هكذا يُراد لك أن تكون؛ كي تكون مرْضِيَّاً عنك؛ وكي تكون إنساناً/ مواطناً نموذجياً. فقط: أجِّلْ حسَّك وعاطفتكْ، ومن الأفضل لك وللعالمين وحتى الأشياء من حولك: اذْبحْهما.
إذا تم التعامل معك كبهيمة، أجِّلْ وعْيَك واحتجاجك وقدرتك على المحاججة.
إذا تمَّ استهداف من حولك وقبل أن يأتي عليك الدور: أجِّلْ قدرتك على الاستقراء بأن الدور سيصلك، وتعاطَ مع كل ذلك باعتباره تخلّصاً من فائض بشري لصالح البيئة والمناخ والموارد المائية، وأحسنْ نيتك، فإن حسن النية مفتاح الخير، وإن لم يفتحْ لك باباً، وزجَّ بك في إقامة لا يعلم حدودها ومكانها وحرّاسها إلا الله.
إذا رأيت السرقات من حولك، فأجِّلْ رصْدك وتوثيقك واعتبرها عادة أو اعتيادَ أحدهم الصلاة على النبي والتسبيح والتهليل، ولكن في اتجاه عكسي، وأحسِنْ النية أيضاً ما استطعت إلى ذلك سبيلاً؛ وإن لم تستطع، تكن في مأمن وخير ستُحدّد طبيعته إذا كنت في سلامة من أمرك!
إذا تمَّ شتمك، وبرعاية أكثر من طرف، ومن «الباطن» على المنابر، وخطب الجمعة، وتم إخراجك من الملّة، وتم إلحاقك بالقردة والخنازير وأبناء الحرام، فأجِّلْ ردود أفعالك وموقفك، فعليك بـ: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وإذا استطعت الصلاة في المسجد نفسه جماعة، فذلك أدعى للخير و»المواطنة الصالحة»!
وسَلِ الله أن يكون المطر هذا العام مطر خير ورحمة، واحرص في نومك على الجانب الأيمن، ولا تنسَ الاقتصاد في الماء والكهرباء، وسيكون من المحبّب ترك الأبواب مفتوحة قبل أن تأوي إلى النوم، لمنح «اللصوص الجدد» فرصة «تشليحك» من كل ما تملك، تعزيزاً للقول: «على نياتكم ترزقون»! كل ذلك في يوم جمعة تتلقى فيه جرعةً من الشتائم بعد ذكر الله والثناء عليه والصلاة على نبيه ومن على منبره، لتختم خطبته/ خطبُهم بـ: أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، بعد أن استنفذ/ استنفذوا كل مفردات الشتائم في القاموس!
أجّلْ نيتك «السيئة»، وحضِّر نفسك، ووجبات خفيفة مع بعض العصائر لزوّار فجر لن يطرقوا عليك الباب كي لا يقلقوا نومك. سيقتلعون الأبواب كي تترك عنك العادة السيئة اليومية (النوم)، فيما سواك يسهر على تخريب نوم الآخرين والحرص على يقظتهم الدائمة! فاتعظ وَعِ بارك الله فيك!
لا تُبْدِ استياء وإن اعتدت حضور الجنازات التي لا تنقطع، وإن انقصم ظهرك انتظاراً في طابور طويل لزيارة أسبوعية هناك، لبشر من أهلك ورحمك، أودعوا أمانة؛ حرصاً على خطط «التنمية البشرية» وتضامناً وامتثالاً لمتطلبات الدول العريقة في ديمقراطيتها؛ ولكن ضمن نسخة وطنية خالصة، وإن اختلطت بالرطانة والتنوع الإثني المستورد، فلا يكن صدرك ضيّقاً حرجاً، وأجِّل حسَّك ريثما تستقر الأوضاع في مالي، واقتحام جماعة «بوكو حرام» للبيت الأبيض، ووصول «داعش» لحدود ستالينغراد في روسيا!
ولتكن مخيّلتك واسعة سعَة الرزق والفرص التي من حولك، وإزعاج السلطات لك بحثاً عنك في كل وادٍ وفجٍّ عميق؛ كي تقوم بدورك الوطني، والتزامك الخدمة في مرافقها التي تحب، وإن احترت في خياراتك ستتاح لك فرصة الدخول في قرعة تحدّد لك المرفق الأكثر حساسية للأمن والاقتصاد والاجتماع وهندسة الطرق وحتى مكافحة الأوبئة من إيبولا وجنون البقر والحمَّى القلاعية وصولاً إلى الحمَّى الطائفية!
ثم ما هذا التشاؤم الذي ينتابك بين الحين والآخر، وأنت ترى خلق الله يتوافدون على جنَّته في أرضه، بحثاً عن الرزق، ولو كان على حسابك، وعن الخدمات ولو على حساب عِوزك، وعن الصحة ولو على حساب أمراضك المزمنة وشيخوختك، وهزال أطفالك، وعن التعليم ولو اضطررت إلى العودة إلى عصر ما قبل الكتاتيب، وعن فرص الحياة عموماً، ولو كنت مشغولاً بقراءة الفاتحة كل خميس أمام أكثر من قبر، فكل ذلك بتقدير الله، وإرادة الله ومشيئته، وعليك بالقناعة ولو كانت «كنزاً يفنى» في زمن «الهبْرات» وشرْعنة النهب!
كل ذلك من أجل سلامتك، كي لا تتعرض لارتفاع في ضغط الدم والسكّري والتهاب المفاصل و»الخولنج» والمياه البيضاء والزرقاء وعسْر الهضم والإمساك، لأن تأجيل حسِّك وعاطفتك وذبحهما سيجنّبانك كل تلك الأمراض، اختصاراً للوقت الذي تحتاجه بلادك في التنمية البشرية وغير البشرية، لتموت في نهاية المطاف من فرط الكمَد ووفرة القهر، لنقرأ عليك الفاتحة كل يوم خميس قبل أن نأخذ دورنا في ذلك الطابور!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 4443 - الأربعاء 05 نوفمبر 2014م الموافق 12 محرم 1436هـ
لا تعليق
اشوف الموالين ما علقوا على هذا المقال!! شكله صعب الفهم عليهم
وفي بيوتنا ايضا
أنا ألجأ رغما عني لهذا التأجيل بل والقتل لحسي وعاطفتي وعقلي بشكل يومي داخل منزلي حتى يسير مركب حياة زوجي بهدوء دون منغصات و دون أن أجني أنا أية فائدة. فلنبدأ بالتغيير بأنفسنا ومن د داخل بيوتنا
المتمردة نعم
هكذا يراد منا يا استاذ الانسلاخ من عقولنا واهداءها لكل مشرعن .واذا ما تبعت هؤلاء فاما انك خارج الملة او لا تملك الا هوى نفسك حتى وان كنت مقتنع كل القناعة بانك على صواب.حتى اصبح البعض بالفعل كالبهيمة .لا املك الا كل الانحناء لصاحب المقال اصبت كبد الحقيقة يا ليت قومي يعلمون وياليت قومي يقرأون اصلا هالمقالات
الي اختشوا ماتوا
تنفخ في برمة مقضوضة سيد