أجمع المشاركون في ندوة أقيمت في مركز الجزيرة الثقافي بالمحرق تحت عنوان «مسئولية الناخب وتأثير المال العام»، مساء الأحد (9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014)، على أن «الرشوة الانتخابية» تشكل خطراً على المجتمع البحريني.
من جانبه، استعرض الشيخ محمد رمضان خلال الندوة مجموعة من الأحاديث النبوية التي تدل على حرمة انتهاج هذا الأسلوب للحد منه، مشيراً إلى خطورة انتشار هذه المشكلة في أوساط المجتمع من الناحية الشرعية.
وتطرق إلى الجوانب التي تتخذ في هذا الشأن، سواء كان من خلال اللفظ أو لغة الجسد لإيصال إيحاءات تتمثل في العرض والقبول بين الراشي والمرتشي، مشيراً إلى أن الشريعة الاسلامية عالجت مشكلة الرشوة منذ ولادتها، والقوانين الوضعية حصرت الرشوة في عقوبات.
وبين رمضان أن استخدام الرشوة في جميع صورها تعرض صاحبها إلى المساءلة القانونية، منوهاً إلى أهمية معرفة أسلوب الرشوة أو استعمالها في صورة الهدية.
وأضاف «يجب أن نعرف أن التوقيت المناسب في تقبل الهدية، إذ إنها تصدر عن محبة لشخص، خلافاً لما يبدر من بعض المترشحين للانتخابات النيابية والبلدية المقبلة، على اعتبار أن توقيت إعطاء الناخبين الرشوة في غطاء الهدية، يعتبر استغلالاً واستخفافاً بعقول الناس، ولا يوجد حصر للمبالغ النقدية المقدمة، سواء أكانت ديناراً أو أكثر».
وذكر رمضان أن «تفشي هذه المشكلة تقف وراءها أسباب، أهمها تتمثل في غياب الرقابة، إضافة إلى الأسباب الاقتصادية، وخصوصاً مع تدني المستوى المعيشي للمواطن، وتدني المستوى الثقافي لدى المجتمع، إذ إن الأغلبية تجهل مواد القانون التي تجرم هذه العملية، فضلاً عن القبول الأهلي لتلك الجريمة والسكوت عنها وعدم الاستنكار، كما أن ضعف الوازع الديني له دور في ذلك».
وطرح سبل لمكافحة مشكلة الرشوة، قائلاً: «لابد من إيجاد هيئة مستقلة في السلطة التشريعية، وضرورة أن تلعب وسائل الإعلام الدور الرقابي لكشف موارد الفساد، فضلاً عن تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين».
وتابع «يجب تطوير الأنظمة والقوانين في توسيع مجالات أخرى للاستثمار، ونشر التوعية من خلال توزيع البروشورات على الناخبين لتوضيح الجوانب الشرعية التي ترفض مثل هذه الممارسات، إضافة إلى تشديد عقوبة الرشوة».
وبين رمضان أن مشكلة الرشوة لم تكن موجودة في انتخابات العام 2002 وحتى 2006، منوهاً إلى أنها ظهرت على السطح منذ بدء الانتخابات في العام 2010، حتى بدأت تنخر في جسد المجتمع بشكل علني في انتخابات 2014.
وأفاد بأن وظيفة السلطة التنفيذية الحفاظ على المال السياسي من أيدي الفاسدين، وعدم إتاحة الفرصة للمتسلقين للوصول إلى قبة البرلمان، لسن تشريعات تخدم مصالحهم الشخصية، وتغض الطرف عن المفسدين بالمال العام، ما يسهم في الإضرار بواجهة البلد.
إلى ذلك، ذكر الكاتب محمد المرباطي أن أسباب انتشار ظاهرة الرشوة ناتجة عن أزمة في القيم والقانون، فضلاً عن الإجراءات الحكومية في مكافحة ذلك، متسائلاً «كيف يمكن معالجة هذه المشكلة، في ظل وجودة مترشحين يطرقون أبواب الناخبين لشراء أصواتهم؟».
وحذر من انتشار هذه الظاهرة بشكل أوسع، أسوة بباقي الدول العربية، ومنها سورية، قائلاً: «إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه دون محاسبة، سينتج مستقبلاً، سيقتصر أعضاء المجلس النيابي على أصحاب النفوذ والمال، وسيحرم المواطنون ذوو الدخل المحدود من الوصول إلى المجلس، وسينتج عن ذلك مؤسسة تشريعية فاسدة».
وأضاف «يجب عدم تكرار الوجوه السابقة للمشاركة في الانتخابات، والسماح للدماء الجديدة بالخوض للمشاركة في صناعة القرار ضمن مؤسسة تشريعية ناجحة».
وشدد المرباطي على ضرورة تعديل القوانين لتجريم ظاهرة الرشوة، وتشديد العقوبة ضد من يتورط فيها، وأن تطال يد العدالة أعضاء البرلمان، من دون تمييز بين المواطنين، وخصوصاً أن العقوبة لا ترقى إلى الردع.
وذكر أن «الخلل في النظام الانتخابي، إذ إن العملية الانتخابية في السبعينات، لم تسدْها هذه الظاهرة ولم تكن موجودة من الأساس، فضلاً عن التوجيه الديني، والطائفية، والعنصرية».
وحمل المرباطي المسئولية على المؤسسات الثقافية والجمعيات السياسية، ورجال الدين، وغياب دورها في مواجهة ذلك، قائلاً: «من المفترض أن يكون للجمعيات المعارضة دور رئيسي في توعية المجتمع، إذ لاحظت خلال زيارتي للمجالس الأهلية الدفاع عن ظاهرة الرشوة بكل ثقة».
واستغرب انتشار ثقافة الرشوة بين أوساط المجتمع البحريني، واعتبر أنها «ستنمو إذا لم يتم التصدي إليها، وخصوصاً أنها تؤثر على بنية المجتمع، واستغلال المواطنين البسطاء وذوي الدخل المحدود، وستولد مستقبلاً مؤسسة تشريعية لا يمكن إصلاحها، وسيكون هؤلاء المفسدون الذين يصلون إلى المجلس النيابي صناع القرار في الدولة». من جانبه، حمّل أحد الحضور السلطة مسئولية مشكلة الرشوة ، متسائلاً عن انتشار هذه الظاهرة، في ظل الصمت الرسمي، مطالباً الدولة بالسعي للتصدي لها وتجريمها، قائلاً: «كل المؤشرات تدل على أن انتهاج أسلوب الرشوة مشروع من قبل الجهات الرسمية، فضلاً عن أن المجلس النيابي أصبح خالياً من الصلاحيات التشريعية».
وتحدث آخر عن تأثير الرشوة على صوت الناخبين، واستنكر أساليب توجيه الناخبين لمترشحين معينين، سواء من قبل الجهات الرسمية أو الشعبية.
وشدد على ضرورة إيجاد حلول جذرية لمعالجة الكثير من الظواهر، مشيراً إلى أن هناك مشاكل اجتماعية تتمثل في عدم فهم الناخب الدور الذي يلعبه المجلس النيابي.
العدد 4448 - الإثنين 10 نوفمبر 2014م الموافق 17 محرم 1436هـ