكري يمشينه بالعصا.... جيبوا لنا البوط العسكري.

    • زائر 7 | 11:27 م

      حسني مبارك

      لست من أشد المعجبين بحسني مبارك و لكن ما دام هو مرجعكم لهذه الدرجة فلا بد ان يكون هو إنسان محترم

    • زائر 6 | 11:01 م

      ثوراتكم ذهبت هباءا منثورا .... لأنها لم تكن ثورات حقيقية و إنما لعبة أمريكية لخلط الأوراق

      تلومون الحكام و كأنكم لو وصلتم للحكم ستحلون مشاكلكم و مشاكل أهل المريخ معكم ... الديمقراطية لا تصلح لشعوب جاهلة متخلفة ... لأن الشعوب الجاهلة المتخلفة ستوصل للحكم أشخاص جاهلين متخلفين ... ماذا تستفيد إذا أصبحت لديك ديمقراطية كديمقراطية العراق؟ ديمقراطية تجلب لك الحروب الطائفية و تسلب منك الأمن و الأمان؟ أو ديمقراطية كديمقراطية بنغلادش ... تجعلك تتمنى الهجرة إلى دول بها أنظمة ديكتاتورية لتعمل منظف أو بائع خضرة؟ الديمقراطية وسيلة و ليست هدف و لا يمكن تطبيقها في كل مكان و كل زمان.

    • زائر 20 زائر 6 | 2:53 ص

      تكلم عن نفسك

      اذا كنت جاهل لا تفرض على غيرك ان يكونوا جهال تفسك

    • زائر 5 | 10:55 م

      mwaleedm

      الجن هو عمرو سليمان هو من قتل المتظاهرين و الشعب المصري من 30 عام و هو المسؤول عن الأمن في مصر و هو ذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية بلد الجن والشياطين في العالم يقولن ..... إنها مات هذا الموضوع مثل يعيد نفسه

    • زائر 4 | 10:41 م

      زائر

      تيتي تيتي زي مارحتي جيتي لقد اجمع المجتمع الدولي على اجهاد الثروه المصريه وجاؤوا بالعسكر مره اخرى حتى لا يتمكن الشعب من تحقيق اماله التى ضحى من اجلها وحتى يكون عبره للشعوب ولكن لن يستمر الحال وسوف يثائر الشعب للشهداء

    • زائر 3 | 10:35 م

      قلنا لكم اعقلوا و اركدوا ما سمعتوا الكلام ..... هذا هو حصاد ربيع وكالة المخابرات الأميريكية

      ماذا استفدتم من هذا الحريق المسمى زورا و بهاتنا بالربيع العربي؟ خراب و دمار و فتن و حروب و سفك دماء .... و كله بإسم الإصلاح و بإسم التغيير و بإسم الديمقراطية .... الآن و بعد أربع سنوات كأنك يا بو زيد لا زرت و لا غزيت.... كنا قاعدين ملبقين .... سرقات و فساد .... جئتم و أضفتم لها فتن و سفك دماء و حروب أهلية.... الأمريكان أرادوا ضرب الحكومات بالشعوب .... إذا قويت الحكومات حرضوا عليها الشعوب و إذا ثارت الشعوب ضربوها بالحكومات ... الشعوب الجاهلة لن تنتخب إلا حكام جهلة... لأنكم كيفا تولوا يولى عليكم.

    • زائر 18 زائر 3 | 2:48 ص

      استحمار

      هل سمعت عن قصة الاستحمار

    • زائر 2 | 10:22 م

      شعوب تستاهل متخلفين مثلها

      شعوب عربية جاهله مجهله تعيش على هامش الحضاره العالميه ترفض الديمقراطية تعيد نتخاب الدكتاتويات بل تبكي عليهم اذا ماتو او ازيحو الحكم شعوب من هذا النوع لا تستحق إلا انظمة حكم وقضاة على هذ الشاكله شعوب مسلوبة الاراده متخلفه طائفيه مثل انظمتها تقاد الى صناديق تزييف الارادة مثل الغنم

    • زائر 1 | 10:16 م

      العدل

      دخلا رجلان المحكمه فقال القاسي للمحامي انضر الي السمي فقال له وصلت لي النيران من قدمي

اقرأ ايضاً