“علي” فتى يبلغ من العمر 9 أعوام طيب تربى على الإحسان والرحمة والرفق بالإنسان والحيوان، ويسكن في بيت فوق هضبة في قرية صغيرة تطل على الساحل. وكما هو معتاد كان يقضي الإجازة إما باللعب مع أولاد القرية، أو الذهاب للجامع لحفظ القرآن الكريم والأحاديث وسماع شرح ونصائح الشيخ، وكذلك كانت له هوايته الجميلة الراقية وهي القراءة فكان يذهب إلى مكتبة القرية ويستعير الكتب ويقرأ.
ذات يوم خرج علي يلعب مع بعض أولاد القرية. وأثناء اللعب رأى علي زيناً وهو من أبناء القرية وفي نفس سن علي ويسكن في بيت بجانب بيته يمسك بقطة من رقبتها، والمسكينة تصيح وتستغيث... وأحياناًَ يحملها من ذيلها ويدور بها ويرميها في الأرض، ثم يمسكها ويلعب بها مرة أخرى، والقطة تستنجد، وكان هذا الطفل يضحك مسروراً بما يفعله.
تقدم علي إلى زين وطلب منه أن يكف عن إيذاء الحيوان، وأفهمه أن لهذه القطة فوائد في الحياة، فالله سبحانه وتعالى لم يخلق أي مخلوق في هذه الحياة عبثاً، وإنما لغرض مكمل لغيره من الكائنات. ثم قال له: ماذا تستفيد من تعذيبها وهي عاجزة عن المقاومة، وبحاجة إلى رعاية؟!. وكانت القطة تنظر إلى علي لعله ينقذها من يد زين القابضة على رقبتها. وقال له علي ألا تعلم يا زين أن الله حرم أذى الحيوان وكم من قصص دينية وردت في هذا الموضوع وكم من الناس سيدخلون النار بسبب أذاهم للقطط والحيوانات الأليفة. وهنا رق قلب زين وترك القطة بعد أن جرحت من جراء لعبه بها، وشكر علي على نصيحته. ثم عاد علي إلى منزله يحمل القطة معه ليطببها ويطهر جرحها وظلت في البيت معه يطعمها ويحنو عليها وجعلها معه في حجرته.
وفي يوم من الأيام وقبل أن يأوي علي إلى النوم سمع صوتاً عالياً، فاتجه إليه، وفجأة لاحظ شيئاً ما أمام عينه وقال يا الله. إنه ثعبان كبير... فصرخ فزعاً وأخذ يستغيث ويحاول أن يجد له مخرجاً من هذا المأزق، فهو لا يدري ماذا يفعل. وخاف واضطربت أنفاسه وأعصابه... وبينما هو في فزعه نظر حوله فإذا بالقطة تمسك بذلك الثعبان بين أنيابها، وقد قضت عليه وقد عرف علي بأن القطة ترد له الجميل عندما أنقذها ذات يوم من يد الفتى زين وطبب جراحها... ونظرت القطة إلى علي وكأنها تقول له: إنني أرد لك الجميل يا علي.. وعاد علي إلى سريره يفكر كيف أن فعل الخير يدخر لصاحبه... حتى يوفى له فتعلم درساً طيباً.
لم أسرد لكم القصة أصدقائي في “مناهل الوسط” عبثاً، فقد لاحظت استمرار انتشار ظاهرة إيذاء الحيوانات الأليفة من قطط وكلاب وحتى حيوانات الحدائق العامة من قبل أقراننا من الأطفال، بل أحياناً نفعلها نحن أنفسنا ونكون غير مدركين لها ولا شاعرين بذلك.
الحيوانات مخلوقات من لحم ودم وروح، وقد أمرنا ديننا الحنيف بالرفق بها، ولكن هناك أناس لا يكترثون لتعليمات ديننا بالرفق بالحيوان، لذا تراهم يرمون القطط والكلاب بالحجارة والعصي أو يقومون بملاحقتها بغرض تعمد أذيتها والضحك لصراخها واستغاثتها.
توقف عن الضحك والابتسامة فهذا غير مضحك ولا مسلٍ، فقط تخيل لو استبدلت الأدوار في تلك المواقف بينك وبين تلك القطة، كيف سيكون الأذى النفسي والجسدي عليك؟! ماذا فعلت لنا الحيوانات لنقوم بمثل هذا الأفعال تجاهها؟، لماذا أصبحت قلوب البعض من حجر تجاه الحيوانات صغيرة الحجم؟!
من لا يحبها بإمكانه أن يبتعد عنها، لكن لا يحاول أن يؤذيها بقصد الاستمتاع، فأين ذهبت الرأفة بالحيوان، وهي إحدى الأمور التي بلغنا بها الرسول (ص)، فقد ورد في إحدى الروايات أن امرأة دخلت النار، في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض.
مناهل
العدد 4429 - الأربعاء 22 أكتوبر 2014م الموافق 28 ذي الحجة 1435هـ