العدد 4460 - السبت 22 نوفمبر 2014م الموافق 29 محرم 1436هـ

انتخابات في جوّ مضطرب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذه أول انتخابات برلمانية تجرى في البحرين وسط تشطير اجتماعي حاد، ومحيط إقليمي مضطرب، شديد الاضطراب، مع صعود قوة تكفيرية كبرى (داعش)، احتلت أجزاء كبيرة من سورية والعراق، وتهدّد بالتمدّد إلى دول المنطقة الأخرى.

الانتخابات الأولى (2002)، جرت وسط انقسام محلي على خلفية سياسية واضحة، حيث أعلنت المعارضة مقاطعتها، احتجاجاً على الدستور الجديد، الذي صدر من جانب واحد. واستمرت المعارضة بالاحتجاج سلمياً عبر التجمعات الشعبية والندوات، للسنوات التالية، حيث استنفذت قوتها مع نهاية العام 2005، مع تشديد السلطة الخناق عليها، حتى انتهى العام الثالث بمهاجمة ندوةٍ شعبيةٍ في جزيرة سترة، وأصيب أمين عام جمعية «وعد» يومها، إبراهيم شريف، بطلقةٍ في ركبته. كانت نقطةً أمنيةً على السطر.

المعارضة ومع تشديد الخناق عليها وانسداد الأفق أمامها، تحوّلت إلى المشاركة في 2006، وهي تعلم بضيق البرلمان عن تطلعاتها. ووصل إلى البرلمان 17 نائباً من كتلة «الوفاق»، فيما أسقط جميع النواب من «وعد»، وقيل الكثير عن دور المراكز العامة في هذه العملية. واللافت أنه في العام الثالث للتجربة صرّح رئيس الكتلة المعارضة علي سلمان بأن «حصاد التجربة يساوي صفراً»، وتزامن ذلك مع تصريحٍ لعادل المعاودة، كبير السلفيين يقول: «الحكومة كسرت مجاديفنا»، في إشارةٍ إلى عدم تعاونها مع البرلمان. سلمان رفض الترشّح مرةً أخرى، بينما أصر المعاودة على التجديد مرةً بعد أخرى، حتى هذا العام، وانسحب بعد إغلاق باب الانسحاب، وصدرت توقعات عن وعدٍ تلقاه بتسلّم منصب أكبر.

في انتخابات 2010، تم الإطاحة بكتلتي المنبر الإسلامي (أخوان) والأصالة (سلف)، وتقليص أجنحتهما إلى الثلث، وجيء بكتلةٍ هلاميةٍ متفرقة مما يسمى بـ «المستقلين»، ليكونوا أكثر طاعةً وانصياعاً من الكتلتين الدينيتين السنيتين، وعقاباً لهما على ما سوّلت لهما نفسهما ذات يوم بالاتفاق مع «الوفاق» في طرح بعض الملفات الساحنة، خصوصاً ما يتعلق بالأراضي والمال العام. كانت ضربةً استباقيةً أضعفت المجلس وأجهضت أية إمكانية لنشوء أي نوعٍ من التوافقات على أية ملفات. وهكذا كان المجلس متجهاً إلى حالةٍ من الركود وانعدام الفعالية، حتى قبل مجيء 14 فبراير ليطيح بكل المعادلة.

لم يمض على إعلان نتائج انتخابات 2010، غير شهر حتى بدأت الأمواج تضرب سواحل المنطقة، بدءاً بتونس فمصر وسورية واليمن، ولم تكن البحرين بمنجاةٍ من العاصفة. لقد فوجئ الجميع، أنظمةً ومعارضاتٍ، بظهور قوى شبابية جديدة تقود حركة «الربيع العربي»، لها أحلام وتطلعات جديدة، في الحرية والكرامة والخبز. ملايين الشباب العربي نزلوا إلى الميادين الكبرى في العواصم العربية ليطالب بالتغيير.

لقد بتنا على مسافةٍ زمنيةٍ تكفي الآن لتبيّن ما جرى بصورة أوضح، فهذه الحركات الشعبية المتطلعة لغد أفضل، تم إغراقها في عدة مستنقعات. بعضها استولت عليها قوى دينية قديمة لم يكن لها بالثورة شأنٌ، كما في مصر وأطاح بها العسكر بعد عام واحد من الحكم؛ وبعضها تم عسكرته وتسليط القوى التكفيرية لتحويله إلى حروب أهلية مدمّرة؛ وبعضها أقحم في خلافات دينية وطائفية، قادت إلى انشقاقات حادة في هذه المجتمعات، تحريفاً عن المطالب الرئيسية: حرية وكرامة ولقمة عيش كريم.

محلياً، الكل يعلم ما جرى بعد شهرٍ من الحراك، دفع الكتلة المعارضة إلى الاستقالة من البرلمان احتجاجاً على المعالجة الأمنية والقمع. وهكذا استولدت المشكلة السياسية مشكلة حقوقية كبرى، مع سقوط مئاتٍ من الضحايا والمصابين، وآلاف من المعتقلين والمفصولين، وهكذا ظلّت الأزمة تتعمّق أكثر فأكثر، والثقة تتآكل أكثر وأكثر.

اليوم، انتهت انتخابات 2014، وقريباً سيُعلن عن أسماء نوابٍ جدد، سيدخلون برلماناً يعرفون أنهم لا يستطيعون أن يستجوبوا فيه وزيراً، ولا يدفعوا مظلمةً، ولا يستردوا ديناراً سائباً من المال العام، ويجمع المحللون المستقلون أنها لن تنهي الأزمة السياسية العميقة، بعيداً عن حفلات التكاذب والتهريش وصخب الإعلام.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4460 - السبت 22 نوفمبر 2014م الموافق 29 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 1:49 م

      محرقي

      الحقية امس البحرين ما نقدر نوصف شعورنا تقدرون تقولن عيد البحرين من فرحتنا وفرحة الاطفال كان يوم من اسعد الايام شعور لا يوصف

    • زائر 8 | 9:12 ص

      sunnybahrain

      السلام عليكم ،،اول انتخابات تقام ،،واكثر من نصف الشعب في البيوت { يشربون شاي } ولكن الهنود والباكستانيون ولاخوه العرب ،،ما قصروا ،،{ سدوا الفراغ } ب نسبة â‌ٹâ‌ٹâ‌ٹâ‌ٹ% ,, السلام عليكم .

    • زائر 9 زائر 8 | 10:07 ص

      بحرانيه

      ماقصروا لانهم هم الشعب الجديد وهم المستفيدين...

    • زائر 5 | 3:07 ص

      مستقبل الأجيال

      الحمدلله رب العالمين إننا قاطعنا الإنتخابات واليوم نحن مرتاحين الظمير على الرغم من كل ما سيحدث وما يتوعدوننا به من تهميش وإقصاء , فهذه سياسة ونحن نعاني منها منذ زمن ولن تتغير بمقاطعتنا أو بالمشاركة , لأن الإرادة الرسمية بالتحول للديمقراطية الحقيقية غير موجودة .

    • زائر 4 | 2:54 ص

      هذه خلاصة الانتخابات

      اليوم، انتهت انتخابات 2014، وقريباً سيُعلن عن أسماء نوابٍ جدد، سيدخلون برلماناً يعرفون أنهم لا يستطيعون أن يستجوبوا فيه وزيراً، ولا يدفعوا مظلمةً، ولا يستردوا ديناراً سائباً من المال العام، ويجمع المحللون المستقلون أنها لن تنهي الأزمة السياسية العميقة، بعيداً عن حفلات التكاذب والتهريش وصخب الإعلام

    • زائر 1 | 9:53 م

      ما حدث هو صلاح

      صلاح بفضح حجم التجنيس صلاح بان القانون مزدوج صلاح بان القرار فردي صلاح بان المجلس أعجز مما توقعه إي فرد صلاح بانه وضحت النفسيات المريضة التي تشفت على عذابات الأبرياء صلاح بان العالم عرف كيف تحكم شعوب خارج سياق الزمن وأخيرا صلاح بان الله ابتلاءنا ليختبر ايماننا ولقد كنا صادقين وسنغيز واقع الخليج كله

اقرأ ايضاً