العدد 4463 - الثلثاء 25 نوفمبر 2014م الموافق 02 صفر 1436هـ

د. العشيري: حبي للأطفال دفعني لخدمتهم “جراحياً”

“سأسعى لتطوير المنظومة الصحية”

د.نبيل العشيري
د.نبيل العشيري

دفعه حب الأطفال إلى الدخول في تخصص طبي دقيق يحتاج إلى كثير من التعليم والتدريب، والجهد والوقت للتخصص في جراحة الأطفال. استشاري جراحة الأطفال الدكتور نبيل العشيري بدأ مشواره مع الجراحة منذ نحو 20 عاماً قدم فيها رسالته الطبية لعلاج المحتاجين، ثم تخصَّصَ في جراحة الأطفال وحمل شهادة متخصصة في جراحة الكلى والمسالك البولية للأطفال ليحقق رغبته في إسعادهم.
ويبدي د. العشيري في لقائه مع «الوسط الطبي» فرحاً وسروراً بالغين كلما تحدث عن حالات قدم فيها يد المساعدة وشارك في شفائها.
د. العشيري عضو في جمعية الأطباء البحرينية، وأمين سر رابطة الجراحين البحرينية، وله العديد من الإسهامات في مجال تطوير المنظومة الصحية في البحرين. ولا يقف به الطموح عند هذا الحد، بل نافس لدخول المجلس النيابي لتطوير وتحسين البنية التشريعية للمنظومة الصحية للمملكة إيماناً منه أن تطويرها سيحسّن من جودة الحياة للمواطنين والمقيمين في المملكة.

اللقاء كان شائقاً وممتعاً، ونتركك عزيزي القارئ مع التفاصيل:

ما هو تعريف جراحة الاطفال؟
جراحة الأطفال تخصص دقيق معني بكل الأمراض التي تحتاج إلى تدخل جراحي لدى الأطفال. ووفقاً للوائح وزارة الصحة في البحرين فإنها تحصر الأطفال في الفئة العمرية الآتية: منـذ الولادة وحـتى 13 عـامـاً.
ويشمل التخصص التعامل مع أجزاء كبيرة من الجسم كجراحة البطن، والجراحات المتعلقة بالكلى والمسالك البولية، والجهاز التناسلي، إضافة إلى جراحة الأورام بأنواعها، وجراحة الصدر والرئتين، ويستثنى من ذلك جراحات القلب.
وهناك حالياً توجه عالمي للتخصص في كل نوع من أنواع جراحة الأطفال وجعله تخصصاً مستقلاً قائماً بحد ذاته.

هل هناك معايير أخرى لتحديد سنة الطفولة؟
نعم، ففي الدول الغربية تمتد سنوات الطفولة إلى 18 عاماً. وهناك توجه في البحرين إلى تعديل سني الطفولة لتكون بين أول لحظات الولادة وحتى 18 عاماً.
ما رأيك في فكرة مد سني الطفولة إلى الـ 18 عاماً في معايير وزارة الصحة؟
أنا مع الفكرة بشكل إجمالي، ولكن واقعياً لدي الكثير من المحاذير والتوجسات من تطبيقها. فحينما تضم الفئات العمرية ما بين 13 و18 سنة إلى الأطفال سيشكل هذا عبئاً على قسم جراحة الأطفال، وسيرفع الجهد المبذول والضغط في العمل إلى ما يقارب 30-40 في المئة على الطاقة الاستيعابية في القسم. وهذا أمر صعب جداً، خصوصاً أن الطاقم الطبي الموجود حالياً قليل نسبياً مع أعداد الأطفال الذين يتلقون العلاج.
وأعتقد أن توفير بنية أساسية قوية من كوادر طبية متخصصة ومؤهلة هو الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها حتى لا نصطدم بأي عوائق في الطاقة الاستيعابية لقسم الأطفال وجراحة الأطفال عند تعديل المعايير العمرية للطفولة.
على صعيد آخر أؤيد الفكرة من منظورين؛ الأول طبي، لأن الأطفال يحتاجون لرعاية طبية خاصة تختلف تماماً عما يقدم للكبار، فالعلاقة التي تربط بين الطبيب والمريض تحتاج إلى مهارة خاصة، إضافة إلى الحاجة للتعامل مع أبوَي الطفل.
والمنظور الثاني حقوقي، فمن حق الطفل أن يتلقى رعاية صحية تتناسب مع عمره. على سبيل المثال، فإن فترة بقاء الطفل في المستشفى يجب أن تكون في أجنحة مخصصة للأطفال حتى يشعر بالراحة النفسية، وهي عامل مهم في العلاج. وليس من الصحيح أن تضع طفلاً في الـ 16 من عمره في غرفة مع رجل سبعيني. فتخيل حجم الأثر النفسي الذي سيحدث لهذا الطفل.

ما هي أكثر الحالات التي تعالجها؟
يعد قسم جراحة الأطفال من الأقسام النشطة والمزدحمة. فتجرى في القسم كثير من العمليات منها عمليات روتينية مثل الفتق، وإنزال الخصية المعلقة، استئصال الزائدة الدودية، وإصلاح التشوهات في مجرى البول. وكثير من هذه الأمراض تكون عيوباً خلقية يولد بها الطفل.
وهناك عمليات أخرى غير روتينة أو طارئة، وقد تكون كبيرة وحتى نادرة يستدعي إجراؤها الحالة المرضية للطفل.
أضف إلى ذلك العمليات التي تجرى للأطفال الخدج - وهم الذين لم يكملوا فترة الحمل - فأغلبهم يحتاج لعمليات دقيقة وسريعة، فمنهم من يخضع لعمليات في أول ساعات الولادة ويكون الجراح في سباق مع الزمن لإنقاذ حياته من حالات خطيرة كانسداد الأمعاء، أو انفجارها، وانسداد المريء وغيرها من الحالات التي تهدد الحياة.
هل كل الجراحات تعد من العمليات الكبري التي تحتاج لتخدير كامل؟
معظم العمليات الجراحية للأطفال تُجرى تحت التخدير الكامل بغض النظر عن حجم العملية، لسببين مهمين؛ الأول طبيعة العملية، والثاني صعوبة التعامل مع الطفل مع تخديره موضعياً؛ لأنه سيخاف ولن يتعاون إذا ما رأى الطبيب يعمل أثناء إجراء العملية.

كيف تؤثر خدمات ما بعد العملية علي نجاحها؟
سؤال جيد. أود أن أوضح أن الجراح جزء من المنظومة الطبية، ولا تقل العناصر الأخرى في هذه المنظومة أهمية عنه، والمنظومة المتكاملة هي التي تقف وراء نجاح العمليات وعلى رأسها الطبيب الجراح.
ففريق التخدير، والطاقم التمريضي، وفريق العناية القصوى يعملون مع الجراح لتحقيق أفضل النتائج المرجوة للمرضى، وخصوصاً الأطفال الخدج؛ لما تستدعيه حالاتهم المرضية من سرعة ودقة في تقديم العلاج، وعناية فائقة ما بعد العمليات تقدمها وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة.

يقال أن الاستشاريين في جراحة الاطفال في البحرين قلائل. ما مدي صحة هذا الكلام؟
نعم، فالاستشاريون في البحرين قليلون لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، والاختصاصيون أيضاً قلائل. ولا تقتصر ندرة الاستشاريين في جراحة الأطفال على المملكة فقط، بل نستطيع أن نقول إنها تشمل العديد من دول العالم.
ويقع على الاستشاريين الموجودين في البحرين عبء كبير، خصوصاً مع تزايد أعداد الحالات التي تتطلب عمليات جراحية.

لماذا يندر وجود الاستشاريين والاخصائيين في مجال جراحة الأطفال؟
أعتقد أن السبب يعود إلى أن التخصص دقيق جداً، وهو بحاجة لوقت وجهد كبيرين. فيتطلب التخصص من الطبيب مزيداً من الوقت للدراسة والتدريب، ورصيداً كبيراً من الخبرة. وأمام هذه التحديات يفضل كثيرون التخصص في مجالات أخرى.

ما هي الأسباب التي دفعت الدكتور نبيل العشيري للتخصص في جراحة الأطفال؟
حبي للأطفال والتشجيع من الاستشاريين. فمنذ أول يوم بدأت العمل في الجراحة أحببت هذا التخصص، وأحسست أني أستطيع تقديم الكثير فيه. وكان تحدياً وجب عليّ خوضه لأقدم خدماتي الطبية لمن أحب.

وهل تحتاج المملكة لمزيد من المختصين في هذا المجال؟
نعم، نحتاج في المملكة لزيادة أعداد الطواقم الطبية المتخصصة في جراحة الأطفال من استشاريين واختصاصيين والفرق الطبية المساندة. وعلى وزارة الصحة تحفيز الأطباء وتشجيعهم على الولوج في هذا التخصص وغيره من التخصصات الدقيقة والصعبة عبر منح المقبلين على هذه التخصصات علاوات لتشجيعهم، أو غيرها من الأمور التحفيزية.
ويجب الالتفات إلى أنه من الصعب استقطاب الأطباء في هذا المجال من الخارج نتيجة قلّتهم.

ما هي الحالة التي أجريت لها عملية وتذكرها لحد الان؟
تمر أمامي في شريط الذكريات الكثير من الحالات التي أسعدني أني قدمت إليها العلاج. وتحضرني هنا حالتان لا أعتقد أني سأنساهما؛ الأولى لطفل ولد بانسداد في مجرى البول تسبب له بفشل كلوي تام، أتبعه فشل في معظم وظائف الجسم، ثم تسمم في الدم. هنا أصبحت حالة الطفل شبه ميؤس منها، وكان التدخل الجراحي آخر الحلول التي سيقدمها الأطباء لهذا الطفل على رغم ضآلة فرص الشفاء.
التقينا والدَي الطفل وشرحنا لهما حالته، ومنحاني الثقة في إجراء العملية للطفل.
أجرينا العملية، وجاءت النتائج فوق التوقعات، فالطفل تماثل للشفاء وعادت الكليتان للعمل، ووظائف جسمه رجعت للعمل بشكل طبيعي أيضاً، وتوقف التسمم في الدم. وخرج الطفل من المستشفى معافى، والحمد لله.
أما الحالة الثانية، فهي لطفل حديث الولادة أدخل لوحدة العناية المركزة من جراء إصابته بالتهاب جرثومي في الرئة والتجويف الصدري، قدمت له كل الحلول الطبية من مضادات حيوية، وتم إخراج الصديد والقيح المتجمع في الصدر أيضاً لكن ذلك لم يفلح.
الجراحة أيضاً كانت الحل الأخير، وهو الحل الأصعب والأخطر، تفهّم الولدان ذلك. وتم إجراء العملية للطفل الذي يبلغ من العمر أسابيع معدودة.
والحمد لله جاءت النتيجة مرضية وفوق المتوقع، فتماثل الطفل للشفاء مع الجهد الكبير الذي بذلته وحدة العناية المركزة للأطفال وأطباء الأمراض الصدرية للأطفال.
هنا أحب أن ألفت النظر إلى أن الأطفال يمتلكون قدرة عالية على التعافي والتماثل للشفاء، ويجب ألا يدخل اليأس في نفوسنا، وبذل كلما يمكن بذله في سبيل علاجهم.
ومن هاتين التجربتين يتأكد لي يوماً بعد يوماً أن اختياري لهذا التخصص كان موفقاً على رغم طول الطريق الذي قطعته فيه.

هل من كلمة اخيرة؟
طوال عملي طبيباً، عملت جاهداً عبر مواقع عدة في تحسين وتطوير المنظومة الصحية في المملكة كعضويتي في مجلس إدارة جمعية الأطباء البحرينية في الفترة ما بين 2007 و2010م، أو منصبي الحالي أمين سر رابطة الجراحين البحرينية، أو عضويتي في لجنة التراخيص الطبية في الهيئة الوطنية لتنظيم المهن الصحية.
ومازلت أسعى في ذلك مع كثير من العاملين في المجال، ولكن نصطدم أحياناً بعوائق تحول دون تحقيق أهدافنا المرجوة، ومنها العوائق التشريعية التي تتطلب تعديل وتطوير التشريعات الطبية في المملكة، من هنا جاء العزم لخوض الانتخابات التشريعية لتطوير وتحسين المنظومة الطبية التي من شأنها أن تحسن من جودة الحياة للمواطنين والمقيمين في المملكة على حد سواء، من دون إغفال الملفات الأخرى.
وفي سبيل تطوير المنظومة الصحية التي سينعكس تقدمها إيجابياً على المواطنين سأعمل على تحسين وضع الطواقم الطبية وعلى رأسهم الأطباء من خلال تحسين الأجور، وتوظيف الأطباء حديثي التخرج هذا على سبيل المثال.
على صعيد آخر سأسعى إلى تعديل القوانين لرفع نسبة البحرنة في الطواقم الطبية العاملة في المؤسسات الصحية. ومن الملاحظ أن نسبة البحرنة في المؤسسات تحتسب بشكل إجمالي، وهذا المطبق في المؤسسات الصحية أيضاً، وهو أمر بحاجة لتعديل.
الملف الثالث - الذي سأحمله حال فوزي بشرف التمثيل - ملف الأخطاء الطبية، وهو ملف بحاجة لتطوير، بحيث يضمن فيه الجميع حقوقهم من مريض وطبيب، ويجب هنا التركيز على ترشيد دور وسائل الإعلام، خصوصاً عند تناول حالات تعرضت لأخطاء طبية. فليس من الصحيح تجريم الطبيب أو المنظومة الصحية قبل أن تصدر المحكمة حكمها.
وفي النهاية سأعمل من خلال المجلس على تحقيق حلمي في إنشاء مستشفى حكومي خاص بالأطفال وبناء مركز متكامل خاص لعلاج مرضى السكلر مزود بطاقم طبي متخصص ويتبع أحدث الطرق للعلاج.

العدد 4463 - الثلثاء 25 نوفمبر 2014م الموافق 02 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:57 ص

      شكرًا دكتور

      اشكر الدكتور على قيامه بإجراء عملية جراحية صعبة لأبني والتي تكللت بالنجاح والحمد لله الدكتور نبيل من افضل الجراحين في البحرين

    • زائر 1 | 11:56 م

      شكرا

      لا أستطيع أن أنسى وقفة الدكتور نبيل معي ومع ابني بعد أن فقدت الأمل والحمدلله بعد العملية الجراحية عادت الصحة والعافية له بفضل الله ومساعدة الدكتور الذي اعتبره مكسبا للبحرين فشكرا لك

اقرأ ايضاً