أضحى تاريخ المسلمين بعد سقيفة بني ساعدة محل خلافات ونزاعات بل واحتراب، طبَع التاريخ العربي والإسلامي من حينها حتى اليوم. فكل نزاع أو صراع يضفي عليه الطابع الديني، الحق مقابل الباطل، الإسلام الصحيح مقابل الإسلام الخطأ. واستمدت نزعة التكفير جذورها من هذه الخلافات العقيمة، في حين أن غالبية هذه الخلافات كانت بسبب الصراع على السلطة والحكم وما وراءه من ثروة وامتيازات. لكن ذلك لا ينفي أن في التاريخ الإسلامي أحداثاً جسمت صراع الحق والباطل، لكنها شوّهت. كربلاء ليست استثناء للأسف، فحيثما ترمي بناظريك وحيثما تتابع خطب الجمعة وأجهزة الإعلام بتلاوينها ما بين الخطب حتى الفيسبوك وما بين الدردشات والفضائيات، ترى العجب العجاب.
في بعض البلدان التي يروّج فيها أن الحكم مثال التسامح، ليس فيما بين المسلمين شيعة وسنة وإنّما كل الأديان السماوية والوضعية من مسيحيين وبوذيين وهندوس ويهود، بل وحتى غير المؤمنين، والدليل شخوص من هؤلاء تمثل الدولة، ولأجل تكريس هذه الصورة يجري الإستعانة بشركات العلاقات العامة من بلدان المعازيب، ويجري تنظيم المهرجانات في الداخل وعلى امتداد الكرة الأرضية، وتجنيد ممثلي الملل والنحل في مشاهد اصطفاف مفتعلة ينشدون كالكورس، «بلد التسامح... في ظل حكم التسامح». في الوقت ذاته تضيّق السلطات بمظاهر الاحتفاء بعاشوراء المُرَاعاة منذ مئات السنين، فتقوم بإزالة الأعلام واليافطات وتهديم المضايف والتحقيق مع الخطباء والرواديد. وهذا نموذج لما يجري على الساحة العربية والإسلامية من حيث تصوير ثورة الحسين (ع) كحركة تمرد ضد خليفة المسلمين يزيد بن معاوية، وفي أحسن الأحوال فإن كربلاء لا تخصنا بل تخص الشيعة الغارقين في يأسهم وأحزانهم، وهم في إحياء مراسم كربلاء إنما يعبّرون عن واقعهم الحزين.
كثير من الفتاوى عبر جميع الوسائط تعتبر مراسم عاشور بدعة يتوجب من الدولة قمعها، ومن الجمهور الآخر مقاطعتها.
وصل الأمر إلى قيام انتحاريين تكفيريين بعمليات انتحارية في أوساط المعزين وفي مراقد أهل البيت من شهداء كربلاء وأحفاد رسول الإسلام، بل وتفجيرها كما حدث لمرقد الإمامين العسكريين في سامراء. ثم يتساءلون: من أين نبعت «داعش»؟
لقد نبعت من الفكر التكفيري الذي اجتاح كالطاعون المجتمع برعاية النظام الرسمي العربي، وتسويغ المراجع الدينية الرسمية، والتمويل السخي من جانب أغنياء النفط.
بالمقابل فإنه وللأسف تكرّس في الفكر الشيعي اعتبار واقعة كربلاء مأساة، وتصوير هذه المأساة بطرق فاجعة تثير الحزن العميق واليأس، بدل تقديمها كما هي، أي واقعة بطولة وتضحية، حيث قدّم الإمام الحسين (ع) أغلى ما لديه، نفسه وأهله وصحابته الذين التحقوا به دون إكراه، وكذلك معاناة أخته العقيلة زينب ونسائه وأطفاله، وهو يعرف ماذا سيحلّ بهم من تنكيل، ورغم ذلك كلنا يعرف رباطة جأش العقيلة زينب (ع) وسبايا كربلاء في مجلس يزيد، وهي تخاطبه كمنتصرة وصاحبة حق، بينما هو عاجزٌ عن الردّ لأنه يعرف بأنه على الباطل.
أما الخطأ الآخر فهو اعتبار الكثير من الشيعة أن كربلاء تخصهم وحدهم، وعاشوراء شهرهم، والحسين (ع) شهيدهم وبطلهم، في حين أن معركة كربلاء معركة إنسانية بين الحق والباطل، ولكل المسلمين بل والبشرية جمعاء أن تفخر بها كما تفخر بالمعارك الكبرى في التاريخ، مثل معركة الجزائر.
إن الحسين (ع) بطل إنساني من تلك النماذج العالية التي مرت بتاريخ البشرية، مثل سبارتكوس ومارتن لوثر كينج. وقد سادت في فترات سابقة وقبل أن ندخل عصر التكفير، مظاهر التسامح الحقيقية والاحتفاء بعاشوراء من قبل الجميع. ففي بيروت مثلاً كان يحتفى بالعاشر من محرم في احتفال بالكلية العاملية من قبل النخب التي تمثل الطيف اللبناني مسيحيين ومسلمين، سنة وشيعة ودروزاً. وفي البحرين كانت مشاركة السنة في العزاء وعاشوراء معروفة رغم أنها جزئية. فمتى تصحو ضمائرنا ومتى نلمُّ الصفوف ونتوحد حول قضية الحسين (ع) وما يمثل من وقفة بطولية أمام الظلم في كل العصور؟
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4441 - الإثنين 03 نوفمبر 2014م الموافق 10 محرم 1436هـ
مغالطات
هناك عدة أمور بها الكثير من المغالطات هل هو تعمد او إرضاء لبعض الناس او جهل بعض الامور
كل يوم موقف
يوم مع النظام الليبي ويوم النظام السوري والصين والآن سويسرا ولندن وآخر شي الامام الحسين ما ترسون على بر
ما يعنيه الكاتب الفاضل
ما كتب الأستاذ الفاضل عبد النبي هي أخذ العبرة والإستفادة منها وهو بذلك وضع ما خط قلمه على الجرح ـ فإتهامكم الى الأستاذ انت كذا وكذا...... ظلم في حق الأستاذ الفاضل ـ شكرا لك أستاذنا.
بعض الكلمات
مع احترامنا الى الاستاذ عبدالنبي ولكن لم يكن موفق في اختيار بعض الكلمات والتشبيهات لان واقعة كربلاء غير ذلك وما جرى على الحسين لم يجر على احد في هذه الدنيا. مع اني اعرف خلاصة المقال ونوايا كاتب المقال انها الصب في الصالح العام وهذا لا يبرر للكاتب ان يشبه ما جرى على الحسين بسبارتكوس ومارتن لوثر وحتى لو قدم ما قدم من تضحيات.وشكرا الى الكاتب العزيز على جهده ونتمنى عليه في مقالاته القادمة ان يكون اكثر انصافا الى الحقيقة لان شعار الحسن هيهات منا الذلة والحر تكفيه الاشارة.
انت محق ياعبدالنبي
يشهد الجميع علي قدرتك في تصويب الامور ووضع عنوان كبير دئما لما نمر به والله ولوكنت في بلد اخر لكا ن لكلامك مكانه كبيره يحتذى به ويعطى الاهتمام الاكبر ويمكن ان يدرس
انت محق ياعبدالنبي
يشهد الجميع علي قدرتك في تصويب الامور ووضع عنوان كبير دئما لما نمر به والله ولوكنت في بلد اخر لكا ن لكلامك مكانه كبيره يحتذى به ويعطى الاهتمام الاكبر ويمكن ان يدرس
العزيز
أقف إجلال لطائفة الشيعية على تحملهم القتل والعذاب على مر السنين لتوصيل الحقيقة لواقعة كربلاء الحسين سبط رسول الله مع عيالات أهل بيت رسول الله الذين أهانوهم بعد مقتل الحسين وخيرة البقية من آل الرسول وجعلوا نساء رسول الله وعرضه سبايا يجلون بهم من بلد الى بلد. نعم أنتم إلتزمتم بدمائكم وعيالكم وتفجيركم بحبكم وعشقكم للحسين جعلكم حب الحسين على دين جده محمد ص الصحيح ومذهب آبائه الطاهرين المعصومين ع . وها نحن نرى حب الحسين ع إنتشر في كل بقاع العالم الكل يقول أنه حسيني ويفتخر بأبي الأحرار الحسبن ع .
اذا كان المسيحيون وحتى قائد الهندوس يفتخر بثورة الامام
يساري او يميني اوليس مع الامام الحسين وهب وهو مسيحي ومعه زهير بن لقين وهو عثماني المذهب ومعه الكثير من مختلف الملل فثورة الامام لم تقتصر على احد وانما هي للبشرية جمعاء
الأذان
أرجو الا تعتبر موقعة كربلاء الأليمة والتاريخ الحسيني ملكية خاصة والمناسبة لإثبات هويه . والمهم هو كيفية استخلاص الإيجابي والسلبي من تلك المأساة ودراستها بشكل محايد. ونحن غير مسؤولين عما حصل تاريخيا في ذلك اليوم الأسود.
قراءة التاريخ
قراءة التاريخ الاسلامي وتحليله من المعضلات وبسبب التقديس المطلق للشخصيات الاسلامية والغلو والتكفير تراجع الكثيرين في ألبوح بالتحليل والدراسة وتم اغتيال العديد وتكفيرهم. فالمناخ الديمقراطي وحرية الرأي تتيح تلك الإمكانية . لا يوجد شخص لا يتفق على فاجعة كربلاء، هذا اليوم الأسود، ولكن من النادر من يملك القدرة على التحليل السياسي والصراع واعتقد بان الاغتيال والاستدراج كان مخططا له . ما يجمعنا هو الوطن وولاءنا له والتاريخ الممتد الذي يجمع الشعوب وليس الأحداث التاريخية الأليمة فقط.
لا يوم كيومك يا أبا عبدالله
أعْظَمَ اللهُ اُجُورَنا واجوركم بِمُصابِنا بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهَ السَّلامُ وَجَعَلْنا وَاِيّاكُمْ مِنَ ا....
يا اخي انت يساري
يا اخي انت يساري مالك بهذه الأمور ؟ انت مفروض تكون جزء من الحركة التنويرية التي ترفض اجترار الماضي و تدعوا لقيم الحداثه و ليس الترويج لمثل هذه الأشياء
العزيز
ألحسين أبا الأحرار يقول لمن قاتلوه ( إن لم يكن لكم دين فكونوا أحرارا في دنياكم ) فإن إدعيت أن الكاتب ليس له دين فهو حر وعمله في الساحة يثبت أنه حر .
مقال جميل جدا
الشكر الجزيل لعبدالنبي العكري لمقاله الرائع جدا
الحكومات على مدى التاريخ تخاف من عاشوراء لأنها سنة التمرّد على الظلم
كل الحكومات الظالمة تعتبر ثورة الامام الحسين تشملها لذلك رأينا الحكومات المتعاقبة من بني امية وبني العباس كانت تحارب حتى زيارة الامام الحسين وبعضهم حاول اخفاء قبر الامام الحسين لإخفاء الجريمة ولكن هيهات ان تخفى قضية الامام الحسين وهي نور الله الذي يأبى عليه ان يطفأ
احتفاء بهذا اليوم العظيم نتشارك في حب الحسين
أنا شيعي أمد يدي لأخي السني.
أنا سني أمد يدي لأخي الشيعي.
أني شيعية أمد يدي لأختي السنية.
أني سنية أمد يدي لأختي الشيعية.
كم مثلي يشاركني في ذلك؟ هل نصل للعدد 100 على هذه الصفحة؟
الحسين للجميع
مع اني اوافقك الرأي في أغلب ما طرحت الا اني اجدك غير منصف في تخصيص هذه المناسبه للشيعة دون غيرهم.
برأي أن قضية الامام الحسين عليه السلام قضيه للبشريه جمعاء الا ان فرقه من المسلمين هم من آثروا على احيائها و تخليدها للأجيال القادمه حين كان البعض يذكرها بتواضع و خجل.
و هذا ما قصده الكاتب
و هذا ما قاله الكاتب في المقال .. ان عاشوراء و تضحية الحسين للناس جميعا و ليس للشيعة فقط