«النَدّاهة» هي حالة نفسية انفصالية، يستجيب المصاب بها، بجهده وحركته وفكره، للانفصال بذاته عن واقع وحقيقة محيطه، تناولها بالكتابة في سبعينيات القرن الماضي، القاص والروائي يوسف إدريس، في قصة قصيرة، ومثلتها لاحقاً الفنانة القديرة فاتن حمامة، تحت ذات التسمية.
وملخصها أن بطلة القصة، تتملكها «نَدّاهتها» الخاصة، التي تستجيب لندائها، لتبدأ بالجري بعيداً تارةً، والعودة تارةً أخرى، مرةً ذات اليمين، ومرةً ذات الشمال، استجابةً لاختلال العلاقة ما بين الفكرة وجدواها، وما بين الذاتي والمجتمعي، وما بين الإنتماء والضياع، لتبدأ من جديد بالدوران حول محيطها، لتتمدد تلك الدائرة شيئاً فشيئاً، عبر تمدد طول نصف قطرها، لتغيب البطلة في أفق الكون الشاسع، وتجد لنفسها انتماءً غير عقلاني، أشبه بالجنون، في غير ما كانت فيه، من محيط مجتمعي إنساني، لتبدأ في الهلوسة غير المجدية لتبرير إنفصال الذات، ولا تتوقف إلا حين يضنيها التعب، فتسقط مغشياً عليها، لتصحو وتجد نفسها حيث كانت، بين ناسها، الذين تحسَّهم يرمقونها بنظرات الشك والريبة، لتختار لها عزلةً عنهم أكثر وأكثر. وهكذا تدخل عالم اليأس من حيث، لا هي لعالمها الافتراضي الحُلُمِي، ولا هي لعالمها المادي، فتصبح ألعوبةً لأطفال القرية، وهدفاً لمرمى حجارتهم وأشيائهم الأخرى.
إستذكرتُ حبكة تلك القصة، حين أيقنتُ، كم «نَدّاهَة» ابتكرتها السلطة، وكم من الناس طوتهم ما ناسبه منها، في العملية الانتخابية لمجلس النواب وإفرازاتها المادية (نَدّاهَة الراتب والتقاعد)، وخزعبلات وسفاهات الفتاوي القانونية، لمعاقبة من يمنع حقه في صوته الانتخابي، من بعد تشريعات المجلس السابق، لعقوبات سحب وإسقاط الجنسية، وتفويض السلطة التنفيذية مهام السلطة التشريعية، وأخطرها منح الداخلية حق التوصية بسحب الجنسيات لدى مجلس الوزراء، وبعدها تصدر أوامر بسحبها، متجاوزين بذلك السلطة القضائية، المعنية بإيقاع جميع أنواع ودرجات العقوبات (النَدّاهَة الإنتقامية العقابية).
ثم هناك الدعوات للمشاركة السلبية، ببطاقات انتخابية مشطوبة، من أجل تعدادها فقط في إجمالي عدد المشاركين، من دون التصويت للإنتخاب، لا لشيء سوى المناكفة الطائفية والسياسية، للممتنعين عن المشاركة، فكلاهما يستخدم حقه في منع صوته الانتخابي، ويختلفان في وسيلة ذلك، ما بين الحضور والإمتناع. فالأول الحاضر يمنع صوته، ولكنّ اعتداده بالإنتماء الطائفي، المسنود بولائه الحكومي، المدعوم بتمييزه مقابل سلب الآخر حقوقه، قاده إلى أن يناصر الوضع السياسي والإنتخابي القائم، مثله في ذاك كمثل الذي يترك الوحش ويغتال ظله (النَدّاهَة الطائفية المقيتة). والثاني صادِق الوسيلة والمبتغى، فهو يمنع صوته الإنتخابي ويمنع مشاركته، لتأكيد فقد النظام الانتخابي والسياسي عدالته وسند شعبيته.
وهناك «النَدّاهَة الدينية»، التي يظل صوتها يتردد في عقول بعض رجال الدين، للتدخل في غير اختصاصهم، في الدولة المدنية الحديثة، المتصفة بفصل الدين عن السياسة، فيتجاوزون المبدأ الديمقراطي في الدولة المدنية الحديثة، بحكم الشعب نفسه بنفسه، عبر انتخاب نوابه في البرلمان، وانتخاب حكومته، ومراقبة ومحاسبة كليهما، فيؤثرون عوضاً لهم قربى الحكومة في شُوراها، إلا من رحم ربي، بمفهوم شاورهم ولكن إذا عَزَمْتَ فأمضِ أمرك، المحسوم لديهم من خلاله، سلطة السلطة ورجل الدين، في التشريع والتنفيذ والقضاء، وفي صون الذات. ويؤثرون كذلك باستقلال المنبر الديني لمآربهم السياسية، التي متى ما التقت بمصلحة السلطة، تم التغاضي عن تجاوزاتها، ومتى ما عارضته، أعملت فيهم وفي تابعيهم الحديد والنار، بناءً على التوصيف الطائفي، والموقف السياسي.
فلا تستغربن، سيداتي سادتي، كثرة المترشحين، وضحالة أغلب المعروض، في الصفة والعلم والقدرات، القانونية والرقابية والإستجوابية والتشريعية، وقبلها فقد الإرادة الحرة، فقد ساهمت السلطة والأطراف الشعبية من المعارضين والحكوميين، من خلال تجربة تشريعات الفصول التشريعية الثلاثة الماضية، بِتَقَبُّل التبعية للحكومة، والأداء على أساسها، سواءً بتبييت النية لدى الطرف الشعبي الموالي للحكومة، أو بافتراض حسن النية لدى الطرف الشعبي المعارض، وبالتالي عدم استيعابه قِصْر اليد في الأساسات الدستورية، في بناء السلطة التشريعية ونظامها الانتخابي، المبنية أساساً لتعويق مهامها، الرقابية والتشريعية، وإيكالها للسلطة التنفيذية، وكذلك إيلاء قرار تشكيل جهاز القضاء.
فالخلاصة أنه فيما يخص النص الدستوري في (المادة 1 د من الدستور) «نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات...» وفي (المادة 32 أ) «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية...»، فإما أن المترشحين يجهلون، واقع تكبيل إنفاذه، بنصوص دستورية أخرى تنقضها وتلغي مفادها في الدستور ذاته، أو بإرادة بعضٍ من منتسبي إدارات الحكم، الذي لا يتردد عن مخالفة العهود الدولية والدستور والقوانين إذا لزم الأمر، وفي هذا قصور لا يؤهل المترشحين للترشح، أو أنهم يعلمون ذلك ولا فارق لديهم، فتكون «نَدّاهَتهم» المنفعة الشخصية الممزوجة بالموالاة الحكومية.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4432 - السبت 25 أكتوبر 2014م الموافق 02 محرم 1436هـ
كل المترشحين بلا استثناء
يعلمون علم اليقين انهم لن يغيروا شيئا بل يعلمون انهم سيضرون شعبهم الاصيل ببرلمانهم الحكومي لكنهم اشتركوا وترشحوا لأجل المال الفلوس الناس عبيد الدنيا التي بيد الحكومة : وكم عند الحكومة من رجال =تراهم سادة وهم العبيد
لا أقبل لك الخطأ
لا أقبل لك الخطأ حتى في اسم الممثلة:
النداهة فيلم مصري صدر عام (1975) [1] من إنتاج أفلام ماجدة وإخراج حسين كمال. وبطولة ماجدة شكري سرحان وشويكار وإيهاب نافع وميرفت أمين. كتب السيناريو والحوار مصطفى كمال وعاصم توفيق عن قصة يوسف إدريس بالاسم نفسه.
محب الوطن 1111
صباح الخير استادنا وللشعب الطيب أساس الديمقراطيه والبرلمان المدني هي الجمعيات المدنيه لا الدينيه الطائفيه هب البذره والاساس في تكوين البرلمان الحديث كامل الصلاحيات فلا نتكلم عن الطوابق والأبواب ألوان كل طابق وننسى أهم شيء هو الأساس فهل الجمعيات الموجودة السنية أو الشيعية تصلح أن نبني بها ربع برلمان هنا الطامة الكبرى اذا بنينا الأساس صح بعدين نفكر في الديكور وغيره فلا ننط إلى البرلمان ونسي المواد الأساسية اللتي نكون منها أساس قوي جداً نعتمد عليه لسنين طويله في بناء البرلمان
الهداية
أرجو من الله ان يسدد خطاك سيدي الكاتب. ويهدي بك الغافلون
الحل هو منع الاحزاب الطائفية
الحل هو منع الاحزاب الطائفية السنية و الشيعية و سجن اي واحد من رجال الكهنوت يتدخل في الشأن العام أما بدعمكم للاحزاب الطائفية فأنتم تعمقون المشكلة
لن نصوت لاحد
نستحق مجلس وطني أفضل من هذا المجلس الذي لا يستطيع محاسبة المخطي ولا يجلب نفعا لنا
لماذا تغير موقفك
استاذي كان موقفك واضح ضد المشاركة .. الان بعد ان ..... غيرت رأيك
الظاهر الخير يعم
رد على زائر 3
يبدو أنك من الأساتذة الذين يحتاجون إعادة القراءة مليون مرة، عل وعسى يَتَهَجُّون المعاني والمواقف.
عند الامتحان يكرم المرء او يهان
لدى الشعب مطالب ولا يوجد من يجهلها كما لا يوجد عاقل في البحرين يقول باستطاعته عمل شيء في البرلمان من اجل الشعب لاستحالة ذلك بسبب التركيبة وبسبب القود على صلاحيات المجلس:
اذا ماذا يعني دخول هؤلاء الاشخاص؟
يعني امرا واحدا وهي المطامع الشخصية: واصحاب المطامع الشخصية هؤلاء منسلخون عن مجتمعهم لذلك المجتمع ايضا لفضهم ورماهم ومن لا يحسبك ربح لا تحسبه رأسمال
لو أعدمت لن أصوت
قسما بالله لو أعدمت وسحبت أموالي وطردت لمما صوتت ولا دخلت مبنى التصويت