العدد 4463 - الثلثاء 25 نوفمبر 2014م الموافق 02 صفر 1436هـ

النوم وأهميته

النوم عبارة عن غياب آني للوعي والشعور، وحالة انعكاسية بين اليقظة وغياب الوعي. ولكنه ليس حادثاً سلبياً، وإنما عملية نشطة تشمل تغيرات فسيولوجية داخلية يحتاج لها كل جسم.

إن معدل حاجة الإنسان البالغ للنوم هي ثمان ساعات، إضافة لفترة قصيرة بعد الظهر (القيلولة) التي لا تقل أهميتها عن النوم في الليل. وفي مرحلة الطفولة يكون الاحتياج كبيراً. فالطفل بعد الولادة مباشرة لا يستيقظ إلا للرضاعة فينام بمعدل 18 إلى 20 ساعة في اليوم، ويبدأ النوم في التناقص مع الزيادة في العمر ليصل إلى 12 ساعة في عامه الأول. أما في الشيخوخة فيقل عدد ساعات النوم في الليل وعدم الانتظام مع الاستيقاظ مبكراً في الصباح.

للنوم مرحلتين؛ الأولى تسمى «نوم الموجات البطيئة»، وتتصف بالبطء في الموجات الدماغية والجهاز الدوري والتنفسي والعصبي. والثانية تسمى «فترة النوم النشيط» غير المنتظم، حيث لا يكون النوم عميقاً، مع احتمالات اليقظة بين الآونة والأخرى، وبها تزداد حركة العينين وتضطرب مقاييس الضغط والتنفس، وعادة ما تراود الأحلام الإنسان في هذه الفترة.

يعتقد أن للإنسان ساعة بيولوجية متناسقة ومتأقلمة مع عدد ساعات النهار والليل، ومواعيد الضوء والظلام، وبالتالي ينام عندما يحل الليل ويستيقظ مع إشراقة الصباح. إلا أنه وجد بأن الضوء والظلام منفردين لا يتحكمان في النوم، والدليل على ذلك شتاء دول أوروبا حيث يحل الظلام مبكراً والشروق متأخراً، فلا يعني ذلك أن يجنح الإنسان للنوم في ذلك الوقت المبكر أو يسيقظ في وقت متأخر من النهار. فمن الخواص المميزة للإنسان والتي تبدأ منذ الصغر هي سرعة التأقلم مع البيئة المحيطة، فالمسافر سرعان ما يعتاد على المواعيد الجديدة للنوم واليقظة إلى أن يرجع إلى موطنه وتعود عملية التأقلم لتعمل من جديد.

يقضي الإنسان ثلث حياته في النوم، ومع ذلك لا يعرف كثيرون عن أهميته وضرورته. وهناك نظريات عدة لفوائد النوم، فهو يساعد على:

- نمو دماغ الجنين والرضيع خلال نوم الموجات البطيئة، فحالة السكون هذه تعمل علي تكوين نقاط الاشتباك العصبي في الدماغ.

- استعادة واسترجاع أجهزة الجسم لحيويتها.

- الحفاظ على طاقة الجسم، حيث يقلل من معدل عملية الاحتراق الداخلي.

- تعزيز الذاكرة والتعلم.

- المساعدة على نسيان ومسح مخزن الذكريات المؤلمة وغير الضرورية.

- الحماية من ضراوة الأحاسيس المفرطة للمؤثرات الخارجية.

- توازن الحالة النفسية والعاطفية، فالأحلام تعمل على تصريف آمن للعواطف الزائدة.

هذا وللنعاس عواقب وخيمة، فأثناء العمل يؤدي النعاس إلى أخطاء جسيمة، وأثناء القيادة يكون مميتاً، ففي أميركا يحصل 100 ألف حادث سيارة سنوياً بسبب النعاس أثناء القيادة.

وكذلك يؤدي الأرق - الذي له أسباب عدة منها: الألم والمرض، والبرد والحرارة، والخوف والقلق، والاضطرابات النفسية، والجوع، والحوادث المؤلمة، وكثرة تناول المنبهات، وحالات توقف التنفس أثناء النوم - إلى مضاعفات صحية منها: صعوبة التركيز، هفوات الذاكرة، فقدان الطاقة، التعب والخمول، عدم الاستقرار النفسي. ويتسبب الحرمان من النوم في حالة واضحة من الذعر والهلوسة وتغيرات فسيولوجية في الدماغ والجسم.

وأخيراً، فالنوم ليس مجرد شيء لملء الوقت عندما يكون الشخص غير نشط، بل يعتبر عملية حيوية ضرورية للإنسان لا خيار فيه، حيث أظهرت الدراسات أنه مهم للبقاء على قيد الحياة.

(البروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر/ رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الخليج العربي)

العدد 4463 - الثلثاء 25 نوفمبر 2014م الموافق 02 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً