روى الفيلسوف والمتصوف الإسلامي المعروف جلال الدين الرومي (ت 672 هـ) أن شخصاً طلب من أحد صناع الوشم أن ينقش على ساعده صورة أسد قوي ظاهر الأنياب لكي يراه الناس فيهابونه ويحترمونه لشجاعته. وعندما أخذ صانع النقوش إبرة الوشم وبدأ ينقش صورة الأسد المطلوب بادئاً بالذيل، أحس الشخص بألم وخز الإبرة فطلب من الصانع أن يترك الذيل لأنه مؤلم، فلا ضير على الأسد أن لا يكون بلا ذيل. وانتقل الصانع إلى رسم العين، ومن جديد أحس الشخص بألم الوخز فهتف: إني أريده بغير عين. وانتقل الصانع إلى الأذن وكانت الاستجابة بالمثل، الشعور بالألم والتماس التوقف عن الوخز. بعدها انتقل صانع الوشم إلى البطن، ولكنه استمع إلى نفس الاحتجاج والصراخ من الألم. وحين طالت حيرة الواشم رمى بالإبرة، وقال للرجل: يا هذا... لا أعلم أن الله خلق أسداً بغير ذيل وبغير رأس وبغير بطن، وما دمت لا تحتمل وخز الإبرة فكيف تدّعي شجاعة الأسد؟
هذه القصة لا تقترح علينا احتمال المكاره والمشقات في الحياة، لكنها تُحرّض على ضرورة إتقان فن توجيه الطاقة وإدارة الذات في مواقف الألم والتوتر من المعاناة من ضغوطات الحياة.
إن ما يواجهه الفرد اليوم من المعاناة والتوتر وضغوط الحياة اليومية لم يكن أبداً في وقت من الأوقات بهذه الضراوة الوبائية، فنحن نعيش عالماً تتكاثر فيه ضغوط الحياة بشكل غير مسبوق في أي عصر من العصور؛ فالتوترات اليومية أصبحت سمة من سمات هذا العصر، وقد ذكرت الجمعية العالمية لإدارة التوتر منذ سنوات قليلة أن أكثر من نصف سكان العالم يعانون من التوتر، وأن 41 في المئة ممن سئلوا عن توترهم أجابوا بأنه سيتزايد وسيشتد خلال السنوات المقبلة من حياتهم.
ويؤكد تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن 25 في المئة من الأفراد أصيبوا بأحد الاضطرابات النفسية في حياتهم في البلدان المتطورة والنامية على حد سواء، وأن نحو 121 مليون شخص يعانون حالياً من نتائج التعرض للضغط والتوتر، وبالتالي إلى تزايد وتيرة الأمراض العضوية المرتبطة بالناحية النفسية للفرد، بما فيها ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وأمراض القرحة والجهاز التنفسي.
ما يعنينا في هذه الأرقام المفزعة هو ضرورة معرفة الفرد منا كيفية التعامل مع هذه الحقائق، ويرجع جزء من عوامل التوتر النفسي إلى الإحساس بالفشل والإحباط في تحقيق أهداف الحياة، إذ يبدّد بعض الناس حياتهم في محاولة تسلق السلم للصعود إلى الأعلى، لكنهم سرعان ما يكتشفون أنهم يضعون السلم مقابل الحائط الخطأ.
عندما زرت الهند قبل سنوات، حطّت الطائرة في مطار بومبي الدولي، وفي سيارة التاكسي التي اخترقت شوارع المدينة المليونية رحت أتابع بدهشة آلاف الهنود من كبار السن والشباب والشابات بلباسهم الرياضي وهم يمارسون رياضة المشي بسعادة وإقبال على الحياة. كان الوقت فجراً، ولم تكن الشمس أرسلت بعد خيوطها الذهبية، وضوء النهار لازال غافياً، وعلى الأغلب فإن العديد ممن رأيتهم يستقبلون نهارهم بكل هذه الحيوية والحب كانوا «متقاعدين» بحكم الأعمار التي رأيتها، وقلت في سري: مثل هذه الأعمار لدينا تعيش ذاوية ذابلة تنتظر الموت وتتوسد في مشيتها العكاكيز. إنها شعوبٌ حية تعرف كيف تعيش وتستمتع بكل لحظة من لحظات عمرها.
أعرف أشخاصاً استطاعوا أن يحقّقوا الكثير على الصعيد الشخصي، وظيفةً مرموقة ومستوى مادياً مرتاحاً، لكنهم تعساء ومحبطون، وفي الحقيقة لا معنى للإنجازات إن لم نكن ناجحين في إدارة ذواتنا والتعامل مع احتياجاتنا البشرية بشكل واقعي يحقق لنا التوازن النفسي والرضا. فالقدرة على الحب والاستمتاع والتعلم أمور مهمة لسعادتنا، ومن دونها يصعب تكوين العلاقات المُرضِيَة التي نحتاج إليها لتجديد نشاطنا وإلهامنا بسبل تحقيق هذه الانجازات.
وفي النهاية «أنت المسئول عن العثور على المصباح الذي سينير لك الطريق»، ولكن ليس من دون ثمن، وغالباً ما يكون الثمن التخطيط المنظم، والترتيب السليم للأولويات والطموح العالي، والعمل الحقيقي وليس الأماني الفارغة.
إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"العدد 4441 - الإثنين 03 نوفمبر 2014م الموافق 10 محرم 1436هـ
تابع)*اجعل عطائك بلا حدود .....يعطيك من فضله مالك الوجود
قال الحكيم والآن انظروا,
وأمسك بالملعقة وملأها بالحساء ثم مدّها إلى جاره الذي بجانبه ،و جعل كل منهم يمد بملعقته لمن بجانبه وبذلك شبعوا جميعهم ثم حمدوا الله
وقف الحكيم وقال :
من يفكر على مائدة الحياة أن يُشبِع نفسه فقط فسيبقى جائعا ، ومن يفكر أن يشبع أخاه سيشبع الإثنان معا
فمن يعطي هو الرابح دوما لا من يأخذ
*سعادتك فى الحياة لن تتحقق الا باسعاد من حولك
*اجعل عطائك بلا حدود .....يعطيك من فضله مالك الوجود
جميل جدا
قصة معبرة .. شكرا لك صديقي
*سعادتك فى الحياة لن تتحقق الا باسعاد من حولك
سئل أحد الحكماء يوما: كيف تتحقق السعادة فى الحياه ؟
قال الحكيم سوف ترون الآن,ودعاهم إلى وليمة وجلسوا إلى المائدة
ثم أحضر الحساء وسكبه لهم ، وأحضر لكل واحد منهم ملعقة بطول متر واشترط عليهم أن يحتسوه بهذه الملعقة العجيبة
حاولوا جاهدين لكنهم لم يفلحوا , فكل واحد منهم لم يقدر أن يوصل الحساء إلى فمه دون أن يسكبه على الأرض وقاموا من المائدة جائعين.تابع
فعلاً أستاذي
أثني على مقالك الراقي أستاذي و مداخلة هناك نظريات كثيرة في علم النفس عن تقدير الذات، منها على سبيل المثال: نظرية هامشك (1978) الذي يعتقد أن الأشخاص الذين يقدرون أنفسهم من حب و سعادة و رضا هم ذات تأثير واضح و فعال في إسعاد الآخرين في شتى أشكال،،
قال المتنبي ..
غَيرِي بأكْثرِ هذا النّاسِ يَنْخَدِعُ إنْ قاتَلُوا جَبُنوا أوْ حدّثوا شجُعُوا
أهلُ الحَفيظَةِ إلاّ أنْ تُجَرّبَهُمْ وَفي التّجارِبِ بَعد الغَيّ ما يَزَعُ