«الانتفاضة كلمة مؤنثة ولهذا وضعت النساء ثوب عروس على النعش وسرن به».
كانت هذه هي خاتمة الفيلم العراقي «تحت رمال بابل»، والذي عُرِض في «ساحة الحرية» بالبصرة قبل اختتام مهرجان المربد الحادي عشر.
«ساحة الحرية» التي سُمّيت بهذا الاسم لأنها كانت مهد الشرارة الأولى لانتفاضة التسعينيات في العراق، وعلى أرضها استشهد الكثير من أبناء الأرض، ضمّت مجسماً يحمل اسم نصب الحرية الذي كان برغم جمال مواضع متنوعة منه؛ إذ يمثل قنديل البصرة ويحتوي خيولاً نُحتت بشكل بديع، ويضم جماهير ترفع لافتةً مكتوب عليها: «عش هكذا في علو أيها العلم»، إضافةً إلى وجود مجسّم لجندي يقبل يد أمه العجوز، إلا أنني أصبتُ بالحسرة وأنا أرى الاستنساخ الفج لتمثال الحرية في نيويورك خصوصاً في الجزء العلوي منه، على رغم احتلال الولايات المتحدة للعراق لفترة طويلة، ما جعل الأمر مثيراً للتهكم لدي. واكتشفتُ حين نقلته لأحد البصراويين أن هذه النقطة أيضاً كانت موضع جدالٍ كبيرٍ لدى العراقيين.
وعوداً إلى فيلم «تحت رمال بابل» الذي عرض هناك، فقد أثار لدى الحضور ألماً شديداً وحنقاً على النظام السابق وجلاوزته؛ إذ يحكي الفيلم قصصاً واقعية بلسان أبطالها كانت شاهداً على ظلم حاكم ودكتاتورية ورّثت بشاعتها للعاملين معها.
يحكي الفيلم قصصاً حول التعذيب الممنهج في سجون نظام صدام حسين بتفاصيل مهمة ورؤية إخراجية جميلة، ويروي اللاإنسانية التي كانت تتعامل بها أجهزة الأمن مع المعتقلين، في مشاهد كانت تمثل رصاصات لكل ضمير يختار الصمت على ظلم الأنظمة العربية قبل أن ينطلق الرصاص إلى رؤوس المظلومين الذين طالبوا بحريتهم، فقابلهم النظام بأبشع أنواع التعذيب والتنكيل الجسدي والنفسي قبل أن ترحمهم الرصاصات وتنهي معاناتهم مع من لا قلوب لهم.
في الفيلم كان الأمل يتناوب مع الألم، إلا أن حدّة الألم كانت طاغيةً جداً حتى في مشهد الفيلم الأخير الذي شكّل صدمةً باعتباره -في نظري- دعوةً للاستسلام للحزن، وكأن على العراقي أن يظل سجيناً لقهره وألمه حتى حين يحقق إنجازاً عظيماً. وبينما كان الأمل حاضراً لدى بطلٍ واحدٍ للفيلم كان يحاول بثه في زملائه في المعتقل بأسلوب جميل، أجاد السيناريست كتابته برشاقة، كان اليأس والحزن هو السيد والمسيطر لدى جميع الشخصيات الأخرى.
إن للفيلم قدرة كبيرة على أرشفة أحداث ومشاعر فترة لم تكن قصيرة بمدتها وبحجم لوعتها، كما كانت له قدرة أكبر بزجّ المشاهدين في أحداثه وإرغامهم على التفاعل معه ومع ما ورد به من أحداث وشخصيات ومشاعر وأحاسيس، حتى نجح نجاحاً كاملاً في توصيل رسالته.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4450 - الأربعاء 12 نوفمبر 2014م الموافق 19 محرم 1436هـ
جميل المقال
شوقتينا لمشاهدة الفيلم استاذة
بسيطة
هذه عند الاعراب لانهم جاهزون للكذب وانكار كل الحقائق عن جرائم الطاغية سيدهم صدام , الا تعلمين انهم امة متخلفة في كل شئ الا في فن الكذب حيث انهم الامة الاولى في هذا المجال و لا تسبقهم فيه امة على وجه الارض .
علي جاسب . البصرة
تحيات الحرية لهذا القلم الحر
صباح الخير والنور استاذه سوسن، لا يختلف الحال بين ما يجري في كل دولة عربية، كل سلطة هدفها تحطيم المواطن وتشويه أحلامه وجعله يعاني ولا يفكر الا في تضميد جراحه، لقد أحسنت تلخيص الواقع من خلال فلم رمال بابل. لك مني الف تحية ولقلمك الحر تحيات الحرية