قرأت مقال ياسر حارب الذي كان يحمل عنوان «الحاجة الى مراجعات» واقتبس منه هذا المقطع التالي «قبل أيامٍ دعا الإمام في خطبة العيد قائلاً: اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين. وهو دعاء نسمعه في نهاية كل خطبة جمعة، فتساءلتُ وأنا على وشك الانطلاق للسلام على الناس صباح العيد: ينصرنا على من؟ على أصدقائنا من غير المسلمين الذين يهنّئوننا بالعيد؟ ويذلّ من؟ الأطباء «المشركين» الذين يعالجوننا من الأورام والأمراض الخبيثة؟ لم أستطع أن أفهم كيف أدعو على هؤلاء بالذلة والهزيمة ثم أقول إن ديني دين سلام ورحمة!»، حيث ذكرني هذا المقطع ببعض الاحداث الطريفة التي مرت بي وسأسردها هنا دعما لما جاء في هذا المقطع.
الحدث الاول: كنت استخدم مصعدا كهربائيا في احدى البنايات، وانضمت في المصعد عائلة خليجية وما ان بدأنا في الصعود قلت للعائلة: استطيع القول جازما ان مخترع هذا المصنع يحصل على الأجر من عند الله سبحانه وتعالى؛ لأن اختراعه ساهم كثيرا في رفع الوجع والألم عن المرضى، واغلبهم من كبار السن الذين يعانون من الأمراض المفصلية العظمية، فابتسم رب العائلة الخليجية واضاف قائلا: حتى مخترع مكيف الهواء والنور، وأمثالهم يحصلون على أجر الله سبحانه وتعالى وأغلب الظن انهم حظوا بالجنة.
الحدث الثاني: احتجت إلى شراء حوض غسيل اليد، فزرت احد المحلات الكبيرة التي تبيع هذه الأنواع من البضاعة، فقابلني بائع بحريني وقام بمرافقتي ليريني الأنواع المعروضة من هذه البضاعة واسعارها، ومن بين الأنواع المعروضة حوض غسيل مصنوع في دولة اوروبية، وكانت أغلى الأنواع، وقال لي البائع ان هذه العلامة التجارية تثبت لك أنها من أحسن وأرقى الأنواع، فابتسمت وقلت له: كيف تشجعني على شراء هذا النوع الذي قام بصنعه الكفار، الذين نلعنهم في خطبنا من على المنابر مرارا وتكرارا، وأما الأنواع الاخرى فأنت تتجنب مدحها مع ان بعضها مصنوعة في دول عربية واسلامية؟
الحدث الثالث: المتقاعدون «الشباب» الذين تجاوزت اعمارهم الستين عاما كانوا يتحاورون بشأن الادوية التي اوصى اطباؤهم بتناولها، وخاصة الادوية الموصى بتناولها على الدوام كأدوية السكر وضغط الدم والكوليسترول والبروستات الخ... وكان كل واحد يحاول مدح نوع الدواء الذي يتناوله أو ذمه اذا كان تناوله يتسبب له في رد فعل، وبعضهم طبعا كان يمدح الأطباء باسمائهم، ومهارتهم في تشخيص الأمراض، وفجأة واثناء هذا الحديث قال احد المتحدثين: أليس من الواجب علينا ان ندعو لمخترعي ومكتشفي هذه الادوية بالثواب من عند الله اكانوا كفارا ام مسلمين فالله سبحانه وتعالى يكافئ العمل الصالح ومع ان البعض يقول ان هؤلاء حصلوا على اجورهم في هذه الدنيا فإن عملهم الذي تستمر الاستفادة منه يعتبر من الصدقات الجارية التي يجازون عليها بالحسنى الى يوم القيامة؟
عبدالعزيز علي حسين
ربما طرائق إحياء وفيات أهل البيت عليهم السلام لم تتغير منذ عقود، على عكس الاحتفال بأفراحهم، فمذ كنا صغاراً كان المولد بالنسبة لنا، احتفالاً منوعاً يشارك فيه الصغير، والشاب، والشيخ الكبير... هذا بأنشودة وذاك بقصيدة وثالث بكلمة، ومن خلاله تظهر المواهب والأفكار، وكثير ممن نرى لمساتهم الإبداعية اليوم فإنها تعود إلى تلك المرحلة الذهبية.
وأما عن الحضور فكان غفيراً ينتظر المناسبة بشغف، فلم يشغله هاتف نقال ذكي، ولا باقات التلفزيون، ولا دوري إنجليزي ولا إسباني... الخ، يأتي حيث المكان، والجَمع المبارك، والعطاء المشوق.
حينها لم يكن هناك (بوفيه) للطعام، ولا (زفة) ولا مضائف... كل ما هناك مرطبات لا تزيد على (سليسة) مع جبن، وعصير (أبو نص)، وبرغم ذلك لا تجد مكاناً إذا لم تبكر في الحضور.
البعض يتساءل: لماذا شحت طاقات المجتمع، فكلما أردنا أن نحيي مناسبة جئنا بـ (ملا) يردد الأبيات المعروفة ثم نختم؟!
والجواب: كيف لا تشح إذا جفت الروافد والمنابع.
ما أكتبه ليس دعوة لاستنساخ ماضٍ، إنما خاطرة أرجعتني إلى تاريخ بسيط، لكنه مليء بالحيوية والنشاط والعطاء والاتزان، ولعل تذكره يجعلنا نقتبس منه المفيد.
ياسر عباس خميس
حُجُّوا قبل ألا تحُجُّوا: الإمام علي (ع)، هذا أحد أسباب المنع وهو الغلاء الفاحش الذي تحدث عنه أمير المؤمنين علي (ع) قبل 1400 عام، ونحن نعيش أسبابه في وقتنا الحالي، ومن أسباب المنع المستقبلية الأخرى قد تكون أمور أخرى، وهذا أمر وأشد وطأة على المسلمين وهذا ما لا نتمناه ولا نحبذه لكن كل شيء وارد ولا ندري عن الأيام والسنين، وماذا تحمل لنا من مفاجآت تسرنا وتفرحنا أم تسؤنا وترهقنا.
وفي هذه السنة والسنين الماضية القريبة قد فاجأنا إخوتنا أصحاب الحملات المتوجهين إلى ضيافة الله، وتأدية فريضة الحج، بالأسعار الخيالية التي صدمت عقولنا وألجمت منطقنا، أيعقل الحج يكلف الشخص الواحد 1700 دينار وهذا أقل التقديرات والأسعار، وثمة بعض المقاولين لم يكتفوا بهذا المبلغ ودأبوا على رفع الأسعار لأكثر من هذا السعر، وذلك يعني طامة كبرى للمواطنين الذين هم أدنى وأقل من ذوي الدخل المحدود، كثيراً من المواطنين وضعوا الأمل نصب أعينهم منذ سنوات عدة، وأخذوا بالاقتصاد المالي حيث بعضهم قاموا بالتقتير على عوائلهم، وجمع الأموال شيئاً فشيئاً لكي يوصلوا إلى مبتغاهم وطموحاتهم وهو أداء الفرض الواجب على كل مسلم ومسلمة الذي فرضه الله تعالى علينا وهو الحج الأكبر.
وهنالك الكثير الذين عاشوا الحسرة والغبن الشديد بطفرة الأسعار الجنونية، وحينما نواجه صاحب الحملة عن سبب ارتفاع الأسعار يعلل ذلك بأن أسعار السكن في المملكة العربية السعودية باهظة التكاليف وهذا المبلغ الذي يؤخذ من الحاج بالكاد يغطي سكن الحاج ومأكله ومشربه وتنقلاته، وياليت الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية الشقيقة تقوم بمراقبة سماسرة السكن وتضع حداً للتلاعب بأسعار السكن ليتسنى للحجاج أن يذهبوا بأفواج أكثر وأسعار أقل، وإذا لم يكن ذلك نخاطب المعنيين في مملكتنا الفتية بأن يتحملوا جزءاً من أعباء المسئولية بمساعدة الضعفاء مالياً والذين تولتهم ضوائق السنين والأيام ومساعدتهم بشيء يسير من المال لتأدية فريضة الحج، والخطاب موجه أيضاً إلى المواطنين الذين أوتوا سعة من المال والجاه بأن يديروا طرفهم إلى المعدمين والمحرومين ولا يجدون قوت يومهم بأن ينتشلوهم بما أفاء الله عليهم لتأدية الفرض الواجب والله يبارك في أموالهم ويرزقهم من حيث لا يحتسبون.
مصطفى الخوخي
العدد 4430 - الخميس 23 أكتوبر 2014م الموافق 29 ذي الحجة 1435هـ
الى ياسر البصيرة اقوى من البصر والخطيب -الملا-
لم تجف الروافد الم تستمع الى الاذان كل يوم يتكرر والى القران يتلى والكل يزداد عمقا (الاادا قست اومات القلوب انها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)