جاءت مشاركة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في قمة الرياض التي جمعته وأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر من منطلق إيمان جلالته بوحدة المصير الخليجي وأهمية الوحدة الخليجية، فقد توجه جلالته إلى المملكة العربية السعودية واضعًا نصب عينيه الأهمية الكبرى لنجاح هذه القمة الهامة في توقيتها وفي موضوعاتها، فهي تأتي في مرحلة مفصلية تمر بها المنطقة وفي ظل تحديات تواجهها تتطلب الوحدة والتآزر لمواجهتها، وقد أسهمت جهود جلالته المباركة مع إخوانه قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تحقيق النجاح المنشود للقمة وصدور قرارات من شأنها دفع العمل الخليجي المشترك وتعزيز روابط التعاون والتآزر القوي بين دول المجلس.
إن الجهود المباركة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه والتي أسهمت في التوصل لحل الأزمة الخليجية، هي دليل أكيد على رغبة ملكية سامية في المحافظة على وحدة مجلس التعاون، ولذا كانت محل ترحيب من قادة دول المجلس ومن الشعوب الخليجية التي أكدت أن حكمة جلالة الملك المفدى كان لها الأثر الإيجابي في إزاحة سحابة الصيف التي مرت على العلاقات الخليجية، والاتجاه نحو تعزيز مسيرة مجلس التعاون.
وقد ظهرت حنكة جلالته والمرونة في التعامل مع هذه المرحلة، وهي حنكة تنبع من الخبرة والباع الطويل لجلالته في مجال العمل الخليجي والعربي المشترك ودفع علاقات المملكة مع جميع دول العالم، فالسياسة التي تنتهجها مملكة البحرين تجاه مختلف القضايا اتسمت دومًا بالتوازن والمرونة وكانت قيادة جلالته دفة العمل الدبلوماسي لها الدور الأكبر في تعزيز علاقات المملكة الخارجية، وخاصة الخليجية فالبحرين بقيادة جلالته كانت حريصة دومًا على الدفع بكل ما من شأنه ترسيخ التعاون الخليجي وبرز ذلك من الإصرار على المشاركة في كل الاجتماعات الخليجية وعلى أعلى مستوى والدفع بالعديد من المقترحات لتعزيز العمل الخليجي، كما حرصت المملكة على الالتزام بتنفيذ قرارات وتوصيات مجلس التعاون الخليجي.
لقد بادرت مملكة البحرين إلى الاستجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين إلى قمة الرياض، التي فتحت الباب لتنقية الأجواء الخليجية والعربية وهو ما برز في البيانات الصادرة بعد القمة والنتائج التي كشف النقاب عنها ومن أهمها انعقاد القمة الخليجية في موعدها المقرر في ديسمبر في الدوحة وعودة سفراء مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت إلى دولة قطر الشقيقة. ولقد كان إصرار جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه على نجاح قمة الرياض يصب في هذا الاتجاه، فنجاح القمة من شأنه دفع العمل الخليجي والعربي المشترك إلى آفاق أوسع وتعزيز العلاقات بين دوله وتنفيذ المشروعات الخليجية الوحدوية وصولا إلى الاتحاد الخليجي المنشود وبما يصب في الأخير في صالح أبناء وشعوب دول المجلس، فأمام دول المجلس العديد من المشروعات التنموية الكبرى التي في حال تحققت ستعود بالخير والنماء على شعوب دول المجلس جميعًا، كما أن هناك آمال بمزيد من التنسيق والتعاون في المجالات المختلفة وصولاً إلى التكامل الخليجي .
إن قمة الرياض أثبتت صلابة وقوة مجلس التعاون الخليجي، والرغبة القوية لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الحفاظ على مكتسبات المجلس والذي جعلته نموذجًا يحتذى، فقد وضع اتفاق الرياض التكميلي النقاط على الحروف وأسس لعلاقات خليجية - خليجية متينة لا تنكسر، وهو ما يزيد الآمال في الاقتراب من الوحدة الخليجية المنتظرة، فالضمانة الأساسية لدول مجلس التعاون تكمن في وحدة مواقفها خصوصاً في ظل التحديات الإقليمية المخيفة والخطيرة، والتي تتطلب مزيدًا من التماسك الخليجي للتصدي لها، وشعوب دول مجلس التعاون الخليجي تعيش على أمل أن يضمهم اتحاد خليجي. ففي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها دول المجلس والعالم اجمع والتي تحتاج إلى تكاتف الجهود في القضاء على الإرهاب والحفاظ على منظومة الأمن والسلامة التي تنضم بها دول المجلس في ظل قيادتها الخليجية والتي تعمل لتحقيق طموحا وآمال هذه الشعوب المتطلعة والمتشوقة للاتحاد وتحقيقه في أسرع وقت.
إن الشعوب الخليجية ترتقب الآن القمة الخليجية المقبلة بالدوحة خلال الشهر القادم وتتوقع أن تشهد المزيد من الإنجازات على صعيد العمل الخليجي المشترك، بعد القمة التاريخية في الرياض وتتمنى أن تشهد قمة الدوحة صفحة جديدة في العلاقات الخليجية نحو الوحدة التي تمثل الطريق الامثل للمستقبل الذين يطمحون إليه.
إن الشعب البحريني كله ومعه الشعوب الخليجية يهنئون صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وقادة دول المجلس بنجاح القمة ويحق لنا الآن الاحتفال بهذا النجاح الذي يصب في تعزيز أواصر المحبة والود بين الشعوب الخليجية، ويشكرونه على حرصه على مواصلة مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية باعتبارها جزءاً من طموحات الشعب الخليجي بمزيد من الإنجازات المشتركة التي تزيد من تقارب دول المجلس، وتهيئ الفرص للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد المنشودة.
إن كل خطوة على طريق التقارب بين الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية هي خطوة تلقى التقدير والترحيب من أبنائه، إذ عبَّروا على الدوام عن رغبتهم في تعميق مجالات التعاون وتوسيع آفاقه، وباركوا كل القرارات والإجراءات التي تصب في ذلك الاتجاه. وفي هذا الإطار، كان الترحيب بما أسفرت عنه «قمة الرياض» الأحد الماضي من مصالحة بين الأشقاء، وعودة السفراء.