العدد 4436 - الأربعاء 29 أكتوبر 2014م الموافق 05 محرم 1436هـ

مخاطر استخدام تقنيات التكنولوجيا الحديثة على الأطفال والمراهقين

للتطور التكنولوجي المعاصر فوائد كثيرة وجمة في مختلف أوجه الحياة، وقد تدخل في تفاصيل حياتنا اليومية بأشكال متعددة، وأصبحت لدى البعض من ضروريات الحياة اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها، إلا أن الإفراط والإدمان في استخدامه له آثار سلبية عديدة، وخصوصاً على الأطفال، تم ذكرها وتداولها في العديد من الدراسات والبحوث التي تحذر غالبيتها من الإدمان على استخدام التقنيات الحديثة وألعاب الفيديو، وما يسببه ذلك من اضطربات النوم والفشل في التحصيل الدراسي وتأثيره على سلوك الفرد في الحياة الخاصة.

سأتناول موضوع تأثير هذه التقنيات من الناحية الصحية وبالاعتماد على الخبرة التراكمية لي في مجال طب الأطفال والحالات المرضية التي أشاهدها وأعلاجها. لقد لحظت في الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد الأطفال الذين يراجعون العيادة وهم يشكون من الصداع وآلام في الرقبة، كما أن أولياء أمورهم يشكون من عدم قدرة أبنائهم على التركيز وتغيير في سلوكياتهم المعتادة وميولهم نحو الانطواء والوحدة، كما أن البعض لاحظ ظهور بعض السلوكيات العدائية والعنف على أولادهم.

في حقيقة الأمر كل هذه الملاحظات مهمة وتتعلق بشكل مباشرباستخدام الأطفال للتقنيات الحديثة من كومبيوتر والأجهزة السطحية اللمسية مثل الـ «آي باد» وغيرها من ألعاب إلكترونية ومشاهدة التلفاز. وعلى رغم أني لم أقم شخصياً بدراسة تأثير هذه الأجهزة إلا أن كثرة الحالات التي أشاهدها والتي أجدها غالباً ما تقترن باستخدام مفرط للأجهزة، ما يجعلني أربط بين الأعراض التي يشكو منها الطفل واستخدام التقنيات.

أنا لا أنكر الحاجة إلى الحواسيب والأجهزة الإلكترونية وأن تعلم استخدامها ضروري لمواكبة التطور التكنولوجي، وأن الطفل أو طالب المدرسة يستعين بها لإكمال واجبته المدرسية، وأن استخدامها يسهل الكثير من الأمور ويختصر الوقت، ولكن على الأهل ملاحظة بعض الأمور المهمة، ومنها:

- الفترة الزمنية التي يقضيها الطفل مستخدماً الأجهزة الإلكترونية.

- وضعية الجلوس أثناء استخدام التقنيات الإلكترونية.

- مراقبة مواقع الإنترنت التي يتصفحها الطفل في حال توصيل الأجهزة بالشبكة العنكبوتية.

- اختيار الأجهزة الملائمة لعمر الطفل وعدم المبالغة في اقتناء جميع الأجهزة.

آلام العظام ونقص فيتامين «دال»

وحيث إن استخدام هذه الأجهزة مرتبط دائماً بالاستخدام داخل البيت ومصادر الطاقة الكهربائية، فقد أدى هذا الاستخدام إلى عدم ممارسة الأنشطة الخارجية، وقد أدى ذلك إلى زيادة ملحوظة في الأطفال الذين يعانون من نقص فيتامين «دال» المهم للعظام بسبب عدم تعرضهم لفترات كافية لأشعة الشمس المفيدة وتناولهم وجبات الأكل السريعة غير المفيدة للجسم.

الخصوصية الشخصية للمراهقين

المسألة الأخرى المهمة هي ما يتعلق بالخصوصية، فكثيراً ما يسألني الآباء عن كيفية التعامل مع أطفالهم المراهقين وخصوصياتهم ومنها أجهزتهم وحاوسيبهم الشخصية التي غالباً ما تكون محمية بكلمة مرور سرية قد لا يعلمها الآباء، ويميل الأطفال المراهقون إلى تغييرها بشكل دوري لتبدأ مشكلة جديدة ما بين رغبة الأهل في الاطلاع على محتويات الأجهزة وبين إحساس المراهق بخرق خصوصيته والتعدي عليها؛ لتبدء مشكلة من عدم الثقة بين الطرفين تؤدي إلى مشكلات أسرية تتراوح بين خلافات بسيطة وتصرفات وسلوكيات عنيفة بين الاثنين.

الأشعة وأضرارها

للأجهزة التكنولوجية أشعة كهرومغناطيسية قد تؤثر على صحة الطفل، حيث أوضحت الدراسات أن هذا التأثير يعتمد على معدل امتصاص الجسم للطاقة الكهرومغناطيسية، ومن الأعراض الصحية للإشعاعات الكهرومغناطيسية الصداع المزمن والتوتر والرعب والانفعالات غير السوية والإحباط وزيادة الحساسية بالجلد والصدر والعين.

تاثيرها على حاسة السمع

مخاطر الموسيقى الصاخبة على الأطفال والمراهقين الذين يلجؤون في غالبية الأحيان إلى ارتداء سماعات الأذن لتساعدهم على حجب الضوضاء عن باقي أفراد البيت، ولكن في الوقت نفسه فإنهم يستمتعون بالسماع إلى الموسيقى من خلالها؛ لأنها تتيح لهم سماعها بأصوات مرتفعة ومع الاستخدام المفرط تجد أن الطفل يبدأ بالتحدث بصوت مرتفع، ولهذه الموسيقى تأثير كبير على الأذن في المستقبل وتضعف السمع لدى البعض منهم.

آثارها على حاسة البصر

إن استخدام الحواسيب السطحية وأجهزة النقال الذكية الحديثة وبسبب صغر حجم الشاشة فإن الأطفال يحاولون تقريب الأجهزة من العين قدر المستطاع للعب ولقراءة محتوى الأجهزة، وهذا يسبب الإرهاق والتعب للعين لإبقائها لفترة طويلة في حالة تركيز على مسافة قريبة، وإن لم يظهر تأثيره بشكل مباشر، إلا أن استخدام هكذا أجهزة لفترات طويلة يسبب ضعف البصر ويصيب الطفل بالصداع والألم في العين.

وجهة نظر لابد من الوقوف عندها حيث وأثناء مناقشتي مع أهالي الأطفال والمراهقين في العيادة عن سبب شرائهم الأجهزة والألعاب الإلكترونية لأطفالهم فإن البعض منهم يرى أن مخاطر الشارع والاختلاط مع الأطفال قد يكون لها تأثير أكبر على الأطفال من الألعاب الإلكترونية. ويرى هؤلاء أن لعب الطفل بهذه الأجهزة أمام أعينهم أفضل وأسلم لهم من الشارع. وعلى رغم اختلاف وجهات النظر إلا أني أرى أن لهم الحق في ذلك، فالصحبة السيئة واللعب في الشارع لهما الكثير من المخاطر التي لا يمكن تجاهلها.

في النهاية ومن وجهة نظري الشخصية، فإن التقنيات الحديثة والتكنولوجيا مهمة وتلعب دوراً مهماً في حياتنا، ولا يمكننا الاستغناء عنها نهائياً، ولكن يبقى تنظيم استخدامها وتوجيه الأطفال - وخصوصاً المراهقين - إلى الاستخدام الصحيح وتوعيتهم بمخاطر الاستخدام الخاطئ وتحفيزهم على ممارسة الأنشطة الاجتماعية والتحدث، ومشاركة الأهل حياتهم اليومية تقيهم من مخاطر هذه الأجهزة وتمنحهم حياة أفضل مفعمة بالحيوية والنشاط وتحافظ على صحتهم مستقبلاً.

العدد 4436 - الأربعاء 29 أكتوبر 2014م الموافق 05 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً