شهدت تونس يوم الأحد الماضي (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014) أول انتخابات رئاسية مباشرة بعد الثورة في العام 2011، تنافس فيها 27 مرشحاً، أبرزهم رئيس حزب «نداء تونس» الباجي قايد السبسي، والرئيس الحالي المنصف المرزوقي. وجاءت هذه الانتخابات بعد إجراء الانتخابات التشريعية يوم 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ولكن بعد أربع سنوات تقريباً، لم يعر شباب الثورة اهتماماً لهذه الانتخابات، كون الثورة لم تحقق لهم مطالبهم في العمل والعدالة الاجتماعية التي أحرق من أجلها الشاب البوعزيزي نفسه، وحاله تشبه حال معظم شباب تونس والمنطقة العربية التي تعيش تحت قبضة الحديد والنار، في ظل انتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان.
ويرى مراقبون أن عزوف الشباب التونسي كان ملحوظاً في عملية الاقتراع، مقابل مشاركة لافتة لفئة الكهول والشيوخ. والعزوف عن التصويت في الانتخابات الرئاسية راجعٌ إلى عدة أسباب، منها عامل القطيعة بين الجيل الذي عايش زمن أمن الدولة المتمثل في فئة الكهول، وبين الجيل المتمثل في فئة الشباب الذي خرج من أجل الحرية في زمن الثورة. وبالتالي فإن المشهد السياسي مازال يسيطر عليه الكهول الذي لم يترجم واقع مطالب الثورة التي خرج من أجلها شباب «ثورة الياسمين». كما أن مسألة المال الفاسد واستخدامه ظهر جلياً في الساحة، إلى جانب الخروقات التي تكلّم عنها المراقبون خلال هذه الانتخابات، وهو ما يعبّر عن خيبة الأمل التي أصابت المواطن التونسي، ولم يستطع الفرح بهذه الانتخابات لأن نتيجتها «مشوبة بتدليس وغموض»، كما جاء في بعض التقارير الصحافية.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس قد أعلنت عن أن نسبة مشاركة التونسيين في الانتخابات التشريعية بلغت 50.48 في المئة، وأن نسبة الشباب من مجموع الناخبين تقدّر بـ60%.
وبخلاف ما يحدث في المشهد التونسي من شد وجذب في الأطروحات السياسية المختلفة، إلا أن الحياة المدنية والسياسية دون شك أوفر حظاً في تونس من باقي بلدان المنطقة العربية التي جرت فيها انتخابات في جو مازالت تسوده ملفات سياسية عالقة، مع استمرار حالة الإنكار للواقع السياسي، كما حدث منذ أيام من انتخابات برلمانية وبلدية لدينا.
وتونس مثال حيوي، مازال محل اهتمام الصحف العالمية، إذ كتبت صحيفة «وول ستريت جورنال» مقالاً في 21 نوفمبر الجاري، للكاتب ماثيو كامنسكي، تحدّث فيه عن الانتخابات الرئاسية التونسية، إذ قال: «الدرس الذي يمكن استخلاصه من تونس للمستقبل السياسي للدول العربية، هو: لا تهتموا بالشعارات، المهم هو القدرة الإنسانية على تبنّي الأساليب الأفضل للحكم».
وكان محور المقال شخصية زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، الذي وصفه الكاتب بأنه هو الذي يعود إليه الفضل في تقديم الديمقراطية إلى البلدان العربية، رغم هشاشتها في تونس التي تعتبر استثناءً وسط منطقة مزقتها الاضطرابات خلال السنوات الأربع الماضية.
الكاتب أشار أيضاً إلى مواقف حركة النهضة بقوله: «لقد أنقذت تونس من مصير دول الربيع العربي الأخرى بتخلي النهضة عن الحكم لصالح حكومة من التكنوقراط، والموافقة على دستور ليبرالي للبلاد، والقبول بنتائج الانتخابات البرلمانية بصدر رحب، وتهنئة الفائز المعارض، وعدم ترشيحها لشخص من صفوفها لمنصب الرئيس».
ولعل ما ذكره الكاتب الأميركي، يعكس مدى جمالية المشهد التونسي مقارنةً مع دول المنطقة الأخرى، إذ أن العملية السياسية برمتها تسير باتجاه يعطي حق الاختيار مهما اختلفت الآراء، بعيداً عن لغة التهديد والإنذار، ورغم الاغتيالات التي لوّثت المشهد بالدم، إلا أن ذلك لم يمنع التونسيين من تخطّي هذه الصعاب، والعمل جميعاً نحو هدف تحقيق حكومة وحدة وطنية وليس حكومة تتلون باتجاه وفكر أيدلوجي حزبي واحد، ولكن من خلال العمل السياسي والديمقراطي المدروس. وهو ما انجلى في خيارات المواطن التونسي، سواءً بالمشاركة أو العزوف عن التصويت في هذه الانتخابات.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4463 - الثلثاء 25 نوفمبر 2014م الموافق 02 صفر 1436هـ
مالنا امالهم
اللى بفوز منهم بسبنا المرزوقي لو نختلف معاه بس ذكرنا ابخير لو مره واحده وربما تغير الان لانتفاء الغرض من التصريح والعرب كرب, كرب النخيل الذى يصعب تجميعه وهذا حالنا وكرب يعني الهم وهو صائب ايضا والله اما ابعدنا عنهم وبلاويهم