شكلت حادثة الدالوة امتحاناً حقيقياً للتوجهات والأفكار السائدة لدى المجتمع السعودي، فقد كشفت عن حالة من التوافق في الآراء والمواقف أكثر من أية حادثة مرت بها المملكة، كما أنها بينت حجم أصحاب التوجهات الذين لديهم تصورات ضبابية وغير متسقة مع الحالة الوطنية بشكل عام.
لمسنا لدى الأكثرية من المثقفين اتساقاً مع مشاعر عموم المواطنين تجاه بعضهم بعضاً، متجاوزين أي تصنيف مناطقي أو مذهبي، معتبرين أن ما حدث يعبّر عن قضية وطنية مشتركة وعامة. وعبروا من خلال خطاب وطني متوازن عن إدانة هذه الجريمة والتحريض عليها والمطالبة بمعالجات عاجلة وجادة لوأد الفتنة التي أراد القائمون على هذه الجريمة إثارتها في المجتمع، وحاول الخطاب المتمذهب تكريسها.
لفت انتباهي عدة مقالات مهمة عبّرت بوضوح وصراحة عن تبعات الحدث، ووضع كاتبوها تصورات ومقترحات لحلول عملية، من أبرزها ما كتبه معالي السفير عبد الله المعلمي في صحيفة «المدينة»، والأستاذ قينان الغامدي في صحيفة «مكة»، والأستاذ محمد علي المحمود في صحيفة «الرياض»، وكذلك الدكتور توفيق السيف في صحيفة «الاقتصادية» وغيرهم كثير.
في مقابل ذلك انبرى بعض المتمذهبين بتقديم خطاب أقل ما يقال عنه إنه انتهازي وطائفي، ولا ينسجم مع الروح الوطنية التي غمرت أرجاء البلاد. فأصحاب هذا الخطاب يتحدثون عن حالة تقسيم وفصل في الكتلة الوطنية الواحدة (نحن وهم)، وعن محاصصة طائفية (أقلية وأكثرية)، والأسوأ من كل ذلك إلقاء اللوم على ضحايا الحادثة بشكل عام وليس على العناصر الإرهابية التي قامت بها.
الخطاب الوطني كان متألقاً في تحديد المجرم، وتشخيص المشكلة، وطرح التساؤلات المتعلقة بنمو هذه التوجهات الإرهابية والمتطرفة، وسبل مواجهتها ومعالجتها عبر المطالبة باستنفار مختلف مؤسسات وأجهزة الدولة لذلك. بينما يقف الخطاب المتمذهب خالطاً الأمور، ومتردداً في تسمية الأشياء بأسمائها، ومتعثراً في وضع الوصفات اللازمة للعلاج.
يفر أصحاب الخطاب المتمذهب من التعاطي الصريح مع القضايا المحلية من منظور داخلي ووطني، ويعلقونها دائماً على تطورات إقليمية وخارجية، حيث يضعونها مقياساً لتحليلهم وفهمهم للأحداث. التحليل المذهبي للأحداث يقود دائماً إلى الخروج عن السياق المنطقي، ويبحث عن مشجبٍ لتعليق أوجه الخلل عليه، وهو يقوم بتغذية أعضاء الفئة والجماعة، ولكنه لا يخدم القضايا الوطنية مطلقاً.
يقظة الضمير الوطني الذي حاول المتمذهبون اختطافه لعقود تحت مبررات الخصوصية المذهبية أو المسئولية الأممية، أعاد الاعتبار إلى موقعية الوطن في الوجدان الشعبي، كما أن تماسك الخطاب الوطني أضاع على هؤلاء فرص المزايدة على الآخرين باسم الدين أو الوطن.
إن العودة إلى خطاب وطني صادق وصريح ومتوازن، هو ما يبعث على الانسجام المطلوب بين مختلف المكونات الاجتماعية، وهو ما يساهم في تأكيد حالة التلاحم والتوافق بينها، والخروج من قوقعة الإنغلاق أو فوقية التعاطي مع الآخر والتصنيف الذي يمارسه بعضهم. وهذا الخطاب إذا ما تزامن مع إجراءات رسمية إدارية وقانونية لتجريم الحضّ على الكراهية – كما طالب بها عديد من الكتاب والمثقفين الواعين- سيشكلان منهجاً للتعاطي السليم مع قضايا وحاجات المجتمع وصيانة وحدته.
وآمل أن تنحسر الخطابات المتمذهبة التي تشكّل عبئاً اجتماعياً وثقافياً، وتحمل مختلف أطياف المجتمع السعودي أعباء الشمولية والعنصرية، وتكرّس واقعاً منغلقاً لا يقر التنوّع ولا يقبل الانفتاح والحوار المنطقي.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"العدد 4457 - الأربعاء 19 نوفمبر 2014م الموافق 26 محرم 1436هـ
محب الوطن هذه الفتنة كلها من وراء الأحزاب الدينية والمذهبية
مساء الخير للجميع كل الويلات والتحارب والكراهية سببه انشاء الأحزاب الدينية والمذهبية وكل حزب يريد يفصل الديمقراطية على مقاسه
بعض الصحف
كل إناء بما فيه ينضح(من قاذورات)
بل اكثر من قولك
والأسوأ من كل ذلك إلقاء اللوم على ضحايا الحادثة بشكل عام وليس على العناصر الإرهابية التي قامت بها. . فانا قرات في بعض صحف الخليج عندكم بان ايران هي وراء جريمة الاحساء ههههههههههههههههه
علي جاسب . البصرة