غيَّب الموت أمس (الثلثاء)، الكاتب والروائي البحريني عبدالله خليفة (مواليد العام 1948)، مُشكِّلاً عبر عقود، تراثاً ونتاجاً متنوعاً في تناولاته، توزع بين القصة القصيرة والرواية والبحث والتناول النقدي، والتحليل السياسي.
وقد ووري جثمانه الثرى عصر أمس، بمقبرة المنامة، ليُسدل الستار على حياة «أديب البحر» والباحث التاريخي والمناضل في صفوف الحركة التقدمية الذي يوصف بأنه أحد ألمع الكتاب البحرينيين.
المنامة - محرر الشئون المحلية
ودعت الأسرة الثقافية والفكرية في مملكة البحرين عصر أمس الثلثاء (21 أكتوبر / تشرين الأول 2014)، بمقبرة المنامة الروائي والباحث عبدالله خليفة إلى مثواه الأخير، ليسدل الستار على حياة «أديب البحر» والباحث التاريخي والمناضل في صفوف الحركة التقدمية الذي يوصف بأنه أحد ألمع الكتاب البحرينيين والعرب الذي أخصلوا لتجربتهم الروائية والفكرية، وبحثه التاريخي ودراساته ونضاله.
نعي ورثاء على وسائل التواصل
وحال انتشار خبر وفاة خليفة صباح أمس (الثلثاء) بدأت عبارات النعي والرثاء على وسائل التواصل الاجتماعي وأولها حساب التغريد (تويتر)، فغرد الكاتب الكويتي أحمد الدين ناقلًا عبارته من حساب الصور (الإنستغرام): «رحيل الرفيق الكاتب والروائي التقدمي البحريني عبدالله خليفة عن دنيانا... هو أحد قادة جبهة التحرير الوطني في منتصف الستينيات والسبعينيات»، كما نشر رئيس تحرير الوسط منصور الجمري خبر الوفاة منقولًا عبر رابط لخبر نشرته صحيفة الوسط (أون لاين)، فيما وصف الكاتب حسن مدن في تغريدته الراحل بأنه الروائي والباحث في قضايا الفكر والمناضل في صفوف الحركة التقدمية البحرينية... لروحه السلام، وتوالت التغريدات الراثية من كتاب وإعلاميين ومثقفين، في الوقت الذي نعى فيه المنبر التقدمي الراحل مذيلًا تغريدة حساب الجمعية بوقت التشييع في مقبرة المنامة والتعازي في مسجد البوعينين بالقضيبية، وكتب عضو المكتب السياسي ورئيس اللجنة الإعلامية في المنبر الديمقراطي التقدمي فاضل الحليبي: «خبر حزين... رحيل الأديب الكبير عبدالله خليفة... رحيله المبكر خسارة كبيرة للحركة الأدبية والإعلامية في البحرين».
ابن الطبقة الكادحة
وبذل الراحل جهودًا واضحةً في القضايا الفكرية والأدبية اتسم بعضها بدرجة (الحدة) في الأطروحات والآراء لاسيما في البحث التاريخي والفلسفي والقضايا ذات الطابع التراثي والفكري في مراحل الأمة الإسلامية، لكن كل من عرفه، لاسيما منذ فترة الطفولة من أنداده ومنهم الشاعر والأديب علي الشرقاوي، يعرفون أنه ابن الطبقة الكادحة عاش في منطقة (اللينات) بشرق القضيبية في مساحة بيوت العمال التي بُنيت بعد حريق القضيبية الشهر الذي التهم بيوت العريش في العام 1954، وقد ذكر الشرقاوي في مقال بعنوان :» عبدالله خليفة... الروائي المنحاز لمعذبي الأرض» لمحة من تلك الفترة :»عبدالله ابن العامل وابن حي العمال، ابن الطبقة الكادحة وواحد من حي الكادحين، ربما ليس صدفة أن يكون أحد المهمومين بحق الطبقة العاملة أو البرولتاريا، فهو عاش وترعرع على عرق والده وهو يحاول أن يجلب اللقمة الكريمة لأبنائه، وليس صدفة أن يكون أصحابه وأصدقاؤه الذين يلعب «الدامة» معهم هم من حي العمال والذين يعيشون نفس المنطقة ويعانون نفس المعاناة، وإن كان يسكن مع عائلته في بيت من طين، إلا أن هذا البيت أيضاً محاصر بمجموعة من بيوت السعف والأكواخ الخشبية للذين لم يحصلوا مثل غيرهم على بيوت الطين المعدودة بأصابع اليدين والقدمين. من هنا فإذا كانت كتابة عبدالله خليفة عن المعدمين والمسحوقين، فهي تعبير مباشر عن الحياة التي عاشها، وعن أجواء الأحياء الفقيرة التي تشبه الحي الذي كبر بين ملاعبه والبحر القريب منه وبيوت السعف العديدة التي انتقلت من غرب منطقة الحريق إلى شرقها».
من لحن الشتاء إلى دهشة الساحر
والأديب الروائي المناضل الراحل عضو أسرة الأدباء والكتاب، من مواليد البحرين في العام 1948، ومنذ أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، دخل عالم الكتابة ليتحف المكتبة البحرينية والخليجية والعربية بالعديد من الإصدارات منها المجموعة القصصية الأولى التي صدرت في العام 1975 بعنوان :»لحن الشتاء»، وسطع نجم الراحل عبر إصداراته في حقبة الثمانينيات، فمنذ العام 1981 حتى العام 1988 صدرت له مجموعتان قصصيتان هما «الرمل والياسمين» و»يوم قائض»، وأربع روايات هي: اللآلي، القرصان والمدينة، الهيرات، أغنية الماء والنار.
وتوالت الإصدارات في حقبة التسعينيات برواية «امرأة» في العام 1990 من إصدارات اتحاد الكتاب العرب، وأصدرت دار الحوار في العام 1992 رواية «الضباب»، وبعدها أصدر المركز الثقافي العربي في العام 1994 روايتان هما «سهرة» و «نشيد البحر»، وأصدر اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في العام 1996 رواية «الينابيع»، وكان لدار الحوار إصدار لرواية أخرى في العام 1997 هي «دهشة الساحر» وله العديد من الأبحاث والمقالات والمشاركات ومنها الإصدار المهم «الاتجاهات المثالية في الفلسفة العربية الإسلامية» في العام 2005.
وأخضع العديد من الباحثين والمهتمين والكتاب تجربة الراحل في الكتابة كمحاور أساسية لأبحاثهم ومقالاتهم لما تميزت به من مضامين وأبعاد ثرية في المجالات الاجتماعية والفكرية والمعيشية.
الوسط - جعفر الجمري
غيَّب الموت أمس الكاتب والروائي البحريني عبدالله خليفة، عن عمر ناهز السادسة والستين عاماً (مواليد العام 1948)، مُشكّلاً عبر عقود، تراثاً ونتاجاً متنوعاً في تناولاته، توزع بين القصة القصيرة والرواية والبحث والتناول النقدي، والتحليل السياسي، وإن ظل وفياً ومثابراً - ضمن خط عريض يمكن الوقوف عليه - على رصد العذابات الإنسانية، وإضاءاته لحال التناقضات التي كثيراً ما تكون الطبقات موضوعها، وهو الأثير عنده، حتى في مشروعه الروائي الذي لم يكتفِ بالجانب التاريخي منه، من دون أن يتجاوزه كنص في «السِيَر»، بل عالجه وتناوله في ما يشبه الحنين الذي تمكّن منه إلى الاشتراكية في بعدها الإنساني والأخلاقي، تلك التي ذوت وانحسرت، بعد حصارها من الرأسمالية المتوحِّشة التي كثيراً ما ندَّد بها وتناولها؛ وخصوصاً في مقالاته التي اشتغل من خلالها على تفكيك وقراءة المجتمع البحريني خصوصاً، والعربي عموماً، وتركيزه على «موضوعات الطبقات».
وبالنظر إلى نتاج ضخم، وعميق في جانب كبير منه، وخصوصاً في جانب الرواية، لا يمكن إلا أن يُنظر إليه باعتباره عرَّاب الرواية البحرينية، وتطور أشكالها ومضامينها وأساليبها على امتداد أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
كان هاجس التاريخ مسيطراً عليه، واتضح ذلك في الكثير من أعماله الروائية، ولعل التقاط روايته «الينابيع»، بأجزائها الثلاثة، تقرّبنا إلى محاولاته فهم الحاضر المتحول والمتوتر والمتشنج في البحرين، باللجوء إلى محاولة فهم سياقات التاريخ، عبر أبطاله، وخصوصاً البطل الرئيس في الرواية المذكورة «عوَّاد».
الرواية تلك فيها ما يشبه تتبّع ما يتجاوز القرن من التحولات التي شهدتها البحرين. وبأجزائها الثلاثة التي حمل كل منها عنواناً مستقلاً: «الصوت»، «الماء الأسود»، و «الفيضان»، وما يتبع ذلك من تقسيمات للفصول في كل منها، سيطرت فيها لغة الشعر على الكثير من مساحات السرد.
لا متسع وقت يتيح لنا الإحاطة بذلك الكم من أعمال خليفة، التي امتاز جزء كبير منها بالنوعية في المعالجات، والأساليب المتجدّدة، والسرد الذي يذهب في رتابته حيناً، وسلاسته حيناً آخر.
وفي استحضار ربما لبعض أعماله الأولى، وتحديداً العام 1975، مع مجموعته القصصية «لحن الشتاء»، وصولاً إلى أعمال مثل: «يوم قائظ»، «سهرة»، «سيد الضريح»، «جنون النخيل»، «الرمل والياسمين»، «دهشة الساحر»، وفي الرواية، «نشيد البحر»، «الضباب»، «أغنية الماء والنار»، «الهيرات»، «القرصان والمدينة»، «اللآلئ»، «الأقلف»، «رأس الحسين»، «ساعة ظهور الأرواح»، «محمد ثائراً»، و «ذهب مع النفط»، «عمر بن الخطاب شهيداً»، «عثمان بن عفان شهيداً»، «علي بن أبي طالب شهيداً»، وغيرها من الروايات، سنقف على منحيين، الأول متمثلاً في معالجاته للتاريخ عبر رجالاته، من دون أن ينأى عن اللحظة الراهنة فيما يشبه الإدانة للحاضر، ومتلمّساً ضوءاً ما في نفقه توجّهاً إلى المستقبل.
والثاني، اشتغاله على البحر، ليس باعتباره حيّزاً ومكاناً، بل باعتبار وعاء العذاب والمكابدات والصراع الذي عاشه إنسان هذا الجزء من العالم، وخصوصاً بلده البحرين، ويمكن الوقوف على أكثر من شاهد هنا، عبر قائمة من القصص القصيرة والروايات التي تناولت تلك الثيمة.
لم تنفصل معالجاته لمكابدة الإنسان مع البحر، مع المكابدات التي لها بدايات من دون أن تلوح لها نهايات على اليابسة، ضمن ممارسات استبدادية ووحشية، ترهنه إلى الذين يملكون السطوة والقوة، وهم يمتصون عناءه وثمرة جهده الذي يتم حرمانه منه، مضافاً إليه تكريسه ونفيه إلى ما دون الهامش.
لم يصدر ذلك الانحياز إلى الشقاء والعذاب الإنساني من خلال أبطاله في الروايات والقصص، فقط عن اتكاء وقناعة أيديولوجية ظل وفياً لها، وعمّق فهمه لها بما أصدر من أبحاث ومقالات مطولة، وحتى معالجات نقدية صدرت، بقدر ما تصدر أيضاً عن المعايشة والمعاينة، وإن خفّت وطأة وحشيتها ولكنها لم تنتهِ أو تفقد حيويتها وقناعتها بانتهاء ضغط وثقل ممارستها.
سنجد ذلك أيضاً في رواية «ذهب مع النفط»، بلغتها السردية. بالأنا التي تستثير الضمير لا «الأنا» التي حذّر منها وأشبعها تعرية وهجاء حادّاً. صوت الداخل حين يترع بالمعاناة، يكشفه خليفة، يقوله ويتمثله: «الفردُ الوحيدُ حين يُسحق، يُداسُ كحشرةٍ، ويقاومُ في هذا الوجودِ الممزقِ المتلاشي، يفقدُ رجولتَهُ وأبوتَهُ، هل يزول تماماً؟ هل يبقى فيه عرقٌ ينبضُ؟ بل حين يفقدُ كرامتَهُ، ويبيعُ كلمتَهُ، هل يتلاشى كلياً»؟!
وفي الاتجاه الفكري والفلسفي، كان له حضوره المتميز، جنباً إلى جنب مع مشروعه القصصي والروائي، وكأن كل تجربة تستمد رصانتها وقدرتها على تعميق وإنضاج أدواتها من ذلك التعدد والانفتاح، والانكباب على البحث، وليس ذلك وحده، بل الإضافة إلى ما يبحث فيه ويتحرّاه، في انتظام عجيب، وطاقة لم تعرف الكلل، مع نفَس عميق، ودرْبة تأتَّت له عبر الوفاء لانفتاحه على الفكر الإنساني بكل تبايناته واختلافه والصراعات التي نشأت فيه أو على هامشه. ولعل الشاهد هنا في عمله الضخم بأجزائه الثلاثة «الاتجاهات المثالية في الفلسفية العربية الإسلامية»؛ إذ صدر الجزءان الأول والثاني في 600 صفحة، وفيه يتناول المقدمات الفكرية والاجتماعية لظهور الإسلام والفلسفة العربية، فيما يتناول الجزء الثالث تشكّل الفلسفة العربية عند الكبار ممن مثّلوها في تلك الفترة الزمنية، من الفارابي حتى ابن رشد.
أما اشتغالاته النقدية فلم تخلُ من الجِدَّة والتتبّع والتفكيك، وترسيخ نظر نقدي، في فترات عانت الساحة هنا، والمنطقة عموماً من انحسار، باستثناء الجِدَّة من جانب الأكاديميين هنا، وعلى رأسهم البروفيسور إبراهيم غلوم، والراحل محمد البنكي، والأكاديمي نادر كاظم وآخرين، وربما لسنا بمنأى عن عدد من تلك الدراسات النقدية والفكرية، ومنها: «الراوي في عالم محمدعبدالملك القصصي»، الصادر في العام 2005، و «نجيب محفوظ من الرواية التاريخية إلى الرواية الفلسفية»، الصادر في العام 2007، و «نماذج روائية من الخليج والجزيرة العربية»، الصادرة في العام 2008.
وعلى تماس مع الموضوعات تلك، وعودة إلى المشروع الروائي، لم تكن رواية «الأقلف»، بمنأى عن طبيعة المعالجات التي عُرف بها واشتغل عليها، في تناولها موضوع التطرف الديني، ومحاولة البحث عن الخلاص، في بيئة/ مجتمع، عالم كثيراً ما ينساق ويركن إلى حياة القطيع!
ربما لزمن طويل، ستحتاج الساحة الثقافية والإبداعية هنا، إلى تذكّر أن القاص والروائي والباحث عبدالله خليفة، ظل وفياً لطاقته وقدراته وتنوعها، مثلما ظل وفياً لعذابات الإنسان الذي انحاز إليه وإلى عذاباته. وإنْ ظلت الإضاءات والقراءات والتناولات النقدية لأعماله شحيحة ويسيرة، وتكاد لا تُذكر - على الأقل في بلده - بات علينا، نحن الذين اعتدنا هنا وفي بقية الأقطار العربية، انتظار موت كبير وناشط وفاعل في حياتنا كي نبدأ درس النعي.
ولا ضيْر في مثل هذا التذكير: للجهات الرسمية خصوصاً، تلك المعنية بالثقافة، استكتاب نقّاد وباحثين يكشفون عن كمّ الجهد الذي بذله الراحل في صمت، ومداومته على نشر أعماله أولاً بأول، قراءة وتحليلاً وتناولاً منهجياً لتلك الأعمال، والعمل على نشر ما لم يتمكن من دفعه إلى المطابع ودور النشر التي احتفت به في أكثر من بقعة وبلد، من مصر إلى الجزائر، وغيرها من البلدان العربية.
لاشك أن رحيله يشكّل خسارة كبيرة، وفراغاً أكبر، يمكن تدارك شيء منه بالتصدّي لنشر مشروعات لديه أتم بعضاً منها، لاشك أنه وضعها على قائمة التأجيل.
العدد 4428 - الثلثاء 21 أكتوبر 2014م الموافق 27 ذي الحجة 1435هـ
الله يرحمه
من افضل الكتاب في البحرين، الوحيد من وجهة نظري الذي كان يملك القدرة على التحليل السياسي العميق في كتاباته، الله يرحمه
بو محمد
كما هو دائما .... قليل الكلام الى حد الصمت .... كثير الكتابة الى حد الثورة !
رحمة الله عليك.
أديبا احترم وآمن بصدق قلمه وفكره وهامة وطنية لم تنحني امام المغريات المادية
رحمه الله من المشهود لهم بالإنتاج الأدبي والفكر العلمي التحليلي ، ومن المثقفين المعروفين على المستوى المحلي والعربي وكان يميل الى العزلة حيث كنت أراه دائماً وحيدا في المنامة وبعيدا عن النفاق الاجتماعي والرسمي ومتفرغا لأعماله الأدبية والبحثية
الى رحمة الله الواسعة
الله يرحمه ويرحمنا برحمته. الفاتحة
كم هو مؤلم
كم هو مؤلم وحزين رحيل عبداللة خليفة ، هذا الفارس الأصيل والأخ الكريم والمفكر الفذ الذي لا يعوض في هذا الزمن الردئ ، وسيفقده الفكر المتنور العلماني في الساحة المليئة بالشعوذات
الله يرحمه
كل المرحوم يساري أصيل رفض التحالف مع التيارات الرجعية تحت اي ذريعة تعلمنا منه اليسارية الحقيقية البعيدة عن الانتهازية
الله يرحمه برحمته
يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيتا مرضية 'ادخلي في عبادي وادخلي جنتي
رحمة الله عليه
الفاتحة لروحة ولروج جميع موتى المسلمين
محمد الموسوي \\\\ الكويت
الله يرحمه ويغفر له عظم الله اجركم واحسن الله عزاكم يا اهل مملكه البحرين