في البلاد كثيرٌ من الجمعيات الخيرية والاجتماعية التي تنتظر من يأخذ بأيديها ليصبح عملها أسهل، ولتقوم بواجبها في خدمة المجتمع والمحتاجين على أتم وجه.
هذه الجمعيات والجهات الأهلية تقوم بشكل أساس على جهود ذاتيةٍ لأفرادٍ آثروا العمل التطوعيّ على رغم معرفتهم بصعوبة العمل به، وبالوقت والجهد الكبيرين اللذين يحتاجهما هذا النوع من العمل، فهمّهم الأول هو خدمة المجتمع واستثمار ما يتمتعون به من نشاطٍ ومعرفةٍ في سبيل هذا الهدف.
وقد نهضت الشركات والمؤسسات التجارية في دول العالم بدورٍ ليس باليسير في هذا الجانب، خصوصاً بعد استحداث مصطلح «المسئولية الاجتماعية للشركات»، ولكن في وطننا العربي مازالت هذه الشركات غير قادرةٍ على توجيه بوصلتها بالاتجاه الصحيح؛ إذ مازالت تهتم بالوجاهة على حساب نوعية العمل، ومازالت تفضّل دعم الجهات الأهلية التي تعطيها نوعاً من الدعاية، على تلك التي تعمل بصمت، ناسيةً أن الأخيرة هي الأحوج لدعمها.
العاملون في مجال العلاقات العامة على علمٍ بهذه الأسرار الصغيرة منها والكبيرة، وهم أكثر من يتمنون لو أن هذه المبالغ تُصرف فيما يخدم من يحتاج إليها بالفعل، ولكن ومع ذلك فإن إدارات المؤسسات تفضل أن تدفع مئات آلاف الدنانير على معرضٍ تقيمه شركة إدارة فعالياتٍ أو جمعيةٌ ذات وجاهةٍ اجتماعية، فيما تتبرع بمئات الدنانير فقط لإحدى الجمعيات ذات الطابع الخيري والتي تقدم مساعداتٍ عينيةً أو ماديةً أو خدميةً لفئةٍ من المجتمع غير قادرةٍ على توفيرها لنفسها لولا مساعدة هذه الجهة.
لسنا ضد المعارض ولا الفعاليات ذات الطابع الدعائي لأية شركةٍ أو جمعية، فهي مطلوبةٌ باعتبارها تشكل نوعاً من الإعلام والدعاية والإعلان تحتاج إليها أية جهة ربحية وغير ربحية، ولكننا نشعر بالحسرة ونحن نجد جمعيةً متخصصةً في خدمة ذوي الإعاقة على سبيل المثال، غير قادرةٍ على توفير أبسط المستلزمات التي يحتاج إليها أعضاؤها، حتى مع وجود دعم وزارة التنمية الاجتماعية الذي أسهم كثيراً في هذا الجانب. ونصاب بالحسرة أكثر حين نجد جمعيةً خيريةً تحاول جاهدةً الوصول إلى إدارة إحدى الشركات لتشرح لها هدفاً نبيلاً ترتجيه بإقامة إحدى الفعاليات ولكن دون جدوى، وكلّما سمعنا أو قرأنا إعلاناً يطلب داعمين لفعالية أو حملة خيرية يزداد شعورنا بالألم ونحن نجد المبالغ تصرف في غير مكانها الصحيح داخل البحرين وخارجها.
إن الشركات والمؤسسات اليوم قادرةٌ على الاستعانة بمكاتب وشركات العلاقات العامة كي توفّر لها خطةً كاملةً للمسئولية الاجتماعية من شأنها أن تقوّم بوصلتها بشكلٍ يخدم المجتمع أكثر، إن لم تكن قادرةً على فعل ذلك بنفسها ولنا في كثير من المؤسسات خير أمثلة.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4457 - الأربعاء 19 نوفمبر 2014م الموافق 26 محرم 1436هـ