قُبيل انعطافته إلى طريق فرعي حاملًا وجبة العشاء الساخنة لعائلة تنتظره على «أحر من الجمر»، وجد عامل توصيل الطلبات على الدراجة النارية نفسه (مسدوحاً) على الأرض يتلوى من الألم، فيما تناثرت وجبة العشاء المنتظرة على الأرض وحولها علب المشروبات الغازية.

ويمكن مشاهدة مثل هذه الحوادث في شوارع وطرقات البحرين بين الفينة والأخرى، فالكثير من المطاعم، الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، بل وحتى البقالات، أصبحت تستخدم الدراجات النارية أو الهوائية لإيصال الطلبات إلى المنازل، لكن بالطبع، يصبح خطر الدراجات النارية أكثر بكثير حينما ينطلق السائق وقد حمل الطلبات في صندوق خشبي أو من الألمنيوم خلف الدراجة، وانطلق محاولًا الوصول في أسرع وقت لصاحب الطلب، يصل سالماً في بعض الأحيان ليتلقى صرخة من الزبون بسبب تأخره والجوع لا يرحم، فيما يخرج صاحب المنزل أو أحد أطفاله لاستلام الطلب، وفي بعض الأحيان... تأتي سيارة الإسعاف لتنقل السائق إلى المستشفى للعلاج على وجه السرعة.

وهذه الحوادث تتكرر وتتكرر، حتى أن المواطن عبدالله الشيخ، صاحب مطعم، يقول إن لديه ثلاث دراجات نارية لتوصيل الطلبات، كلها تعرضت لحوادث مرورية منها واحد تسبب في إلحاق الضرر الكبير بالسائق، ولا يرى أن المشكلة تمثل ظاهرة في المجتمع البحريني، إلا أن هناك حوادث مرور تم تسجيلها ولا يمكن إنكار ذلك، كما لا يمكن - كما يقول الشيخ - أن ننكر بأن الأطراف المتسببة تشمل سواق المركبات المتهورين تارة، وسواق الدراجات النارية تارة أخرى، وفي بعض الأحيان يكون السبب هو سوء مستوى الدراجة النارية، إلا أنه يتوجب على الجميع الحذر (فهؤلاء أرواح... يكسبون لقمة عيشهم من هذه الوظيفة).

وكحال معظم أصحاب المطاعم، فإنهم يدربون السواق المرخصين من الإدارة العامة للمرور على مهارات استخدام الدراجة النارية في العمل، وإكسابهم مهارة التعامل مع ظروف الطقس ومعظمهم من ذوي الخبرة، إلا أن الحوادث المرورية ستقع. «ليون» وهو ميكانيكي دراجات هوائية في ورشة على شارع الخدمات بمنطقة توبلي، ويعتقد أن السبب لا يقتصر على السائق فقط، بل هناك سواق سيارات لا يعترفون بالدراجة النارية وهم في الغالب يتسببون في الحوادث من باب الإهمال وعدم الانتباه، ويوضح : «انظر... (ويشير إلى واجهة الورشة التي اصطفت أمامها العديد من دراجات إيصال الطلبات بأنواع مختلفة). انظر... كل هذه الدراجات تعمل في مجال توصيل الطلبات، بعضها للصيانة والبعض الآخر كما ترى هنا، للتصليح بعد حادث مروري... أنصح السواق بالكثير من الحذر.

وعن تجربته، يتحدث (جمال الدين)، وهو عامل توصيل طلبات تابع لأحد المطاعم فيقول إنه تعرض لحادث مروري وكُسرت يده اليمنى عندما كان يسير في الشارع بسرعة معقولة، وفي حارة الدخول إلى أحد الدوارات، صدمه سائق سيارة من خلفه حيث كان السائق ينطلق من الدوار بسرعة... «وجدت نفسي أتقلب على الأرض ومت من الخوف حينما شعرت بأن سيارة أخرى تتجه صوبي لدهسي... لكن ولله الحمد، نجوت من ذلك الحادث... أنا لم أكن مسرعاً... المرأة التي صدمتني اعتذرت مني وقالت إنها كانت تعبث بالواتس أب».

ولا يُعرف بالضبط عدد الدراجات النارية التي تعمل في مجال توصيل الطلبات، إلا أن العدد الكلي للدراجات النارية بمختلف أنواعها يصل إلى ما يقارب 8 آلاف دراجة نارية، منها الماركات العالمية الفخمة، ومنها الصغيرة (سكوتر) من النوع الذي أصبح منتشراً في كل مكان، وتنشط رحلات توصيل الطلبات من المطاعم عادةً في الفترات المسائية بدرجة أكبر.