ناقشت قمة أبوظبي للإعلام تطورات الصناعة الإعلامية ودور وسائل التواصل في التغيير السياسي الحاصل في منطقة الشرق الأوسط وذلك خلال جلستين نقاشيتين عقدتا في أول أيام الدورة الخامسة من القمة، التي تقام في فندق روزوود في العاصمة أبوظبي.
ففي جلسة حملت عنوان "الطفرة الهائلة المقبلة في مستقبل وسائل الإعلام" وأدارها رئيس تحرير صحيفة "ذا ناشونال" محمد العتيبة، ، ناقش المتحدثون الآفاق المستقبلية في صناعة الإعلام والترفيه في ظل الموجة الرقمية التي تحتاج هذه الصناعة.
وتحدث خلالها الرئيس التنفيذي لشركة "اتصالات" أحمد عبد الكريم جلفار، بالقول بأن صناعة الاتصالات تشكل جزءاً مهماً من مستقبل الإعلام٬ فهي تقدم منصة لمزودي المحتوى للوصول إلى أي مكان وفي أي وقت. كما أن بيئة الإعلام المستقبلية لا تتكون فقط من صناعتي الإعلام والاتصالات٬ بل تشمل لاعبين آخرين هم مزودو خدمات الإنترنت مثل جوجل ويوتيوب وفيسبوك وغيرهم. ووجود هؤلاء اللاعبين الثلاثة في هذه البيئة يخلق فرصاً عظيمة للتعاون بينهم على الإنتاج الإعلامي المستقبلي".
وأضاف جلفار: "تعمل شركة اتصالات في 19 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا٬ وتقدم الخدمات لأكثر من 180 مليون عميلاً". وقال: "إننا نطمح لأن نكون أول من يطلق خدمات شبكة 5G للإنترنت في المنطقة بما يقدم 1000 ضعفاً من سرعة وأداء الإنترنت على الأجهزة المحمولة٬ وذلك لنتمكن من مواكبة الزيادة الهائلة في الطلب والتغيرات المتسارعة الطارئة من الأسواق الناشئة التي تفضل الإعلام الرقمي على التقليدي".
أما رئيس شبكة ديسكفري الدولية جي بي بيريت، فتطرق في حديثه إلى قناة ديسكفري اليوم التي غدت أكبر وأكثر انتشاراً في الأسواق العالمية بالمقارنة مع سوق الولايات المتحدة٬ ونرى هذا بشكل خاص مع سوق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي اعتبره بيريت أحد أسرع الأسواق الناشئة نمواً وتغيراً وأكثرها تشويقاً.
وتوقع رئيس شبكة ديسكفري الدولية أن يستمر النمو في هذا الاتجاه٬ وقال: "لأجل ذلك نعمل على إيجاد أساليب لخلق محتوى جديد بنكهة محلية تناسب جماهير المنطقة . كما ننوي نقل مكاتبنا الرئيسية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وتوظيف فرق عمل محلية٬ بالإضافة لسعينا لتكوين شراكات إقليمية لإنتاج محتوى جديد يتناسب مع المنطقة."
من جهته أوضح مؤسس شبكة راغاف بال، 18 أن الإعلام في الهند قفز خلال السنوات الـ 15 الأخيرة قفزات عدة قلصت من الفارق بين الإعلام الرقمي والإعلام الرقمي المحمول٬ وتشكلت أسواق ناشئة جديدة ومتوازية شملت 15 لغة مختلفة منتشرة في البلاد .كما وزاد الطلب على الإعلام المخصص الذي يحمل الأسلوب العالمي بنكهة محلية كنتيجة لزيادة تعرض الجمهور المحلي للإعلام العالمي.
وأدارت مقدمة البرامج بيكي أندرسون فقرة سي أن أن: حول الربيع العربي والدور "التغييري" الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في الشرق الأوسط، وخطر داعش الذي يهدد العالم بأسره.
وأعرب رئيس تحرير موقع العربية نت فيصل عباس، ، عن إيمانه بأن شبكات التواصل الاجتماعي هي نعمة ونقمة في الوقت ذاته وتحتاج للتصرف بشكل سريع لمنع تحولها لنقمة كما يحصل في ظل الأحداث الأخيرة في المنطقة. وقال بأن الجماعات المتطرفة هي عادة أول من يحارب التقنيات الجديدة إلا أنه في الوقت نفسه هي أفضل من يوظفها ويستخدمها٬ وهنا تستدعي الحاجة وضع سياسات واضحة للتحكم بالمحتوى المسموح نشره عليها.
وبخلاف عباس، أكد الرئيس التنفيذي لشركة "مسار" العربية أيمن الصفدي، أن شبكات التواصل الاجتماعي هي مجرد منصة والذي يحدد ما إذا كانت نعمة أم نقمة هو المحتوى الذي نملؤها به٬ وفي الزمن الحالي باتت تشكل خطراً بسبب حالة الحرب مع داعش والجماعات الإرهابية الأخرى التي تتقن استخدامها. وهم لا يتقنون استخدامها فقط في عرض جرائمهم٬ بل في إيصال أفكارهم للجماهير بما قد يؤثر على بعض الفئات ويدفعها للانضمام إليهم.
واعتبر الصحفي أحمد شهاب الدين أن شبكات التواصل الاجتماعي ما هي إلا ممثل عن الإنسانية التي يتواجد فيها الخير والشر في الوقت ذاته. وأعرب عن إيمانه بأن أية محاولات للتحكم بالمحتوى المسموح على شبكات التواصل تسبب ضرراً أكثر من الفائدة٬ حيث يجب أن يترك كفضاء حر يعبر من خلاله المستخدمون وبخاصة الشباب العربي الذين يمثلون 70في المئة من الكثافة السكانية عن آمالهم وطموحاتهم بما يضغط على الحكومات للعمل نحو التغيير للأفضل.
أما مدير السياسات لشبكة فيسبوك للتواصل الاجتماعي في أوروبا ريتشارد آلان٬ فعبّر عن استحالة ضبط المحتوى في شبكات التواصل الاجتماعي كما يحصل في الإعلام التقليدي٬ وذلك لكثافة المحتوى الذي تتم مشاركته بالإضافة لأهمية حماية خصوصية المستخدمين. وقال بأن الفيسبوك لم يكن سبب قيام الثورات٬ بل كان مجرد أداة تسهيل لها٬ وأن المتطرفين لا يشكلون إلا أقلية صغيرة جداً من المستخدمين.
وفي جلسة تناولت الأعطال الرقمية ومستقبل الهاتف المتحرك، ناقش عثمان سلطان الرئيس التنفيذي لشركة "دو" وضيوف القمة عائدات قطاع الاتصالات النقالة ونموها في منطقة الشرق الأوسط في السنوات الثلاثين المقبلة، وتكلم عن ما إذا كنا مستعدين فعلاً للتحول نحو الإعلام الرقمي الحاصل بشكل متسارع للغاية والذي يشكل تحديات كبيرة. وأضاف بأنه يؤمن بأن الإعلام الرقمي سيتواجد مستقبلاً في كل مكان بما يلغي الإعلام التقليدي٬ وخاصة في ظل تنامي البنى التحتية للمدن الذكية التي تعتمد على التطبيقات الإلكترونية لأداء أعمالها.
وقال بأننا كنا نستخدم الإنترنت كمكتبة ومرجع للمعلومات٬ ثم أصبح بمثابة سوق نشتري منه احتياجاتنا. أما مؤخرا٬ فقد أصبح الإنترنت بمثابة مقهى اجتماعي نلجأ إليه للتحاور والتعبير عن أنفسنا٬ وهو التطور الأهم وسر القوة الحقيقية للإنترنت التي يجب استغلالها بالشكل الصحيح.
وقال أيضاً بأن الاتصال بالإنترنت بات اليوم حقاً مشروعاً من حقوق الإنسان وطاقة هائلة جعلت من المستخدم اللاعب الأساسي في المعادلة.
ويتواصل برنامج اليوم الأول بعدد من الجلسات النقاشية والعروض تختتم بكلمة رئيسية لمارك تومسون، المدير التنفيذي لصحيفة نيويورك تايمز.