برعاية وزيرة الثقافة مي بنت محمد آل خليفة، وبحضور الوكيل المساعد لوزارة الثقافة عزة بنت عبدالرحمن آل خليفة، انطلقت مساء الأربعاء، فعاليات الدورة الأولى من «أيام البحرين السينمائية»، التي اختارت تيمة «سينما البحر» عنواناً لها هذا العام.
وقالت صحيفة الحياة اليوم الجمعة (28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014) في عددها توافقاً مع ذلك، سار الحضور والمكرّمون على «السجادة الزرقاء» (سجادة البحر)، قبيل بدء حفلة الافتتاح في مجمّع صالات سينما البحرين (سيتي سنتر)، وشهد تكريم ثلاثة من أعلام السينما العربية، هم: المخرج المصري داود عبدالسيد، والمخرج الكويتي خالد الصديق، والمخرج البحريني خليفة شاهين، الذين تلقوا الدرع التذكارية، وسط احتفاء الجمهور الذي تميّز بأن غالبيته من أجيال الشباب.
وكان مدير إدارة الثقافة والفنون في وزارة الثقافة عبدالقادر عقيل ألقى كلمة ترحيبية أكد فيها أهمية السينما ومكانتها، واهتمام وزارة الثقافة في البحرين بدعم وتشجيع المواهب السينمائية البحرينية، وتكريم واستضافة السينمائيين العرب ومن أنحاء العالم. وبعد أن ألقى المُكرّم خليفة شاهين كلمة شكر لمن بادر إلى تكريمه، والشكر إلى زملائه ومجايليه من رواد السينما البحرينية، قام مدير المهرجان المخرج محمد راشد بوعلي بدعوة مخرجي أفلام الافتتاح إلى منصة المسرح.
وشهدت حفلة الافتتاح، بعد الاحتفاء بالمكرّمين الثلاثة، عرض 6 أفلام بحرينية قصيرة، هي جزء من مشروع إنتاج سينمائي تولّته «أيام البحرين السينمائية»، برعاية وزارة الثقافة البحرينية، تمخّض في النهاية عن إنتاج 13 فيلماً قصيراً، أخرجها سينمائيون بحرينيون شباب، ستشارك في المسابقة التي يرأس لجنتها التحكيمية الناقد المصري علي أبوشادي، وعضوية السيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد، والروائية السورية لينا هويان الحسن.
البحر وأحزانه
ودارت الأفلام كلها حول البحر، متناولة هذه التيمة من زوايا مختلفة، وإن غلب عليها طابع الحزن والقلق والفقد والاغتراب والموت، مع انتباهات ذكية، وتناولات مؤثرة، كما في فيلم «حبيبتي عذراء» للمخرج محمود الشيخ، الذي استعاد حكاية سقوط طائرة «طيران الخليج»، القادمة من القاهرة، بالقرب من سواحل البحرين، والتي أودت بحياة 145 من ركابها، في 23 أغسطس عام 2000، وذلك من خلال حكاية شاب بحريني يستعيد ويحيي ذكرى حبيبته في ذاك اليوم من كل عام، على رغم مرور 14 سنة.
وبينما يتناول فيلم «ذاكرة مفقودة» لمحمد إبراهيم اغتراب رجل بات يشعر أن ما حوله لم يعد ذاك الذي يعرفه، وشاء الانقطاع عنه متخذاً من البحر ملجأه، يقدم فيلم «أثر الملح» لمحمد وميثم آل مبارك البحر بصفته جامعاً إنسانياً للبشر على اختلاف منابتهم، وذلك من خلال حكاية خادمة آسيوية تصل إلى أحد البيوت البحرينية للعمل فيه، فيكون البحر بصوته وصورته وأسماكه خطّ التواصل بينها والعالم الجديد الذي وفدت إليه غريبة عنه.
وبينما يعتصر الأسى بطل فيلم «نوستالجيا» لأحمد فردان، وهو يستذكر زمن الغواصين والبحارة ومراكبهم وشواطئهم التي أكلتها الجرافات والبلدوزرات، يتحوّل البحر إلى حالة تطهّر للمرأة التي انتهت من عدّتها، وربما منجاة مميتة لها من قيودها، في «الحضرة» لسلمان يوسف، تماماً كما هو حال الفتاة في «سبر» لوسن مدن. لنتساءل: هل يتسع البحر لهذه الجثث كلها؟
والمعروف أن وزارة الثقافة البحرينية هي التي أطلقت «أيام البحرين السينمائية»، التي أسسها ويشرف عليها الناقد اللبناني إبراهيم العريس، ويديرها المخرج البحريني محمد راشد بوعلي. وتحدّد «البحر» في هذه الدورة الأولى، التي تشهد على مدى أيامها 26 – 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، عرض قرابة 55 فيلماً عربياً، وآسيوياً (المنامة عاصمة السياحة الآسيوية)، ومختلف أنحاء العالم. تتوزع ما بين العروض في مجمّع صالات سينما البحرين (سيتي سنتر)، وعروض الهواء الطلق.
كما تشهد «الأيام» اثنتين من الندوات المتخصصة ذات العلاقة بالسينما والبحر، والسينما والتلفزيون، يتحدث فيها عدد من نقاد السينما العرب. فعند مساء اليوم (الجمعة)، تنعقد في قاعة المحاضرات في متحف قلعة البحرين، ندوة «السينما والبحر» التي يتحدث فيها الناقد اللبناني إبراهيم العريس والناقدة المصرية أمل الجمل، وعبدالعزيز لبيب، وتديرها فتحية ناصر، بينما تنعقد مساء غد (السبت)، ندوة بعنوان «السينما والتلفزيون: لقاء أم افتراق»، يتحدث فيها الناقد الأردني عدنان مدانات، والمخرج السوري مأمون البني، والناقد المغربي خليل الدامون، وتديرها منصورة الجمري.
وتشهد الدورة الأولى من «أيام البحرين السينمائية» عرض مجموعة متميزة من الأفلام العربية ذات العلاقة بموضوع البحر، من أبرزها الفيلم المصري «رسائل البحر» للمخرج المُكرّم داود عبدالسيد، والفيلم الجزائري «حراقة» للمخرج مرزاق علواش، والفيلم التونسي «موسم الرجال» للمخرجة مفيدة التلاتلي، والفيلم الإماراتي «صوت البحر» للمخرجة نجوم الغانم، والفيلم الفلسطيني «حبيبي بيستناني عند البحر» للمخرجة مي دروزة.
كما تعرض مجموعة أخرى من أهمّ الأفلام العالمية، من إسبانيا وأميركا والمكسيك والدنمارك، ومن بعض دول آسيا كالفيليبين والصين وكمبوديا وإيران وتركيا... حيث سيكون الجمهورعلى موعد مع عدد من أفضل الأفلام التي أُنتجت خلال السنوات الأخيرة، لعل من أشهرها الفيلم الشهير «البحر داخلي» للمخرج أليخاندور أمينابار، وكذلك «اختطاف» للمخرج الدنماركي توبياس ليندهولم، وفيلم «الرحم» للمخرج الفيليبيني برلانتي ميندوزا، وفيلم «غيشر» للمخـرج الإيراني وحيد فاكيليفار، و«صندوق باندورا» للمخرجة التركية يشيم أوسطا أوغلو، و«الحياة المائية» للأميركي وس أندرسن، و «20 ألف قدم تحت البحر» للأميركي ريشارد فليشر، و «الجدار البحري» لريثي بانه من كمبوديا، و «تشونغ تشينغ بلوز» للصيني وانغ شياو شوي، و «إلى البحر»، للمكسيكي بيدرو غوانزلس روبيو.
حضور بحريني شبابي
أما على صعيد أفلام «مسابقة البحر»، فمن المنتظر مشاركة 13 فيلماً من أفلام البحر القصيرة، من إنتاج وزارة الثقافة البحرينية، هي: «ثلاث سمكات» للمخرج حسين الحليبي، و«سبر» لوسن مدن، و«أرزاق» لحسن الماجد، و«الحضرة» لسلمان يوسف، و«أثر الملح» لمحمد وميثم آل مبارك، و«الظل المتلاشي» لياسر قرمزي، و«بيك أب» لصالح ناس، و«حبيبتي عذراء» لمحمود الشيخ، و«ترنيمة على الضفاف» لحسين الجمري، و«هو البحر» لشريف عطا، و«نوستالجيا» لأحمد الفردان، و«ذاكرة مفقودة» لمحمد إبراهيم محمد، و «الظل والبحر» لمحمد شاهين، التي تتنافس على جائزة أفضل فيلم، وجائزة لجنة التحكيم، وجائزة أفضل مخرج، وجائزة أفضل سيناريو.
كما تشهد الأيام عرض 7 من الأفلام الفائزة في مهرجان «نقش»، الذي يُنظّم في شكل سنوي في البحرين، وهي: «خطوات» لسلمان يوسف، و«نور» لأنس جناحي، و«سكون» لعمار الكوهجي، و«جيغساو» لباسل وراشد الصفار، و«إنك كادح» لخضر الهدار، و«هودجكتيس» لمحمد جاسم، و«هي» لجان البلوشي.
كما يعرض برنامج «أفلام من البحرين»، بالتعاون مع «نادي البحرين للسينما»، الذي يقدم 16 فيلماً بحرينياً من إنتاج السنوات الأخيرة، هي: «لعبة» للصالح ناس، و«كاروسيل» لخالد عبدالمجيد، و«هنا لندن» لمحمد راشد بوعلي، و«حسد الموتى» لعيسى سوين، و«علاجات مستنفذة» لصالح شريف وزاهد البلوشي، و«كن رجلاً» لأسامة سيف، و«مكان خاص جداً» لجمال الغيلان، و«ربيع مرّ من هنا» لإيفا داود، و«كويتابين» لحسين الحداد، و«أصوات» لحسين الرفاعي، و«ارتياب» لفاطمة عبدالرحيم، و«زينب» لمحمد إبراهيم، و«آخر قطرة نفط» لمحمد جاسم، و«301» لمحمود الشيخ، و«كليمانس» لمهدي رفاعي، و«قول لي يا حلو».
منذ اليوم من «أيام البحرين السينمائية»، بدا أن كل ما فيه هو بمثابة وعد أوّل بأيام سينمائية مبشرة، خلال هذه الدورة، والدورات المقبلة، فما بين الالتقاطة الذكية لتيمة «سينما البحر» في الدورة الأولى، والحديث عن تحضيرات نبيهة لتيمات من طراز «سينما السيرة»، و«سينما المدينة»، وحُسن اختيار الأعلام السينمائية المُكرّمة، وذلك الميل إلى الحميمية في التعامل ما بين فريق «الأيام» والضيوف والمخرجين والجمهور من الشباب، بعيداً من أيّ ادّعاء (أخذت اسم أيام، وليس مهرجان)، تتبدّى هذه المبادرة السينمائية خطوة مؤسسة في الاتجاه الصحيح الذي يفتح الباب من جهة أمام المواهب السينمائية الشابة، كما يمكّنهم والجمهور من مشاهدة مختارات بديعة من أفضل الأفلام العربية والعالمية. وهذا هو الدور الحقيقي لوزارة الثقافة، عندما تريد الاستثمار في الإنسان، وهو أهم جوانب الاستثمار قطعاً.