أوائل السبعينيات كانت مرحلة الاستقلال وبناء الدولة الحديثة، التي بدأت بسن دستور 1973 العقدي الذي توافق عليه الشعب والسلطة، من خلال المجلس التأسيسي الذي كان عدد العضوية فيه 22 عضواً منتخباً مقابل 8 أعضاء معينين من قبل الحاكم، إضافة إلى 12 وزيراً بحكم مناصبهم، بنتيجة الغالبية الشعبية بـ 22 عضواً ممثلاً للشعب (52.4 في المئة)، مقابل 20 عضواً ممثلاً للعائلة الحاكمة (47.6 في المئة)، ثم تلا إصدار الدستور، تأسيس المجلس الوطني الذي عقد أول اجتماعاته في 16 ديسمبر/ كانون الأول 1973، والذي تمثل فيه الشعب بـ 30 عضواً منتخباً مقابل 12 وزيراً فقط، فكانت الغالبية الشعبية في المجلس الوطني 71.4 في المئة مقابل التمثيل الحكومي 28.6 في المئة، (دستور 1973 حدد عدد الوزراء بحد أقصى 14 وزيراً، وأوجب زيادة عدد أعضاء المجلس الوطني المنتخبين إلى أربعين عضواً مع بداية الفصل التشريعي الثاني)، بما يعني التطور الطبيعي للعملية الديمقراطية في تعاظم الدور الشعبي في الرقابة والتشريع.
إلا أنه سرعان ما تم تجميد الدستور، وحل المجلس الوطني عبر المرسوم رقم 4 لسنة 1975 الصادر في 26 أغسطس 1975، وإيكال مهام التشريع للأمير والحكومة، كردة فعل حكومية مكابرة ومتسرعة، عند أول اختلاف وتعارض بين المجلس والحكومة، ذاك الذي كان نتيجة لرفض المجلس الوطني للأحكام الاستثنائية التي فرضها المرسوم بشأن تدابير أمن الدولة لسنة 1974، والمرسوم الخاص بمحكمة أمن الدولة لنفس السنة.
ثم قامت السلطات الرسمية خلال الفترة من أغسطس/ آب 1975 إلى فبراير/ شباط 2001 (27 عاماً)، بتهميش الشعب في الكثير من حقوقه ودوره في المشاركة في إدارة الدولة من خلال السلطة الرقابية والتشريعية التي رسمها دستور 1973.
ثم في 14 و15 فبراير 2001، توافق الشعب مجدداً مع السلطة على ميثاق العمل الوطني، للخروج من أزمة قانون تدابير ومحكمة أمن الدولة سيئا الصيت، حيث دخلت البحرين مرحلة تبدت أنها جديدة، بما بدى أنه انفراج دستوري وسياسي وحقوقي، ما بين عام 2000 وبداية عام 2002، ولكن بدأت الحقائق تتضح بمضي السنين، إلى امتداد عقد من الزمان، من عمر مشروع ميثاق العمل الوطني، بما غيّب من جديد البناء الفاعل، للدولة ونظام الحكم الدستوري الديمقراطي ومؤسساته، في ثاني توافق على الميثاق من بعد توافق تجربة دستور 1973.
وقد كان واضحاً لكل حصيف، أن هناك ممارسات رسمية، طوال هذه الحقبة، تمثلت في أربع قضايا محورية، تناقضت مع مبادئ ميثاق العمل الوطني والدستورين، القضية الأولى، الإسقاط العملي للمبدأ الديمقراطي، المنصوص عليه في الدستور القائم حينها (دستور 1973)، عبر إصدار دستور 2002، كدستور يلغي، ليس مبادئ وآلية الدستور القائم وقتها، لإجراء التعديلات عليه، بل يلغي ذاك الدستور برمته.
والقضية الثانية، وبالضد لمبادئ الميثاق وللمبادئ الدستورية، لدستور 1973 وكذلك لدستور 2002، وهي هدم الهوية الوطنية وهدم البناء المواطني التاريخي للمواطنة في البحرين، عبر مخطط التجنيس السياسي، وإجراءاته الرسمية المنهجية غير القانونية، وبما أشيع له أنه من أجل خلق التوازن بين تعداد الطائفتين، بل كان في أصله ودوافعه، من أجل إضعاف الغالبية الشعبية المواطنية التاريخية، قبالة الجموع التي تم تجنيسها خارج القانون، أو خارج الاهتمام بالحفاظ على الهوية الوطنية والمواطنية، عبر بث وتعزيز روح الفرقة الطائفية، بين طائفتي المجتمع الأساسيتين، السنية والشيعية، هذه العملية لم تكن لصالح الطائفة السنية كما اعتقدت وما زالت تعتقد، القيادات الدينية والسياسية للطائفة السنية، كما أن عملية التجنيس تلك، ليست بالتحديد ضد الطائفة الشيعية، كما اعتقدت كذلك قياداتها الدينية والسياسية، بما رسمت لمواجهتها من مواقف وإجراءات، اعتمدت في أساسها على الموارد البشرية والفكرية والإجرائية الخاصة بالطائفة، ولم تتكامل بالفاعلين السياسيين والفكريين من الطائفة الأخرى، وإن تواصلت فبطريقة خجولة لم تربُ على ما لا بد منه، وإنما كانت عملية التجنيس، لغرض القضية الثالثة التالية.
والقضية الثالثة المتممة للثانية، لضمان إحكام السيطرة على المكون الشعبي بطائفتيه، فقد عمدت الدولة إلى توجيه وإدارة انتساب المجنسين بالإغراق، لأجهزة الدولة المختصة بمواجهة الجموع الشعبية في حالات التجمعات والتظاهر، وبالتعارض مع نص المادة 30 البند (ب) من الدستور، «الدولة هي وحدها التي تنشئ قوة الدفاع والحرس الوطني والأمن العام، ولا يولّى غير المواطنين هذه المهام إلا في حالة الضرورة القصوى ...».
والقضية الرابعة هي سياسة التمييز المجحف الفاقع، فيما بين المواطنين بفئتيهما من جهة، وبينهم مجتمعين وبين منتسبي جميع أجهزتها من الجهة الثانية، المتمثل في قلب الموازين بمنع الحق، وتغليظ الواجب وتعقيده، وإيقاع المظالم على فئة مقابل إفلات الأخرى من العقاب.
فهل من بعد ذلك من ثقة في المستقبل؟
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4442 - الثلثاء 04 نوفمبر 2014م الموافق 11 محرم 1436هـ
لن يبقى الحال كما هو
وعجلة الزمن تدووور وبعد الضيق الفرج
يتلاعبون بالوطن ومستقبله
لأنهم يملكون القوّة والدعم الخليجي يسخّرونه لتدمير البلد ولا يستطيع احد الكلام ومن يتكلم فالسجن بيته والقضاء جاهز للحكم عليه بعشرات السنين
المستقبل قادم
بس سبب آ يمان وصبر فالامورلن تدوم
قناص
في عام 1973 تم تحديد عدد الوزراء بحد اقصى 14 وزيرا والان أصبحت البحرين وهي اصغر دولة في العالم ولكن بها 80 وزيرا وتعتبر الدولة الوحيدة في العالم بها عدد وزراء بهذا العدد والعدد قابل للزيادة .
الجواب واضح...لا يوجد مستقبل لنا و لأبنائنا
فالمواطن سوف يكون غريبا في موطنه...فهذا المخطط بدأ يكتمل بعد عمل دؤوب منذ سنوات عدة كشف بعضها تقرير المثير للجدل،و ما ترونه من برلمان و انتخاب ليس الا فرقعة دخان يعقبها رماد و سواد.