أوصى المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) في ختام مؤتمره السنوي السابع حول الأمن الغذائي في البلدان العربية، بالموافقة على ما توصل إليه تقرير "أفد" من أن الدول العربية قادرة على تقليص الفجوة الغذائية الكبيرة التي تصل الى 50 %، عبر الإدارة الحكيمة لقطاعي الزراعة والمياه، والتعاون الإقليمي استنادا إلى الميزات النسبية لكل دولة في الموارد الزراعية ورأس المال القابل للاستثمار.
وقال أستاذ الموارد المائية بكلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي وليد خليل زباري الذي مثل الجامعة كمتحدث رئيس في جلسات المؤتمر أن المؤتمر أوصى بتطبيق الخيارات المتوافرة لتعزيز الأمن الغذائي وتحسين مستويات الاكتفاء الذاتي، ومنها زيادة إنتاج المحاصيل والمياه، وتقليص خسائر ما بعد الحصاد بما في ذلك النقل والتخزين والتسويق، واستخدام مياه الصرف المعالجة في الري، حيث طلب المشاركون في المؤتمر تخصيص استثمارات إضافية للبحث العلمي الزراعي ولتطوير قطاعي الثروتين الحيوانية والسمكية بشكل مستدام، مع توجه إلى زيادة الإنتاج لتلبية الطلب المحلي وتعزيز إمكانات التصدير.
أشار زباري إلى أنّ الوضع في دول مجلس التعاون الخليجي فريد من نوعه، حيث لا يوجد مزارعين محليين حقيقيين بشكلهم التقليدي المتعارف عليه، بل يوجد مستثمرين يملكون أراضي زراعية، وعمال يعلمون فيها، وبالتالي لا يوجد مزارعين أو فلاحين أصحاب أراضي زراعية يستثمرون هذه الأراضي بالشكل المأمول، ويرتقون بالإنتاج ويعكفون على زيادته لتلبية الطلب المحلي، وتطوير إمكانات التصدير.
وفي هذا السياق، أشار تقرير افد أن العرب يستوردون نحو نصف حاجتهم من المواد الغذائية الرئيسية، مؤكداً إمكانات تعزيز الإنتاج الغذائي العربي بحزمة تدابير، في طليعتها تحسين الإنتاجية، وكفاءة الري والتعاون الإقليمي، موضحا أن الإنتاج الزراعي في البلدان العربية يواجه تحديات كبيرة، في مقدمها الجفاف، ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة، وندرة مصادر المياه، والنمو السكاني المتسارع، فضلاً عن مضاعفات تغير المناخ.
من جهة أخرى، أبرز التقرير أن العجز الغذائي من خلال نسبة الاكتفاء الذاتي تبلغ نحو 46 % للحبوب، و37 % للسكر، و54 في المائة للدهون والزيوت، أي أن العجز يصل إلى نحو نصف الحاجة من المواد الغذائية الأساسية.
ودعا التقرير إلى عدة حلول، تتمحور حول زيادة كفاءة الري ورفع معدلات إنتاجية الأراضي، وهي اليوم من أدنى المعدلات في العالم، كما يدعو إلى التعاون الإقليمي للاستفادة من الميزات الطبيعية والبشرية المتفاوتة في الدول العربية.
إلى ذلك، لفت المؤتمر الذي رعاه الملك عبدالله الثاني وشارك فيه زهاء 750 مندوبا من 54 دولة يمثلون 170 مؤسسة من القطاعين العام والخاص والمنظمات الإقليمية والدولية وهيئات الاستثمار الزراعي ومراكز الأبحاث والجامعات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام إلى ضرورة إطلاق حملة توعية لتغيير أنماط الاستهلاك، وخصوصا بالاعتماد على سلع ذات قيمة غذائية مماثلة لكنها ذات استخدام أقل كثافة للمياه، وأكد على ضرورة تطوير استراتيجيات تكيف تواكب تغير المناخ، مع تبني ممارسات زراعية ومائية محسنة، والزراعة الحمائية، واختيار المحاصيل الأكثر ملاءمة للظروف المناخية المتوقعة، وشدد على "أهمية تمكين المرأة لتؤدي دورها في التنمية عموما وفي التنمية الزراعية خصوصا، لافتا في الوقت ذاته إلى أهمية الاستقرار السياسي والأمني في الدول العربية من أجل الاستثمار في الزراعة وتبني سياسات إصلاحية لتعزيز مساهمة القطاع الخاص في الأمن الغذائي.
وشارك زباري في جلسة لخيارات الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي، وشارك أيضا في جلسة خاصة تسبق المؤتمر لمناقشة مسودة تقرير معد من قبل منظمة الاسكوا حول "الطريق نحو الأمن الغذائي في الوطن العربي" ضمن مجموعة خبراء مختارة لمراجعة ومناقشة المسودة قبل إطلاقها رسميا، ليختتم المؤتمر بجلسة نقاش لمسودة التوصيات في شأن حل تحديات الأمن الغذائي في البلدان العربية، شاركت فيها مجموعة من الوزراء والخبراء ورؤساء المنظمات الإقليمية والدولية.
وفي السياق ذاته، شارك عدد من الطلبة هم: طالبة الدكتوراه ببرنامج علوم الصحراء والأراضي القاحلة تخصص الزراعة العضوية خلود أبو سيد ، وطالب الماجستير ببرنامج إدارة الموارد المائية تخصص إدارة المياه الزراعية عيسى بوحمد في اجتماع "منتدى قادة المستقبل البيئيين" الذي عقده طلاب من 14 جامعة عربية، ناقشوا خيارات المستقبل حول الأمن الغذائي، وقدموا إعلانا إلى الجلسة الختامية عن "حق الأجيال الجديدة في الموارد الغذائية"، إذ أطلق "أفد"، بالاشتراك مع شركة "أكواباور"، دليلا عن كفاءة المياه من ضمن مبادرته للاقتصاد العربي الأخضر.