العدد 4445 - الجمعة 07 نوفمبر 2014م الموافق 14 محرم 1436هـ

الشباب السعودي يشارك بثلاثة عروض مسرحية في مهرجان الصواري 2014

مسرحية ثقب أوزوني
مسرحية ثقب أوزوني

خلال مهرجان الصواري المسرحي الشبابي 2014 في نسخته العاشرة وعبر 11 عرضاً مسرحياً كان نصيب الشباب السعودي ثلاثة عروض، هي «ثقب أوزوني»، و «شهقة فرح»، و «أين ستهربون». في هذه العروض الثلاثة اجتهد ثلاثة مخرجين هم ماهر الغانم، ومحمد الحلال، ومحمد الجراح، بالإضافة للكاتب المسرحي عبدالباقي بخيت ومجموعة من الشباب السعودي لتقديم فرجة فنية أمتعوا فيها المتلقي البحريني في هذا المهرجان برؤاهم التي ظلت تراوح الخشبة في البحث عن الحرية وسط هذا الركام وتحلم بالدانة المستلبة ووصال الحبيبة، فاتحة كوة من الضوء عبر تمسرحها لتقول إن هناك دفقات من الأمل القادم.

وبعد قراءة سابقة للمهرجان من خلال العروض الأربعة الأولى في «فضاءات الوسط»، ها نحن نخصص هذه القراءة للعروض الثلاثة التي قدمها الشباب السعودي عبر جمعية الدمام الثقافية، وأستديو الممثل، والعرض المشترك الأردني السعودي، وذلك تشجيعاً لمثل هذه المشاركات الثقافية بتتبع ما في العروض من إمكانات دالة وكشفاً لما وراءها إ حالات ثقافية وتآويل جمالية تصنع المعنى عبر تدوله من الواقع إلى النص إلى عملية التمثيل والإخراج ثم العودة به إلى الواقع من جديد، من الكاتب إلى الممثل إلى المخرج إلى المتلقي.

في «ثقب أوزوني» تأليف عبدالباقي بخيت وإخراج ماهر الغانم وتقديم شباب جمعية الدمام الثقافية والتي قدمت 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، كنا أمام مجموعة من الممثلين الذين عكسوا لنا كيف يصبح السجان سجيناً آخر، وكيف يعيش الاثنان في سجن واحد، لا يتم التخلص منه إلا بتحرر الذات من الأسر، وقبولها بالآخر، ورأينا كيف يتلوى الاثنان السجين والسجان في فضاء المكان ويتشاركان الفرح والحزن، وذلك من خلال تبادل الأدوار ووظائفها على مستوى الحركة والأداء. أما على مستوى الأشياء ووظيفتها على الخشبة فربما كان المخرج مسرفاً في فرش المكان بأثاث الضحية حد الامتلاء والتكرار، فقد رأينا بحبوحة في تسييج الخشبة من الأمام بالشفاف كمن يعيش داخل شرنقة وهمية شفافة لا يستطيع الخروج منها إلا بقراره الذاتي. كذلك تكررت التقنية نفسها بالوظيفة نفسها حينما سُيجت خلفية المسرح كله من أوله إلى آخره بسياج شبكي علقت فيه مجموعة من الجثث وكأنها بقايا الضحايا وقد تناثرت هنا وهناك وسط ركام زمني هو حصيلة العذابات التي بتنا خلال المسرحية نشاهدها في وجوه الممثلين وحواراتهم سجانين ومسجونين وربما هذا ما عزز نفس الدلالة ولكن بأكثر من أداة على مستوى الحوار والأداء والحركة والأشياء على الخشبة.

ومن الظريف ما شهدنا من حسن تخلص في نهاية المسرحية في عدم تسليم السجين نفسه للهواجس وللأوهام أو الانتحار وكما قال أحدهم «هل سنموت في هذا الحصار بين الجدار والنار، أكل الدروب تؤدي إلى المقابر» ليكون جواب كل تلك الأسئلة والحوارات والتفكير المتواصل تحطيم السجن والخروج منه بل تحويل الشرنقة الشفافة إلى خيط من الضوء وتقييد السجانين به وكأن السجين ينتقم من سجانيه بالتنوير وينقلهم من الظلمة إلى فضاء النور، وكذلك كسر حاجز الوهم بالنزول إلى الجمهور والصعود إلى أعلى سلم المشاهدين وكأن السجين عاد مرة أخرى لموقعه بين صفوف الناس، ليأخذ وضعه الطبيعي في وطنه، كما يقول «كأني وطن ينتفض من أسلحة دمار شامل» وليقول المخرج بهذا الفعل الفعل المسرحي وكر حاجز الوهم أن هذه الحكاية هي حكايتكم أنتم أيها المشاهدون وأنه كما تحرر من شرنقته وحرر سجانه أيضاً، قادم لصنع الحرية الأخرى والتي يرى أن الجميع جديرون بها.

هل من «شهقة فرح»

في «شهقة فرح» تأليف عبدالباقي بخيت، وإخراج محمد الحلال، وتقديم مجموعة من شباب أستديو الممثل بالدمام والتي قدمت في 24 أكتوبر/ تشرين الأول، فكنا فيها أمام عرض وفرجة مسرحية تستعير حكاية الغواص وهمومه للكلام عن مأساة الإنسان وضياع جهوده في الوطن حيث يتم استيلاء المتنفذين على ثمرة تعبه وهي الدانة معر الحبيبة مريم والتي يحرم من منها هي أيضاً كما حرم من الدانة، وهذه حكاية تتكرر على المستوى الشعبي دائماً في المجتمعات البحرية حيث تتعبأ بصرخة احتجاج على مأساة الإنسان البسيط التي يصنعها المتنفذون، ودرامياً شاهدنا كيف يتعاون عليه على هذا الغواص كل من النوخذة ووالد الفتاة، ويتخذان وضعاً واحداً في أعلى المسرح إذ يمعن العلو مكانياً على دلالة التحكم في مصير الآخر، مع وظيفة واحدة للاثنين النوخذة ووالد الفتاة في إماتة الأمل وبعث الألم وصنع خيبة دائمة لهذا البطل، وبهذا نكون أمام دراما يجليها الصراع بين قوة صانعة للأمل تمثلها الدانة والحبيبة، وقوة جاذبة للألم يمثلها كل من النوخذة ووالد الفتاة، وهذا التضاد بين الدفع والجذب هو ما ولد الصراع في الذات، مع رفقة قرينٍ ظريف هو صديق الممثل وظله في القارب الذي ربما يعكس الانجذاب للماضي عبر كلامه الدائم الكثير عن أمه، في قبال كلام الممثل عن الدانة والحبيبة الذي يمثل المستقبل.

ليس من هرب

في عرض «أين ستهربون» إخراج محمد الجراح، عمل مشترك بين الأردن والسعودية، كنا أمام مشاهد بطيئة حشد فيه المخرج الجراح مجموعة من الأدوات الفنية لينقلنا إلى أجواء من القسوة التي صنعتها آلة الحرب في غزة مؤخراً، بمشاهد مأخوذة من مأساة فلسطين على امتدادها الزمني، ففي هذا العرض تضاد يصنع المأساة فثمة براءة ممعنة في قبال قسوة ممعنة، أبيض مشرق في قبال أحمر محرق، ومنذ البداية يصرّ المخرج الجراح على أن ينقل مشاهديه إلى منصة العرض إلى مكان الحدث ليعاينوه مباشرة ومن غير وسيط، وتكون فسحة العرض أشبه بخشبة عرض الأزياء والجمهور يمتدون على سماطيها إمعاناً في الفرجة، ثم قبل بدء العرض وإمعاناً في البراءة أيضاً تتلقاك على كل كرسي لعبة من لعب الأطفال لتحملها بين يديك وتجلس مكانها، بعدها يواصل المخرج في تعميق مشهد البراءة بطفلتين تلعبان وتختبئان عن بعضهما بين الجمهور ثم تواصلان لهوهما ولعبهما إلى أن نسمع فجأة صوت الانفجارات والطلقات وتتهاوى المباني أمامنا على الشاشة فتهرب الطفلتان، ثم يدخل في إثرهما مجموعة من الممثلين وهم يحملون جثث الأطفال التي مزقها القصف وكل ذلك يجري في صمت ممعن والممثلون يرتدون خرقاً بيضاء ممزقة مدمية ويمشون كملائكة باكية بنظرات تقطع القلوب ليضعوا جثث الأطفال في وسط مجسم للكرة الأرضية حتى امتلأت وسدت الممر الذي اصطف الجمهور على جانبيه يشاهد المأساة وكأن حاله يقول أين ستهربون من محاسبة الإنسانية المقتولة في فلسطين.

العدد 4445 - الجمعة 07 نوفمبر 2014م الموافق 14 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً