أن تكون شاعراً ممثلاً لبلادك في مهرجانٍ شعريٍّ ما، فذلك يجعلك توضب قلبك وحروفك في حقيبة سفرك، كما يحرّضك على أن تحمل موطنك معك مفتخراً بانتمائك، مصراً على أن تكون خير سفيرٍ له وسط كل الزحام أينما حللت، ومع كل اختلافات الهويات والثقافات التي ستواجه. يجعلك تكون بحرينياً بامتياز بكل ما تحمله كلمة بحريني من معني، خصوصاً وأنت تشعر باحتفاء المستضيفين والمستضافين بك وبجنسيتك وبلادك وهم يسألونك بشغف عن آخر أخبار بلادك التي يدعون لها ليل نهار، ويتابعون أخبارها أولاً بأول، وهم يسألونك عن زملائك من الشعراء والشاعرات والأدباء والفنانين، مايشعرك بأن صوت البحريني الإبداعي قد عبر الحدود ووصل لكل البقاع.
هذا ما شعرت به وأنا في مهرجان المربد في نسخته الحادية عشر بالبصرة، البصرة التي طالما سمعت عنها عبارة «اللي مايزور البصرة يموت حسرة» منذ صغري، وأدركت جزءاً من معناها قبل عام ونصف حين زرتها للمرة الأولى، وأدركت بقية معناها في زيارتي هذه المرة؛ فمنذ أن تطأ رجلاك أرض البصرة، تستشعر الكرم العراقي، والمحبة العراقية للشعب البحريني، والطيبة العراقية في التعامل مع الضيف باعتباره في مقام النفس وأكثر.
من جهة أخرى تجد التشابه بين البصرة والبحرين كبيراً جداً من ناحية البيئة والجو وحتى الملامح البشرية للسكان. «لو تتوهين في شوارع البصرة، فلن يعرف أحد أنك لست من هنا للتشابه الكبير بين أهل البصرة وأهلنا في البحرين»، هذا ماقاله لي زميلي الناقد جعفر حسن ونحن نقارن بين موطننا والبصرة.
شط العرب الغافي في أحضان البصرة يصيبك بالحسرة وأنت تشاهد آثار الدمار التي تعرّض لها العراق منذ سنوات وآثار الحروب الكثيرة التي تدل عليها تلك السفن الميتة في مياهه، فيما يعود لك الأمل فارهاً وأنت تشاهد قصور الرئيس المخلوع صدام حسين التي عادت للشعب بعدما كانت محرمة عليه لسنوات طوال، بل وكان الطريق إليها محرماً عليه وكان النظر إليها قد يقود صاحبه للمعتقل!
مشاعر متناقضة تتناوب على قلبك طوال رحلتك؛ السعادة بعودة الحياة للعراق، القلق على مستقبل العراق وهو يشرّد أبناءه خوفاً من خطر التفجيرات، الخوف من الرايات السود التي تريد رسم حاضر أسود لمناطق عربية تعبت من رائحة دماء ضحاياها، السعادة بضيوف المهرجان من الشعراء والشاعرات والنقاد والإعلاميين.
محطاتٌ كثيرة ودهشات متناوبة، والبصرة تبقى البصرة والعراق يبقى عراق، والقلب يبقى بحرينياً.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4431 - الجمعة 24 أكتوبر 2014م الموافق 30 ذي الحجة 1435هـ
بصرية
زوجت عمي من قديم الزمان ايام السفر الي العراق عن طريق البحر وحنا في البصرة ولدت وجابت بنت فحتارو في اسمها الي ان اتفقنا على تسميتها بصرية وما شاء الله طلعت البصرية طيب وأخلاق وكرم العراقين الله يعطيها طول العمر