تناولت الباحثة البحرينية وفاء السيد في مقال بعنوان «نفاد صبر الشباب: النشاط السياسي في الخليج» نشر في المجلة التي يصدرها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أمثلة مختلفة من دول الخليج ودور الشباب في السياسة. تقول: «لقد لعب الشباب دوراً كبيراً في السياسة وفي زيادة التعبئة الجماهيرية، لكن على الجانب الآخر لعبت حركات الشباب دوراً غير واقعي من جانب ما طرحته على الحكومات، إلى جانب ما تعاملت به الأحزاب السياسية أحياناً مع بعض المجموعات الشبابية حتى تنضوي تحت طموحاتها السياسية الخاصة.
ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2012 نزل آلاف من الأفراد إلى الشوارع في مدينة الكويت للاعتراض على الحكومة، مطالبين رئيس الوزير ناصر المحمد بالتنحي لأسباب تتعلق باتهامات بالفساد، وانتهى ذلك بإعلان استقالته في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012.
وتطرقت السيد في مقالها إلى تأثيرات الربيع العربي على دول الخليج، ففي مملكة البحرين التي مرت لعدة عقود باضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية، نزل عشرات الآلاف في أكبر مسيرات شهدتها العاصمة المنامة، في شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011، وركّزت مطالب الشعب بشكل مبدئي على إصلاح النظام السياسي، لكن مع تزايد أعداد المشاركين في المسيرات السياسية خرج جزء من المتظاهرين من الطائفة الشيعية ليطالبوا بتغيير النظام.
لكن جمود الوضع السياسي الذي تعيشه دول مجلس التعاون مثل البحرين، يدفع في رفع حماسة الشباب واندفاعته نحو طلب التغيير، وتشير وفاء السيد إلى استمرار سياسات التمييز، ضد الطائفة الشيعية، مشيرة إلى حرمان هؤلاء الشباب من العمل في القوات العسكرية وأجهزة الأمن، كأحد الأسباب.
وكشفت إحدى المؤسسات البحثية في دراسة حديثة، حجم نسبة التوظيف في دول الخليج، وبشكل خاص فئة الشباب، حيث بلغت نسبة بطالة الشباب 20 في المئة في البحرين، و23 في المئة في الكويت، و25 في المئة في السعودية. وفي الوقت الذي لم يعد القطاع العام يوفر فرص عمل كافية، هناك صعوبة في الحصول على فرص عمل في القطاع الخاص، وهو مجالٌ غير مرحب به عموماً.
والفشل الواضح لنموذج الدولة الريعية في بعض هذه الدول يلقي الضوء على هذه المشاكل، فالعائدات النفطية كانت تغطي سابقاً برامج رعاية جذابة للمواطنين، مثل الإسكان والرعاية الصحية، وهو ما أصبح صعباً توفيره هذه الأيام، فلم يعد الجيل الجديد يحصل على ما كان يحصل عليه سابقوه، وهكذا نمت مشاعر عدم الرضا عن الحكومات. وأصبح شائعاً الآن أن تجد الشاب يتزوج ويسكن مع والديه بانتظار وحدة سكنية قد تطول حتى عشرين عاماً.
ورغم أوجه الشبه بين دول الخليج، التاريخية والاجتماعية والدينية، إلا أن لكل دولة نظامها السياسي الخاص، ودرجة انفتاحها. فالكويت هي الاكثر انفتاحاً من الناحية السياسية، ولديها برلمان يمكن أن يعترض على السياسات والحكومة المعيّنة نفسها، رغم عدم قدرته على فرض رأيه. وفي المقابل أعادت البحرين إنتاج تجربة انتخابية في 2002 بعد تبني الإصلاحات السياسية، إلا أن البرلمان البحريني يعاني من ضعف الصلاحيات المتوافرة لدى نظيره الكويتي.
وفي دول أخرى مثل الإمارات وقطر، حيث قلة عدد السكان، استطاعت أن تتجنب الاضطرابات الداخلية، فالدولة هنا باستطاعتها توفير احتياجات مواطنيها، الذين لا يواجهون تلك المشاكل نفسها في الحصول على سكن، أو التوظيف أو الحصول على الخدمات الصحية، على خلاف الدول الأخرى مثل البحرين والسعودية وعمان، ذات المجتمعات المتنوعة دينياً ولها تاريخ من الاختلافات المدنية، وتواجه تحديات من حيث زيادة السكان ومحدودية الموارد.
وتشير الكاتبة وفاء السيد إلى موقف الشباب الذي يشبه سيفاً ذا حدين، بسبب التفكير المثالي والتوقعات غير الحقيقية وقلة الخبرة السياسية والمواقف المتصلبة، ما يبعدهم عن الحركات السياسية الفاعلة، التي قد تكون مستعدة للتفاوض مع الحكومات. والتدرجية والإصلاح الجزئي نادراً ما يكون مقبولاً لدى الشباب، بما فيه الشباب الخليجي، وهو ما يدفع نحو المواقف الراديكالية لطلب تغيير الأنظمة، وأحياناً التأثير على الجماعات السياسية المعارضة لتبني مواقفها ومطالبها.
وتشير الكاتبة إلى أن الناشطين الكويتيين الشباب كانوا من أوائل من طالب بانتخاب رئيس الوزراء والحكومة، (وهو ما لم يكن يسمع قبل العام 2011)، أما اليوم فهناك شريحة مهمة من الشعب تطالب بتشكيل حكومة تمثيلية. وفي البحرين حيث بدأت الحركة الاحتجاجية التي قام بها الشباب في فبراير/ شباط 2011، ولاحقاً التحقت بها القوى السياسية الأخرى، حيث مثل ائتلاف 14 فبراير تحدياً لشرعية جماعات المعارضة الشرعية، وفي القلب منها «الوفاق»، التي كانت تتولى تمثيل المكون الشيعي. واستقطب الائتلاف الذي يعمل في الداخل والخارج، المزيد من الشباب.
وتظهر أهمية الحركات الشبابية الناشطة في طرح ضرورة الإصلاحات المؤجلة التي انتظرت طويلاً. فالشباب في الكويت نجح فيما سقط فيه النواب والساسة، في تقليص عدد الدوائر الانتخابية التي كانت تشجع على بيع الأصوات مثلاً، وقد ساهمت مقاومة الحكومة بالإضافة على تشتت المعارضة في إفشال تلك المحاولات. ولكن مجموعة من المدونين والناشطين استطاعوا في 2006 من الضغط على الحكومة لتغيير ذلك، باستخدام حملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتجمعات العامة، استمرت عدة أشهر.
العصا والجزرة
استجابت دول الخليج لحركات شعوبها في السنوات الأخيرة بمزيج من الضغط ومحاولات التهدئة. فقدمت بعض الحوافز للمواطنين كرفع الأجور وفرص العمل، في الوقت نفسه لم تتردد الأنظمة في استخدام القوة ومصادرة الحريات، من أجل احتواء التهديدات ومواجهة التحديات لسيطرة الدولة. وهذا الأمر لم يلبِّ مطالب الشباب الذي زادت لديه الثقة بالنفس وبالاستحقاقات، وهو ما ينذر بمواجهة هذه الدول لمزيد من عدم الاستقرار في المستقبل.
العدد 4439 - السبت 01 نوفمبر 2014م الموافق 08 محرم 1436هـ
ارجو من الأخوة في الوسط التركيز على تقنية كتابة العناوين
الموضوع دون شك مهم.. والكاتبة قدمت مضمونًا جيدًا.. لكن عنوان التقرير لا يجب أن يكون مركزًا على أن فتاة بحرينية كتبت مقال في جريدة دولية.. ذلك يأتي في سياق الموضوع في الفقرة الثانية أو الثالثة.. لكن المهم، إبراز أهم ما في مقال البحرينية فذلك أهم بكثير من كون فتاة بحرينية كتبت في مجلة أو جريدة دولية.. والا فالكثير من البحرينيين كتبوا مقالات قوية جدًا في جرائد دولية مختلفة ودوريات ومجلات متخصصة.. وشكرًا لكم ارجو تقبل ملاحظتي
جانبت الصواب
من يتتبع حركة الشباب من 2002 حتى الان في البحرين لايمكن أن يقول أن الشباب البحريني فاقد الصبر ومستعجل ولايريد التدرج ..ان صبرهم عظيم على امور لايصبر على عشرها كثير من شباب العرب والحكم لم يتدرج بالاصلاح اصلا بل العكس.