أرسل الملحق الإعلامي بهيئة شئون الإعلام البحرينية في واشنطن سلمان الجلاهمة، يوم الاثنين (3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014) رداً إلى موقع «vice» الإخباري، بخصوص تغطيته الإخبارية بشأن مملكة البحرين، وفيما يلي نص الرد:

أكتب لكم بشأن المقال الأخير للكاتب أليكس تشيسي بعنوان «ناشط حقوقي بحريني يواجه حكماً بالسجن من أجل تغريدة»، إضافة للفيلم الوثائقي قيد الإنتاج بعنوان «البحرين: الانتفاضة المزعجة» من إعداد بين أندرسون.

إن الرواية التي يعرضها هذا العمل مشوهة للغاية ولا تمثل الواقع القائم، إذ إن الكاتب لم يبذل أي جهد للتواصل مع الحكومة البحرينية، أو أية شخصية أخرى من غير المعارضين أو النشطاء. إن هذا التبسيط المفرط لثنائية «رأس الدولة والشعب» التي يعرضها التقرير تتجاهل آلاف الأفراد ممن لا يندرجون تحت تلك العناوين الجامدة وبالتالي تم حذفها من التقرير.

إن السيد رجب ليس زعيماً لأية حركة، بل هو صوت من بين أصوات الطيف الواسع داخل البحرين. إنه لا يمثل الشعب البحريني، ولا حتى جبهة المعارضة بأكملها. الوضع الحالي في البحرين معقد للغاية، وقد شهد المناخ السياسي واللاعبون السياسيون تطوراً كبيراً منذ العام 2011.

إن الفرضية التي يطرحها مقال السيد تشيسي تنص على أن اعتقال السيد رجب هو بسبب ممارسته للنقد. إن احتجازه لم يكن بسبب خلافه مع الحكومة، بل كان بتهمة القذف والإضرار ببعض المؤسسات. جاء هذا التوقيف بعد تقدم هذه المؤسسات بشكوى، تم على إثرها تحويل قضيته للنيابة العامة لإجراء مزيد من التحقيقات.

إن هذا النوع من التشريعات التي تطبق لحماية الأفراد والمؤسسات، شائع على المستوى الدولي، ويؤيده بشكل أكبر إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي ينص على أن ممارسة حريتك في التعبير يستتبع مجموعة من الواجبات والمسئوليات، بحيث لا تشكل حريتك تعدياً على حريات الآخرين (المادة 29). كثير من المواطنين مستمرون في ممارسة حقهم في التعبير عن أنفسهم بحرية وبشكل سلمي في مختلف القنوات التي توفرها الحكومة، سواء في البرلمان، والصحافة أو حتى من خلال المسيرات الأسبوعية المرخصة.

ومع ذلك فقد أعربت هذه المؤسسات المعنية عن استيائها من السيد رجب حين ربط بينها وبين منظمات إرهابية بشكل غير مبرر، وخصوصاً في هذا الوقت الحساس محلياً وإقليمياً. إن هذه الأفعال تعرض مؤسسات الحكومة للخطر، وبالتالي مملكة البحرين، في الوقت الذي تتحرك فيه جميع البلدان لضمان استقرار وسلامة مواطنيها من التطرف والكراهية. رغم كل ذلك، تم الإفراج عن السيد رجب دون كفالة في انتظار محاكمته في يناير/ كانون الثاني من العام المقبل.

لقد قطعت البحرين شوطاً طويلاً في السنوات القليلة الماضية في التغلب على العديد من التحديات لتحقيق الديمقراطية الناشئة مدركين أن إصلاح النسيج السياسي هو ضمانة للتطور الدائم. إن عملية الإصلاح والمصالحة التي قمنا بها منذ نشر تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق كانت محل إشادة لدى حكومات أجنبية، ومنظمات غير حكومية ومن رئيس لجنة تقصي الحقائق نفسه في مقابلته الأخيرة مع صحيفة «المونيتور».

لقد حققت البلاد أخيراً انفراجاً في الحوار الوطني الشهر الماضي حين توصلت إلى نقاط مشتركة بين الأطراف السياسية. جاء هذا الانفراج في وقت مثالي لانتخاباتنا البرلمانية التي ستجري في وقت لاحق من هذا الشهر. لقد حظيت هذه العملية بدعم هائل من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والذين أدانوا في الوقت نفسه مقاطعة المعارضة.

إن الرؤية الأحادية التي تتبناها الجمعيات السياسية والسيد رجب بعيدة كل البعد عن القيم الديمقراطية التي يتحدثون عنها. إن مستقبل البلاد يجب أن يعكس إرادة الشعب، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال تحقيق التغيير بالتوافق، لا أن تقوم مجموعة من الأفراد بفرض رؤيتهم بالقوة وتجاهل أي أفكار لا تتوافق مع قناعاتهم. لذا فإن التعديل الدستور التاريخي الذي أعلن الشهر الماضي يعزز من دور الغرفة المنتخبة ويمكن المواطنين من تحديد مصير بلادهم.

شخصياً، لطالما كنت أتابع أعمالكم بشغف، وجهودكم المضنية التي تبذلونها في سبيل إبراز العديد من القضايا التي لا تحظى باهتمام وسائل الإعلام. ورغم إعجابي بالعمل الذي تقومون به إلا أنني شعرت بخيبة أمل من عدم إبراز حقيقة ما يواجهه بلدنا. إن تمجيد شخص ما على حساب شخص آخر هو تصرف غير مسئول، لسنا بحاجة إليه في بلدنا ولا أي بلد من بلدان المنطقة في الوقت الحالي.

يحدوني الأمل في أن نؤسس لعلاقات متبادلة بيننا كي نقدم لكم صورة شاملة لكل التطورات في البلاد.