نص البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون ومصر والعراق والأردن ولبنان والولايات المتحدة الذي انعقد في جدة يوم 11 سبتمبر/ أيلول الماضي، على جملة من التوافقات المبدئية، منها: دعم الحكومة العراقية في سعيها لتوحيد شعبها لمواجهة تنظيم «داعش»، ومنع تدفق المقاتلين من دول الجوار إلى العراق وسورية للالتحاق بـ «داعش»، ووقف تدفق الأموال إليه أيضاً، ورفض ايديولوجيات الكراهية التي تتبناها الجماعات الإرهابية، ومحاسبة المسئولين عن ارتكاب الفظائع، ووضع نهاية لتهربهم من القانون، والمساهمة في جهود الإغاثة الإنسانية، والمشاركة في العمل العسكري ضد «داعش» .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى أي مدى تم تنفيذ قرارات بيان جدة المذكور من قبل دول مجلس التعاون تحديداً بعد مرور نحو شهرين من صدور البيان؟ لعلنا لا نكشف سراً بأن التدابير المتخذة من قبل دول مجلس التعاون ليست حتى الآن على وتيرة واحدة، بل لربما تكاد تكون شبه معدومة لدى بعض هذه الدول. وبصرف النظر عن أسباب ولادة «داعش» واستفحال خطرها الإرهابي المرعب، إلا أنه يمكن القول أن السعودية تبدو هي الأكثر حماساً وجديةً في مواجهة الخطر الداعشي الراهن.
ويمكننا للتدليل على ذلك في هذه العجالة أن نرصد جهود مجلس التعاون في ثلاثة مجالات رئيسية، وهي الأول: المجال الإعلامي، والثاني: المجال الأمني والاستخباراتي والعسكري، والمجال الثالث: المجال المالي. فعلى الصعيد الإعلامي فتحت السعودية وجندت كل وسائلها الإعلامية للهجوم بقوة على هذا التنظيم الإرهابي وتعرية بنائه الفقهي والفكري والسياسي، وأتاحت المجال لأفضل كتّابها ومفكريها وفقهائها، علاوةً على الكتّاب والفقهاء والمفكرين العرب، للقيام بهذه المهمة، ووسّعت إلى حدٍّ ما من هامش الحرية الصحافية للنقد الذاتي الجرئ في تناول الظروف والمسببات التي ساهمت في بروز الوباء الداعشي. كما بذلت الرياض كل الجهود والتدابير الممكنة لشل قدرات تنظيم «داعش» ومحاصرته من القدرة على توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لصالحه بغية إيقاعه المزيد من الشباب السعودي الغر في حبائله.
أما على الصعيد الأمني والاستخباراتي والعسكري، فإن الرياض بذلت ومازالت تبذل أقصى جهودها الأمنية لرصد أنشطة «داعش» داخلياً وخارجياً، واستنفار كل مؤسساتها وأجهزتها الأمنية والعسكرية لمكافحة هذا الوباء، بما في ذلك القبض على كل من له علاقة بهذا القدر أو ذاك بـ «داعش».
وعسكرياً ساهمت الرياض في الضربات العسكرية الجوية ضد «داعش» بالتنسيق مع واشنطن. أما على الصعيد المالي فإن السعودية تبذل قصارى جهدها ومحاولاتها الحثيثة لرصد وإغلاق أي اختراق مالي أو ائتماني أو تجاري أو تبرعي يصب بصورة أو بأخرى في دعم «داعش» مالياً.
ربّ قائل يقول إن حزم السعودية وتفوقها على شقيقاتها دول مجلس التعاون في التدابير المتخذة ضد «داعش» يبرره بأنها الأكثر معنيةً بالخطر، ليس بالنظر إلى اقتراب «داعش» إلى حدٍّ ما من الحدود السعودية في العراق وتهديدها إياها باجتياحها لتبسط سيطرتها عليها وضمها لدولتها، بل ولأن أعداداً من تنظيم «داعش» وقتلاها سواء المنتحرين منهم في أوساط المدنيين الأبرياء من المذاهب والديانات الأخرى أو في المعارك العسكرية التي تخوضها مما تكشف عنهم الصحافة السعودية بين الفينة والأخرى، وكل ذلك بلا شك صحيح... لكن تتوهم بقية دول مجلس التعاون أشد التوهم إذا ما اعتقدت بأن الخطر الداعشي بمنآى عن تهديد أمنها ووجودها بل ومصيرها، سواءً الدول الخليجية التي لم تتخذ حتى الآن سوى تدابير محدودة أو متوسطة الحزم والشدة على الأصعدة الثلاثة الآنفة الذكر، أم تلك التي مازالت عملياً خجولة مترددة في الإقدام على اتخاذ الإجراءات المنتظرة منها اتخاذها بحزم وسرعة دون إبطاء أو تردد بل تكاد مازالت تحابي الداعشيين. ذلك بأنها تُخطئ أشد الخطأ بأن الخطر الأمني الذي يمثله الحراك المطلبي للإصلاح في بلدها هو الخطر الأول على أمنها و يفوق الخطر الداعشي.
فلو قُدّر –لا سمح الله- وتمدّدت «داعش» إلى السعودية، كبرى دول مجلس التعاون، فستكون بقية دول المجلس معرضة في الحال لكي تكون لقمةً سائغةً جاهزةً بين فكي الوحش الداعشي، وحينها يصدق عليها المثل العربي الشهير: إنما اُكلت يوم اُكل الثور الأبيض.
إقرأ أيضا لـ "رضي السماك"العدد 4447 - الأحد 09 نوفمبر 2014م الموافق 16 محرم 1436هـ
دول الخليج لا تحارب الدواعش
و لا تريد ان تمنع او توقف المساعدات التي تذهب الى تلك العصابات ربما هناك دولة او اثنتان تحاولان محاربة داعش واخواتها ولكن حتى هاتان الدولتان ليستا جادتين بنسبة 100% بعض الارهابيين من ..........تطلق سراح الارهابيين فيذهبون الى العراق و سورية بعد فترة وبعض مجرمي غوانتنامو ياتون الى الكويت مثلا فيقضون فترة النقاهة ومن ثم الى العراق مباشرة .ثم لا تنسوا ان الفكر الداعشي هو نتاج الفكر الوهابي وهم ليسوا خوارج كما يدعي الاعلام العربي الكذوب .
علي جاسب . البصرةalijasebjaseb@yahoo.com